يوسف سرور
سقىَ لقاكَ جناني فامتلاَ علقا |
وهبَّ في اصغريَّ الشوقُ فانطلقَا |
يا سيدَ الخلقِ طيرُ العشقِ أولهني |
لأن أراكَ فشعت مهجتي ألقا |
وطفتُ في تلعاتِ الحبِّ مرتشفاً |
من سحرِ جفنيكَ ماءَ الروحِ والغدقَا |
وسرتُ وسطَ ربيعِ الطهرِ فامتلأتْ |
في الضلوعُ وروداً عطرها عبقا |
وهل للعين سحرٌ فارتمتْ ولهاً |
ورف في القلبِ طيرُ الوجدِ فاحترقا |
وجيء بالنبأ الميمونِ يحملهُ |
جبريلُ فخراً، فشُقَّ البدور وانفلقا |
وطأطأ الكونُ اذعاناً وقالَ لهُ |
هاكَ الفؤادَ فما لي في الوجودِ بقا |
يا سيد الرسل الأطهار أنت لنا |
في كل أرضٍ سراجٌ طابَ مرتفقاً |
في يومِ مولدكَ اخضرَّ الوجودُ سناً |
وقامَ يغرسُ في أكنافهِ حبقا |
لولاكَ لم يخلقِ اللهُ الوجودَ ولمْ |
يجعلْ نهاراً، ولمْ يتبع بهِ غسقا |
فأنت ظلُّ إلهِ العرشِ، شمسُ هدىً |
عن مقلتيكَ بريقُ الحقِّ ما افترقا |
وأنت سر بقاءِ الكون، زينتهُ |
لولا مقامكَ لاحتُزَّ المدى مِزَقا |
وأنت رمز إباءٍ، عنفوانُ فدىً |
أمينُ وحي، صدوقٌ، ترجمانُ تقَى |
وأنتَ أنتَ رسول الله صفوتهُ |
قد اجتباك صعيداً للهدى زلقا |
أتيت مكةَ والأصنامُ شامخةٌ |
وفي سماء جموعِ العالمينَ شقَا |
واللاتُ تبرزُ والعزَّى سواعدها |
والناس ترتع في سوح الخنا فرقا |
وفي بقاع الورى يسمو سُواعُ علاً |
يفتن بالناس مما زادهم رهقا |
فذا يغير على إخوانه عنتاً |
ذاك يظهر في ثوب الخداع نقا |
حتى اجتثثت خصال الجور من دمهم |
وسرت تحفر في أرض الفدا طرقا |
فإن مررت بهم قالوا: الأمين أتى |
وإن قصصت لهم قالوا: لقد صدقا |
وإن عصوك بأمر يوم ملحمةٍ |
صحت اذهبوا رحمةً إذ أنتم الطلقا |
هلَّ الرسول على أفق الورى فسقى |
من سار في فلكه الحسنى، ومن فسقا |
وقام يعمر للإسلام أعمدة |
بها التراب وعلياء السما التصقا |
بسيف حيدرة من مال زوجته |
روى الرسالة حتى ركنها بسقا |
وحمزة المجد اردى كيد مبغضه |
وشيبة الحمد في وجه العدى بصقا |
وجحفل الحق أجرى في مسيلمة |
حكمة السماء بما أبدى وما اختلقا |
حتى شدا بلبل الإسلام في شغف |
شرع الرسول ورواد الهدى اعتنقا |
وأشرقت أرضنا بالنور، واكتنفت |
وحي السماء، وسر الأفق واغتبقا |
وقفت أرجو بباب العفو مغفرة |
وبابكم يا أبا الزهراء ما انغلقا |
فكن شفيعي يا سر الوجود ومنْ |
لولاك مدماكُ هذا الكون ما خلقا! |