مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي: نداء الشهداء ملكوتيّ(*)



إنه اجتماعٌ نورانيّ عطر، فيّاض بالمعاني؛ فالشهداء هم من الشرائح المتفوّقة ونخبة المجتمع، وهم من الطلبة الجامعيّين والفنّانين والمعلّمين وتلامذة المدارس. أستاذٌ جامعيّ يتوجّه إلى جبهات القتال ويستشهد، وفنانٌ يلتحق بالجبهات ويستشهد، وطالبٌ جامعيّ يقاتل ويستشهد. هذا يدلّ على أنّ دوافع التضحية وحوافز الشهادة في سبيل الله رائجة ومنتشرة في مختلف ساحات مجتمعنا. إنّ هذا الأمر على جانب كبير من الأهمية.
 
كان بعضهم نوابغَ حقاً، كانوا فنّانين، ومعلّمين، وأساتذة، ذهبوا إلى الجبهات وقدّموا أرواحهم واسترخصوا الأعمار في سبيل الله ومن أجل الأهداف؛ وهو أثمن ما يمتلكه الإنسان من الأمور المادية. إنّ هذا لأمر مهمّ جداً.


*إحياء ذكرى الشهداء: استمرار وبقاء
تعتبر ملتقيات إحياء ذكرى الشهداء استمراراً لمسيرة الجهاد والشهادة. ولو لم يتكرّر ذكرُ أسماء شهدائنا فيكرّمون ويعظّمون، ولو لم يتحوّل احترامهم واحترام أُسرِهم في مجتمعنا إلى ثقافة، لطوى النسيان الكثيرَ من هذه الذكريات القيّمة والثمينة، ولكان هذا التعظيم الكبير الذي يظهر في المجتمع بفضل مسيرة الشهادة قد غاب في مطاوي النسيان. ينبغي أن تصبح ذكرى الشهداء وذكر أسمائهم والبحث في سيرهم والتدقيق في زوايا حياتهم يوماً بعد يوم أكثر رواجاً في أوساط المجتمع. وإذا ما حصل هذا الشيء فستبقى قضية الشهادة - وهي الجهاد الحقيقيّ في سبيل الله - قوية راسخة في مجتمعنا. وإذا ما تحقّق هذا الأمر فلن يُمنى المجتمع بالهزيمة، بل سيتقدّم باستمرار. وهذا الأمر هو تماماً كسيرة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام وما حدث له. وها قد مضى اليوم أكثر من 1300 عام على استشهاد سيّدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وما زالت قضيّة الحسين عليه السلام تتعاظم وتكبر يوماً بعد يوم.

*أحياء عند ربِّهم
يقول الله تعالى عند ذكر الشهداء إنّهم أحياء: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ (البقرة: 154)، ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ (آل عمران: 169-170). في هذه الآيات القرآنية معارف صريحة، لا يمكن لأيّ مسلم أن يغضّ الطرف عنها. وإنّ كلّ من يعتقد بالإسلام والقرآن الكريم يجب أن تتجلّى هذه المعارف أمام عينيه. تقول الآية القرآنية الشريفة إنّهم أحياء وإنّ حياتهم لهي حياة واقعيّة، وحياة معنويّة، وهم يرزقون عند الله تعالى، بمعنى أنّ فضل الله تعالى وبركاته تنهمر عليهم دون انقطاع.

*فرحين بما آتاهم
ماذا يحدث عند الجانب الآخر للحدّ الفاصل ما بين الحياة والموت؟ ما الذي يعرفه البشر عن ذلك العالم وتلك النشأة المجهولة؟ إنّنا نعلم أنَّ الشهداء راضون مسرورون فرحون، ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ، وفوق ذلك ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم (آل عمران: 170)، أي إنّهم يتحدّثون معنا ويخاطبوننا: ﴿أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (آل عمران: 170). هذا شيء مهمّ للغاية. يجب أن نوجِد في أنفسنا هذه الأُذُن التي يمكنها أن تسمع نداء الشهداء الملكوتيّ. إنّهم يبشّروننا ويخبروننا بأنْ لا نخاف ولا نحزن: ﴿أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. فنحن نصاب بالخوف نتيجة حالات الضعف عندنا، ونعاني من الحزن، وهم يقولون لنا [يجب] أن لا نخاف ولا نحزن.

إنّه لأمر مهمّ أن لا يصاب المجتمع بالخوف والحزن في مسيرة تقدّمه، وأن يسير ويتحرّك بأمل. هذه هي رسالة الشهداء لنا، وينبغي الاستماع إلى هذه الرسالة.

*إحياء ذكرى الشهداء: أولوية
لديّ اعتقاد راسخ بأنّ إحدى الحاجات الأساسية للبلد هي إحياء ذكرى الشهداء، وأنّ هذه الحاجة تبدو ضرورية وحيوية للمستقبل.

إنّ ثقافة الشهادة هي ثقافة السعي والتضحية وبذْل النفس في سبيل الأهداف البعيدة الأمد، المشتركة بين جميع الناس. وطبعاً، ليست تلك الأهداف خاصّة بشعب إيران ولا بالعالم الإسلاميّ، بل هي أهداف عالم الإنسانيّة. وإذا ما تكرّست هذه الثقافة لدى شعب، لأصبحت في الجهة المقابلة تماماً لثقافة النزعة الفرديّة السائدة(1) في الغرب، والتي تقيس كل شيء بمعيار المصلحة الخاصة والنفع الشخصيّ، وتقيّم كل شيء بمعيار ماليّ وقيمة العملات النقدية، وكلّ هذا الأمر بهدف الحصول على المال والنفع الماديّ. وهذا مناقض لثقافة ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ (الحشر: 9). فهؤلاء أفراد يعملون بالإيثار وبثقافة الإيثار والصفح والتضحية بالنفس من أجل مصير المجتمع والشعب.

إذا ما انتشرت هذه الثقافة وعمّت، وإذا ما توفّرت لأيّ بلد وأيّ مجتمع، فلن يتراجع إلى الوراء، بل سيتقدّم إلى الأمام. إنّ إحياء ذكرى الشهداء يحيي هذه الثقافة.


(*) من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء أعضاء ثلاثة مؤتمرات: أعضاء لجان الملتقى الوطني للشهداء من الطلبة الجامعيين، وملتقى تكريم ذكرى الشهداء الفنانين، وملتقى الشهداء المسرحيين، في 16/2/2015.
1.أو ثقافة الاتجاه الفردي، الناشئة من محورية الفرد (المعرِّب).

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع