مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

منبر القادة: التقوى مفتاح الجنة

الشهيد الشيخ راغب حرب رحمه الله


عباد الله، إنّ الله تعالى وعدنا وعدَ الحقّ، ولن يخلف الله وعده أبداً. إنّ الله علّمنا بسيرة الرسل والصالحين ممّن سبق، أنّه ما من عبد تولّى الله إلّا كان الله له وليّاً وناصراً، وأنّ الله تعالى يمتحن عباده، فإنْ وجدهم أهلاً لرحمته أنزلها، وإنْ أنزل الله رحمةً منه، على عبده أو عباده، فلا ممسك لها.

*مقدّمة النصر
علّمنا الله تعالى أنّه يمتحننا، وأنّه تعالى يبتلينا بشيء من الخوف، ويبتلينا بنقص من الأموال، ويبتلينا بنقص في الأنفس، وبنقص في الثمرات، وأنّه إنْ صبرنا فمن عند الله لنا البشرى.
علّمنا الله تعالى أنّه ما من نبيّ بعثه الله للناس رسولاً إلّا امتحنه، فلمّا وجد صبره نصَرَه. أيّها الناس إنْ كنتم ترَون بعض ما يضيق على المسلمين حملُه، في بعض الأحيان، أو يصعب حمله، فإنّ ذلك، باستمرار، هو مقدّمة النصر.

*اجعلوا التقوى سلاحكم
ولن أزيد على ما قال أمير المسلمين [الإمام الخميني قدس سره] حيث قال مخاطباً المسلمين جميعاً:
"ها قد أصبحنا في منتصف الطريق، لا شكّ في أنّنا منتصرون بحول الله وقوّته"، إذا كنّا نرى في بعض زوايا الأرض، بعض الظلام، فإنّ نور الفجر لمن ينظر إلى مشرق الدنيا جليّ، واضح، نور الإسلام جليّ واضح، ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران: 139)، فاتّقوا الله تعالى واجعلوا التقوى سلاحكم. اجعلوا التقوى سلاحكم للردّ على الشائعات، للردّ على المخاوف، للردّ على الإغراءات. اجعلوا التقوى سلاحكم ولتكن التقوى هي السلاح. فإنّكم إن حقّقتموها حقّقتم الخير الكثير.

إن حقّقتم التقوى، فقد حقّقتم كلّ شيء. تستحقّ التقوى أن يدفع ثمنها الحياة، تستحقّ أن يدفع ثمنها شيء كريم جداً. التقوى تستحقّ ثمناً عظيماً، فلا تبخلوا في دفع أثمانها، [لأنكم] إن اتّقيتم الله، يتقبّل الله كلّ أعمالكم.

*شفيعتنا في تقبّل الأعمال
أمير المؤمنين عليه السلام في مجال ذكر قبول العمل يقول له أحدهم: لِمَ تكثر يا أمير المؤمنين؟ أنت تكثر من الإنفاق، تكثر من العمل، تكثر من الدعاء، تكثر من التضرُّع والبكاء بين يدي الله، لِمَ تفعل كلّ هذا؟ قال عليه السلام: لو علمت أنّ الله قد تقبّل منّي واحدة لاكتفيت.
أيّها الناس لو تقبّل الله عملنا لفزنا. ولكن التقوى تستطيع هي أن تكون شفيعتنا لله، ليتقبّل أعمالنا؛ لأنه تعالى حصر قبول العمل بالتقوى، فقال: ﴿يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة: 27).

أيّها الناس، إذا كنتم تخشَون من ضيقٍ في حياتكم فعليكم بالتقوى، فالله تعالى يقول: ﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (يونس: 62).
نحن نريد أن نكون أولياءك يا رب، فكيف يكون الذين آمنوا وكانوا يتّقون؟ ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (الطلاق: 2 - 3)، لو أنّ السموات والأرضين كانتا على عبد رتقاً ثم اتّقى الله لجعل الله له منهما فرجاً ومخرجاً" (1). ليس فقط في السجون والمعتقلات، بل في أيّ مكان، لجعل له منهما فرجاً ومخرجاً.

*تتزيّن الجنّة للمتّقين
مَنْ ذا الذي يذكر الجنّة فلا يحنّ إليها؟ تلك التي لا حرَّ فيها ولا برد، لا شمس ولا زمهرير(2)، تلك التي شرابها مزاجه كافور(3)، تلك التي يشرب فيها الناس من عين تُسمّى سلسبيلاً(4)، تلك التي يكون فيها الناس على الأرائك، تلك التي ينـزع فيها من قلوب الناس الغِلُّ، فتغدو الحياة مثل الورود، عيشاً ظليلاً، تلك الجنة من كان يطمع في مفتاحها فإنّ مفتاحها التقوى، سند ملكيتها التقوى، لأنّ الله أعدّها للمتقين، ولأنّها إذا تزيّنت فإنّها تتزيّن للمتّقين ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (الشعراء: 90)، تُحضَر إليهم إحضاراً.

التقوى هي سلاحنا، هي عامل صبرنا، هي عامل وحدتنا، هي عامل قوّتنا، هي التي نكمل بها نصف الطريق الآخر، إلى رضوان الله، ونصر الله، عزَّ وجلَّ، بقيادة أميرنا وقائدنا عبد الله الخمينيّ حفظه الله وأبقاه.

التقوى لها باب واحد يدعو الله الناس إليه بكرةً وعشية، في كلّ وقت وفي كلّ لحظة، سراً وعلانية يدعو الذين أخطأوا قليلاً، أو قصّروا قليلاً، أو الذين أسرفوا في التقصير والخطأ والتقوى ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر: 53)، ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (نوح: 10 - 12).


(*) من خطبة للشيخ راغب حرب رحمه الله، تاريخ 10/12/1982.
1.نهج البلاغة، (131).
2.
﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (الإنسان: 13).
3.
﴿يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (الإنسان: 5).
4.
﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (الإنسان: 18).

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع