مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مقابلة : الباحث التاريخي

حوار: علي المسمار

السفر في العوالم العلمية لا سيما التاريخية منها، يحتاج الراكب فيها إلى إرشادات تارة وأخرى إلى زاد، وهذا الأمر لا يتم إلا على أيدي أناس خبروا السفر ووعورة الطريق ومسالك الدروب، من بين هؤلاء رجل امتلك من الخبرة والعمل ما شهد له القاصي والداني خصوصاً في كتاباته التي اعتمدت في وسائل البحث والدراسة والاستفادة العملية وكانت لآرائه فيها بسبب ضلوعه في هذا العالم ما أثر على مجريات بحوث واستنباطات عديدة. أنه العالم والمحقق، السيد جعفر مرتضى العاملي الذي تشرفت مجلة بقية اللَّه بلقائه ومحاولته وقد تكرم بإفراد وقت عزيز عليه ليجيب لأول مرة على أسئلة مجلة محلية وعالمية.

● من أين ينطلق الباحث التاريخي؟
الباحث التاريخي يبحث عن الحقيقة كأي باحث آخر لأنه لا فرق بينه وبين غيره من الباحثين إذا كان هناك أي مشكلة على الصعيد العلمي والعملي سواء في حقل التاريخ أو في حقل الأمور الاعتقادية أو في حقل التفسير أو في أي حقل آخر إذا كان هناك أي مشكلة لا بد من أن ينطلق لحلها من خلال ما يتوفر لديه من معطيات يستطيع بواسطتها مواجهة هذه المشكلة من أجل أن يضع لها الحلول المناسبة والتي يرى أنها هي الأقرب إلى الواقع وهي الأصح وهي الأكثر ثباتاً أمام النقص.

ومن ثم فإن الباحث التاريخي ليس لديه وسائل تختلف عن وسائل غيره من الباحثين فكل الوسائل التي يتوسل بها الباحثون لإحقاق الحق وأبطال الباطل وإبعاد المزيف وتنقية الفكرة أية فكرة كانت كل هذه الوسائل قد يحتاجها الباحث التاريخي. فقد يحتاج الباحث التاريخي إلى وسائل البحث في علم التفسير وإلى وسائل البحث في الشؤون العقائدية وإلى وسائل البحث في الجغرافيا ووسائل البحث في علم الإنسان وما إلى ذلك باعتبار أن هذا الطريق أنما هو عبارة عن تأثيرات الكائن البشري في الواقع "على صفحه الوجود وفي العالم الخارجي" وهذه التأثيرات تختلف وتتفاوت ربما تكون هذه التأثيرات تصب في خانة التكوين الاجتماعي أو التكوين النفسي أو الرؤية لإنسان ما أو لمجتمع ما أو تصب في خانة التحولات والتقلبات الطبيعية التي مرت على أمة من الأمم أو شعب من الشعوب وتأثرت بها، ومن خلال هذا التأثير تنطلق لتؤثر في سائر ما تمارسه وما تواجهه على أساس هذه الخلفية أو على أساس هذه الركيزة التي نشأت من خلال التأثر بالأحدا.

المهم أن الباحث التاريخي لا يمكن أن نحدد له نقطة للبدء لأنه قد يضطر أن يبدأ من أي نقطة قد يواجه حدثاً ويريد أن يعرف الصحيح من غير الصحيح فيه، فلا بد أن ينظر في العناصر المكونة لهذا الحدث والمؤثرة فيه والناتجة عنه وكل عنصر من هذه العناصر يكون له جذوره في نهج آخر أو في علم آخر أو في علم آخر أو جو آخر، لا بد أن يبحث ويلاحق هذه الجذور ويبحث عنها ويكتشفها، إذاً الباحث التاريخي قد يضطر لأن يمارس دور سائر الباحثين حتى في أحيانٍ كثيرة بالنسبة لقضية واحدة يواجهها، لأن هذه القضية كما قلت قد تربطنا بالتكوين الفكري وقد ترتبط بالتكوين النفسي والروحي والحالات الروحية للإنسان، قد ترتبط بوضع معين في العلاقات السياسية أو في النواحي العقائدية وما إلى ذلك إذاً لا يمكن تحديد نقطة مركزية يبدأ منها ويتحرك بل كل النقاط محتملة.

● نستطيع أن نقول أن نقطة البدء هي طلب الحقيقة؟
أحسنتم يمكن هذا.

● عناصر البحث التاريخي وعناصر النجاح للباحث؟
قد أشرت إلى ما يرتبط هذا السؤال، أن عناصر البحث التاريخي.

● نريد التحديد.
لا يمكن تحديدها بجهة معينة فقد يكون المؤثر في الحدث الإنسان نفسه وقد تنشأ من دوافع شهوانية قد نشأ من طموحات باطلة وقد ينشأ من غرائز معينة وقد ينشأ من رؤية خاصة للحياة وللكون وقد ينشأ من عوالم طبيعية فإذا لا يمكن أن نقول أن المفروض على الباحث التاريخي أن يقتصر على وسائل محددة في مجالات بحثه لأنه وكما قلت قد يضطر إلى استخدام كافة الوسائل لاكتشاف الحقيقة فكل خصوصياتها وبكل مفرداتها الصغيرة والكبيرة باعتبار أن هذا الكون وهذا الإنسان المؤثر في هذا الكون والمتأثر به أيضاً فلا ينحصر التأثر في ناحية ما وفي خصوصية ما.

● النقطة التي ينطلق منها والعناصر التي يستخدمها الباحث هل هي التي تؤثر بنجاحه وبفشله مباشرة؟
هذه قضية ترتبط بمدى قدرة الباحث على تشخيص المفردات التي يواجهها والتي تحتاج إلى أن يستجمع الوسائل التي تنفع في كشف الحقيقة فيها، مثلاً حينما يكون الباحث باحثاً إسلامياً فيعرف أن هناك ثورة في عالم المفاهيم وفي عالم العقائد وعلى بناء الإنسان، وأن ثورة تغييره في أساس بنية هذا الكائن البشري حدثت ببعثة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسلم فلا بد أن يبحث في كثير من القضايا التي ليس لها خصوصية بالشأن التاريخي مئة في المئة، كما قلت هو صناعة الإرادة وهو كثير منه يخضع للمتغيرات التي تطرأ على النفس وتطرأ على الفكر وعلى المفاهيم وعلى الحالات النفسية للإنسان وأيضاً تكون كثيرة من القضايا خاضعة لمتغيرات الطبيعة، فلو حصل زلزال ما واثر في البنية الاجتماعية ودمر منطقة كبيرة فلهذا التدمير آثاره على روحية الناس وله آثاره في البنية الاجتماعية التي ستنشأ على أنقاضه وله آثاره في العمل السياسي وفي التوجهات السياسية التي ربما تتأثر بنتائج الزلزال الذي حدث لهذه المنطقة، هناك مشكلات اجتماعية وإنسانية تنشأ من هذا الزلزال، إذاً سوف تؤثر في كثير من تصرفات المجتمع وفي كثير من توجهات المجتمع، ربما ينشأ عن هذا الزلزال وضع اقتصادي مستجد، أيضاً هذا له تأثيره في صنع الحدث وفي توجهات الناس وفي حركة الناس وفي كثير من القضايا التي يفترض أن يواجهوها في حياتهم.

إذاً حتى الحدث الطبيعي قد ينعكس كما قلت ويكون له تأثيراته على مختلف الشؤون الحياتية لهذا الإنسان سواء من خارج ذاته أو من داخل ذاته مباشرة، وفي صياغة شخصية ربما، وله تأثيراته على كثير من شؤون حياة هذا الإنسان، "بالطبع هذا باختصار"، إذاً لا نستطيع نحن أن نفرض على أي باحث أن يتوسل بوسيلة بخصوصها بل ربما نضطر لأن يبحث في كثير من الأمور التي قد نجدها في ظاهر الأمر بعيدة عن القضايا التاريخية مع أن هذه القضايا التاريخية قريبة ولها مساس مباشرة فيها أحياناً وهذا أمر طبيعي جداً، مثلاً نجد أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسلم احدث هذه الثورة في عالم المفاهيم والعقائد البشرية، وفي البنية الاجتماعية والسياسية وفي التركيبة القبلية والعشائرية والأسرية وفي كل شيء، هذا كله لا بد أن يأخذه الباحث التاريخي كوسائل لكشف الحقائق، لا بد أن يتوسل من خلال هذه التغيرات التي حدثت ليعرف الحدث الذي صنع في هذا الجو واحتضنته التغيرات ذاتها ولا يمكنه فصل هذا الحدث عن هذه التحولات التي نشأت والتي كما قلت ربما أثرت في نشوء هذا الحدث بالذات.

● ما هي المعوقات التي يواجهها الباحث؟
المعوقات التي يواجهها الباحث في كثير من الأحيان تكون من داخل ذاته وتكون ربما في كثير من الأحيان رؤيته رؤية غير متكاملة للحدث أو لعله لم يستوعب كثيراً من القضايا التي تؤهله لأن يفهم الحدث ويتعامل معه بسلامة وبدقة ولا تؤهله لأن يلاحق المؤثرات الحقيقية والنتائج الحقيقية والظروف وجزئيات الظروف التي نشأ الحدث في محيطها، فهذا يكون معوقاً داخلياً باعتبار أنه لا يملك الوسائل الكافية ولا الرؤية الكاملة ولا المؤهلات الكاملة التي تعطيه القدرة على أن يواجه الحدث بشمولية وعمق ودقة وبانفتاح وبمرونة أيضاً، كثيراً من الناس ربما يواجهون الحدث بعدم مرونة (لو صح التعبير) وبنوع من الجفاف ونوع من القساوة والعمل الأكاديمي الجاف جداً الذي لا يقبل الانعطاف بحسب ما تقتضيه الحالات الإنسانية بصورة عامة والتي كان لها تأثيرها في كثير من الأحيان في صنع الحدث،.

هذا معوّق داخلي، وهناك معوقات خارجية من خارج نفس الباحث وروح الباحث وعقل الباحث وفكر الباحث والوسائل التي تتوفر لديه، فهناك تزوير كثير كما تعرفون لكن الأصل المهم في الموضوع توفر الشواهد الدقيقة التي تعنى بنقل الحدث كما هو، لو فرضنا حصل أمر من الجهة الثانية وجاءك إنسان وأخبرك وتسأله عما حصل، هذا يروي لك الحدث وهو صادق لكن بطريقة تختلف عما يرويه لك شخص آخر وهو صادق أيضاً، فبسبب مستواه الفكري وبسبب الأشياء التي ألفتت نظره فهو تلقى الحدث وكانت هي تعيش في داخل ذاته ومن داخل فكره وفي حالاته وفي توجهاته، ففهم كثيراً من المؤثرات والنتائج من خلال ما يعيشه هو ومن خلال مستواه الفكري والروحي والنفسي وثقافته والمحيط الذي نشأ الحدث فيه، فكل منهما ربما يكون صادقاً فيما ينقل وأحياناً تنشأ من خلال هذه النقول نوع من المفارقات التي ترجع إلى أهداف سياسية أحياناً ومصلحية أحياناً، كثيرة من القضايا التي يعيشها الناقل نفسه تنعكس على ما ينقله وعلى مستوى النقل وعلى مستوى الدقة في النقل وعلى ما يريد هو وما يختار هو أن يظهره وما يختار أن يخفيه.

هذه الأمور تؤثر كثيراً ولذا يحتاج الباحث إلى مهارة فائقة لاستخراج الخصوصيات ليس من خلال الناقلين فقط وإنما كثيراً ما يحتاج إلى أن يفهم محيط الحدث ومناشىء الحدث ليس من داخل هذا النص وإنما من نصوص أخرى، وإنما من فهم عام للسياسات والتوجهات والحالات الاقتصادية والنفسية للمجتمع، فإذاً توفر الرواية وتوفر النقل السليم أحياناً لا يكون ميسراً وفي كثير من الأحيان قد يكون هناك نقص ليس في المواد وإنما من حيث التزوير المفروض على الآخرين ولم تكن وسيلة للتخلص منه ولإبعاد آثاره عن التراث أو عن قضايا التراث إلى ما هنالك، المهم أن المعوقات الأساسية هي تكمن في قلة المادة أحياناً وفي رؤية الباحث أحياناً أخرى وفي أماكن الاستشراف لمختلف النصوص التي تصب في هذا الاتجاه، وقد يكون هناك حدث يحتاج إلى دراسة مئة سنة قبل حدوثه من الحياة السياسة ومن الحياة الاقتصادية أو من التطور الاجتماعي أو المفاهيم، وإذا كان هناك نقص في هذا المجال أظن أن الباحث سوف يعجز عنه وأهم شيء هو القدرة الفكرية لدى الباحث، مشكلتنا في البحوث التاريخية ولا سيما إذا كان تاريخاً للإنسانية وتاريخاً للبشرية بما هم بشر وبما هم أناس، أن هذا البحث هو أصعب بحث على الإطلاق.

أظن أن الذي يريد أن يكون باحثاً حقيقياً ويرضي هذا البحث ضميره ويرضي وجدانه لا بد أن يكون على مستوى من العلم يختلف كثيراً عن مستوى أي باحث آخر كما قلت إذا أراد أن يكون باحثاً جديراً بهذا الاسم في مجال التاريخ لا بد أن يكون على مستوى يصل إلى درجة الاجتهاد وحتى في سائر العلوم الأخرى لأنك وإذا أردت أن تبحث في سيرة النبي صلى الله عليه و آله وسلم، قول النبي وفعل النبي وسكوت النبي حجة ومؤثر في كل حركة للناس ومن كل موقف للناس وفي كل قضية تنشأ في زمنه، فإن موقف النبي وحركة النبي وفعل النبي قد يكون منشأ لأن تكتشف مفهوماً عقائدياً لا بد وأن تلتزم به وتعقد قلبك عليه، وقد يكون هذا الموقف أو هذه الحركة منشأ لارتباطات شعورية أو غير شعورية حب وبغض وولاء وعداء مع بعض الفئات والأشخاص من موقع المسؤولية العقائدية أيضاً، قد يكون هذ الموقف له تأثيره في فهم آية أو رواية وقد يكون تأثيره في فهم حكمي شرعي وتكليف إلهي.

إن الباحث التاريخي ولا سيما إذا كان تاريخاً للإنسانية والبشرية لا بد أن يكون مجتهداً حتى في سائر العلوم الأخرىوقد يكون له موقف واحد له ارتباط بكل ذلك وله تأثيره في النفس وفي السلوك وفي المشاعر لا بد أن تكتشف هذه التأثيرات أيضاً، قد يكون له ارتباط كذلك بعالم الجغرافيا، لو فرضنا جاءك حدث وقال فلان جاء إلى النبي وسلك الطريق الفلاني وأنت تعرف أن هذا الشخص لا بد أن يعرف ويحدد مكانهم وهذا الطريق هو طريق هذا الموقع ولعله ليس طريقاً له، قد يقولون جاء فلان من مكة فمر على مصر فقالوا له كذا ثم مر على الأردن فليست طريق مكة على الأردن ولا مصر إذا كان من مكة المدينة، فأنت تحتاج للبحث حتى في هذا فلان ابن فلان فعل كذا فقد لا يكون لهذا ابن أصلاً وبهذا الاسم، لا بد إذاً أن تبحث في هذه الأمور في قضايا الإنسان وفي حياة وممات الأشخاص قد يقال لك أن فلاناً مثلاً: ذو الشمالين فعل كذا سنة خيبر في كذا مع أن "ذو الشمالين" كان قد قتل مثلاً قبل خمس سنوات أو ست في غزوة بدر فلم يكن حياً في هذه القضية، هناك قضايا ترتبط بعلم الرجال ترتبط بعلم التفسير ترتبط بعلم الشريعة والأحكام والعقائد والجغرافيا وهناك كثير من القضايا ترتبط بالقضايا السياسية أحياناً بالعلاقات القائمة في المنطقة والتأثيرات والتأثرات الاقتصادية، فالإنسان الباحث في مختلف العلوم التي تمس تأكيد أو تفتيل هذا الحدث ولها ارتباط به بنوع من أنواع الارتباط.

● الأسباب المذكورة هي التي توجد التناقض بين الباحثين حول نفس الموضوع أم أن هناك أموراً أخرى؟
لا، كثير من الباحثين أظن أنهم يعتمدون وسائل ناقصة في بحوثهم يعني بعض الباحثين يحاول استنباط الحدث من خلال مناسبات يجدها في هذا النص، وذاك النص ويحاول الربط بين النصين من خلال هذه الاعتبارات الذوقية والمناسبات الاستحسانية هذا النوع من الباحثين، لا أريد أن أعده باحثاً أصلاً ليس بباحث لأنه قد يكون اعتمد على نص مكتوب فقد يكون ثمة نص مكتوب متناسب مع نص آخر مكتوب لأجل تبرير عمل معين أو تأكيد حدوث أمر معين لم يحدث أصلاً أو لأجل تأكيد تزوير من نوع معين يهدف لاستبعاد شبح أناس لا يريدون أن يكون لهم شأن في هذه القضية أو في تلك.

● لو استحضرتم مثالاً للمسألة؟
أكثر الباحثين هم المثال.

● أقصد نفس الموضوع؟
نعم، مثلاً لو أردنا البحث في قضايا مثل السقيفة أو ما جرى على الزهراءعليها السلام فهذا يقول لا يعقل أن الصحابة الذين جاهدوا أن يعتدوا على الزهراء وأن يفعلوا كذا وأن يحرقوا بابها ويضربوها ذاك يقول لا يمكن بل فعلوا أكثر من ذلك، لا بد أن يدرس واقع هؤلاء الناس وطموحاتهم أولاً تاريخهم وحتى الجغرافيا البشرية التي كانت قائمة في المجتمع إبان الحادثة هذا اعتمد في ذلك على استحسانه ولم يدرس واقع ونفسيات الناس ولا خلفياتهم ولا درس النص التاريخي أصلاً، أو حين نقرأ موضوع الفتوحات في صدر الإسلام اقرأ كل الكاتبين في الفتوحات كلهم عظّم ومجّد وبجّل وقال أن هذا هو الانجاز العظيم ومع أن الفتوحات لو درست بعقلية واقعية لخرج الإنسان بنتيجة أنها أضرت في الناحية العقيدية والسلوكية للمسلمين ولم تبنَ على أسس صحيحة إلى ما هنالك هل كانت الفتوحات قربة إلى اللَّه يعبدون اللَّه فيها وكانوا مخلصين في هذه الفتوحات أم كانوا يبحثون عن الأموال والنساء قد يكون هناك مخلصون وقد يكونوا غير قليلين ولكن هل هم الذين كانوا في موقع القرار وهم القوة الفاعلة والمؤثرة في مصير الفتوحات ونتائجها، لم يكن الأمر كذلك أما أن نأتي ونبحث هذا الأمر بعقلية الإنسان الذي تبهره الشعارات والتعظيم والتمجيد دون البحث في واقع ما حصل بصورة دقيقة وننساق وراءها ونستحسن ونبحث عن مشاهد طواها الدهر وقد تكون ربما مفتعلة لأن هذا التاريخ كتبه الحكام واشرفوا على كتابة فصوله فلا يعقل أن يكتب الإنسان ما يفشل هدفه بل لا بد أن يكتب ما يصب في الاتجاه الذي يسعى إليه، المهم أن هذه مفردات لم يحسن النظر إليها لم تكن نظرة من يبحث عن الواقع بتجرد ونزاهة وصفاء قريحة وحرية، وهذا المهم الحرية الفكرية ليس المقصود الضغوط فقد يتقيد الإنسان بمفاهيم مسبقة هي التي تقيده وتمنعه من التفكير بطريقة صحيحة ليس القيد دائماً مفروضاً بل قد يقيد الإنسان نسه بمفاهيم نشأت دون داع ودون مبرر، حكمت فكره ونظره ولهذه الأمور وموضوع الفتوحات من هذا القبيل.

● أحياناً ربما نجد أن الموضوع يصبح مسار جدل وبنفس الوقت عندما يكثر الحديث عنه يصبح مسلّماً عند الناس ولكن يأتي من ينقضه ولا يصدقه فمثلاً مثلث برمودا الذي شككتم بصحته؟
أنا لم أشكك بصحته أنا شككت بالتطبيق الذي أريد منه أن يغزو فكر وعقيدة الناس وأن يهيمن على فكرهم وارتباطاتهم بأقدس إنسان على الأرض وقلت أن هذا المثلث بالطريقة التي عرضت لا شك أن فيه حالات غير طبيعية لكن لم يكن هو القاعدة بل كان الاستثناء فلماذا اعرض على أساس أنه القاعدة ولا استثناء فيه مع أن حالته هي الاستثناء وقد عرض الأمر بطريقة عكسية تماماً نحن نعرف أن مثلث برمودا في بعض أيام السنة تحصل فيه حالات هيجان غير طبيعية يكون وضعه غير معقول بحسب الظواهر الطبيعية، أيام معينة من السنة وليس في كل أيام السنة كذلك فإن هذا الأمر لا يختص ببرمودا بل هناك مثلث الشيطان في ماليزيا وفي اليابان هناك مناطق شبيهة وفي الخليج هناك مناطق يحدث لها بعض الظواهر الملفتة فأن يطرح موضوع جزء برمودا أنه موضوع هو الحقيقة الثابتة ولا استثناء فيه "لا" الآن جزر برمودا مراكز سياحية وبرمودا من أكثر مناطق العالم تردداً للسفن ولوسائل النقل الجوية والبحرية غاية الأمر أن بعض الأيام بسبب تحولات جوية معينة يكون هناك تغيرات وأيضاً كان هناك حرب بين القوتين "العظمتين" وكانت حرب مخابراتية وحاولوا التأثير على بعضهم البعض بإشاعات من هذا القبيل ولا يعنينا هذا شيئاً فلماذا يطرح مثلث برمودا على أنه الجزيرة الخضراء وعلى أنه الحقيقية المسلّمة التي لا يمكن اختراقها وهي السر المبهم الذي لم يكتشف لغزه بعد، تلك جزيرة برمودا موجودة والناس يذهبون إليها ويعيشون فيها وفيه مركز سياحي موجود ويمكننا أن نذهب ونرى ونشارك في كل شيء.

● ما هو تفسير اختفاء بعض الطائرات؟
ليس هناك تفسير هذه حرب مخابراتية فيما بينهم وهناك حالات جوية في بعض الأيام بسبب موقع جغرافي معين له طبيعة معينة في بعض أيام السنة تنشأ هذه الحالات فتكون كوارث، كثير من السفن غرقت بشكل طبيعي وقبل أيام غرقت سفينة من أكبر سفن العالم بشكل طبيعي بسبب حالات مماثلة نشأت في بحر "اوقياس" العظيم أنت تعلم أن أكثر الأشياء غموضاً عند الباحثين هو البحر فكلما عشت في البحر ساعة اكتسبت خبرة ساعة وليس هناك سيطرة على البحار والأوقيانوسات العالمية ليس هناك سيطرة من أي طريق في العالم بل يأتيهم كل يوم بشكل جديد.

● ضمن الكلام عن الجزيرة الخضراء ذكرتم أنها واردة؟
لا كل الموضوع مختلق وهذا موضوع مختلق من أساسه.

● مثلاً في بحار الأنوار؟
وحتى صاحب البحار يشكك فيها أصلاً هذا لا سند له وهو مختلق يكفيها سوءاً أنها تثبت أمراً قامت الأدلة القاطعة على خلافه وتثبت أن القرآن محرف ومن قّص منه تحريفاً عمدياً، وثبت بالأدلة القاطعة التي لا مجال لنقضها أن القرآن حرفاً حرفاً وصل إلينا وهي من أدلة القائلين بتحريف القرآن مع الأسف ولكن المستدلين بها يحذفون هذه الفقرة بالذات لماذا؟ هذه خيانة!.

● ضمن الأمثلة للأمور التي تصبح مسلمة مثال على ذي النورين يقولون أن عثمان بن عفان قد تزوج من ابنتي الرسول وهناك رأي معروف لنا بالنفي؟
أنا قلت أنه لم يكن للرسول سوى بنت واحدة هي الزهراء وذكرت أحد عشر دليلاً على هذا الأمر في كتيب باسم "بنات النبي أم ربائبه" مطبوع وفي الصحيح أشرت إليه.

● هل يتمتع كل باحث بالجرأة لمخالفة التيار أن صح التعبير لا أقول تيار الشيعة؟
كثير من الباحثين يعتمدون وسائل ناقصة في بحوثهم فيصلون إلى نتائج مغلوطة، ومنهم من يربط النصوص على أساس الاعتبارات الذوقية والمناسبات الاستحسانية، وهذا لا يمكن عدّه باحثاً أصلاًكثير من الباحثين لا يلتفتون أن هذا موضع نقاش، فهذه المشكلة مثلاً أنا عندما قرأت حديث الأفك وهو معروف مبدأ كتابتي أني طالعت هذا الحديث والتفت بشكل مفاجئ إلى أن هذا الرجل الأساسي في هذا الحديث لم يكن حياً حين حصلت هذه القضية، هذا كان الباب الذي دخلت منه ولم أدخلت في البحث وجدت كثيراً من الأشخاص أما كانوا قد ماتوا أو لم يكونوا ولدوا بعد أو كانوا صغار السن لا يليق أن يصدر أن يصدر منهم ما نسب إليهم أو ما كانوا في المدينة وقدموا إليها بعد سنوات بالإضافة لمخالفة الحديث لنص القرآن إذاً قد يتم الإنسان ولا يلتفت أن هذا الأمر يمكن أن يناقش فيه.

لكن الذي يتصدى للبحث يصبح شكاكاً فكل ما يعرض عليه ينظر فيه إذا صح أولاً، هذه تنشأ من كثرة الممارسة وإلا فكثير من الباحثين يتصدون لإيجاد مناسبات بين ما ذكره الطبري بحيث يصوغون لك سيرة متناسقة وليس فيها استهجان بحسب الظاهر ويستبعدون ما يضرب ببعض النواحي العقائدية أو الروحية بنظرهم، ويحاولون صياغتهم بصياغة جديدة كما فعل محمد حسنين هيكل في كتاب "حياة محمد" فهو نفس سيرة ابن هشام والطبري ولكنه صاغ بصياغة جديدة وحسنة مألوفة وحذف الأسانيد ووصلها ببعضها واستبعد الاختلافات وإلخ...، فملاحظة المناسبات في النصوص التاريخية لا تكفي لتظهر أن هذه الحقيقة ثابتة أو ليست بثابتة، "العرش ثم النقش" أولاً اثبت ان هذا النص صحيح غير مزيف غير محرف لم يزد فيه ولم ينقص منه وبعد ذلك اثبت أن ذاك كذلك ثم انظر أين تكون المناسبة وكيف يمكن صياغة الحديث من خلالها.

● علماء الفقه ربما تتجرأ عليهم في هذا الموضوع الذين يهتمون بعلم الحديث وعلم الرجال بمرحلة الاجتهاد يفتي كل واحد حسب الاستنباط اعتماداً على الحديث أو الحادثة التاريخية فيفتي الأول فيعارضه الثاني أو يختلفان في الاحتياط الوجوبي والاستحباب؟
كما قلت هناك كثير من الأشخاص لا يلتفت لوجود خلل في الحديث الذي يستند إليه مثلاً قصة ذي الشمالين وقصة أنه صلّى خلف رسول اللَّه فسها النبي وسلم على ركعتين. في وقعة خيبر أو غيرها فيقول "ذي الشمالين" أقصرّت الصلاة أم نسيت يا رسول اللَّه فيقول النبي كل ذلك لم يكن ثم بعد ذلك سألهم فقالوا نسجد سجدتي سهو وأكمل صلاته. هذه القضية يقرأها إنسان فيحكم أن النبي يمكن أن يسهو بصلاته لأن هذه تدل على السهو ثم يحكم أن لو تكلم النبي بانياً على سهوه وقال له (كل كذلك) فيصح له أن يلحق بقية الصلاة لأن هذا التكلم مبني على السهو ثم يستخلص من هذه أحكاماً شرعية.

يأتي باحث آخر فيقول له هذه القضية كاذبة لماذا لأنها تعارض الحكم العقلي الثابت أن النبي لا يسهو ولا يخطئ ولا يعصي فإذاً لا يستطيع الفقيه الآخر أن يفتي بهذه الرواية فهذا يلتفت لشيء وذاك يلتفت لشيء آخر أو مثلاً يقول له أن هذه القضية غير صحيحة لأن ذو الشمالين قتل في حرب بدر فكيف يكون موجوداً بعد خمس سنوات فنفس هذا الشك يسقط القضية عن الاعتبار فيقول أنت أخطأت وأنا أصبت، طبعاً هذا طبيعي فأحياناً لا يكون نص أو هناك نص ولكن شخصاً من الرواة مختلف "فيه ثقة أم فاسق"، إذا ثقة فيمكن الاعتماد على رؤيته أو فاسق فلا، فأنت تجمع نصوص تثبت له هذا الرجل كان ثقة وتجمع لذلك شواهد قد تجد أشياءً من خلال مطالعتك للكتب وقد لا تجد، وأحياناً قدرة الإنسان على تتبع النصوص واستخراجها من المصادر لها مدخلية فقد يكون الإنسان عالم ومحقق وقوي الفكر ولكن قليل الخبرة لا يتتبع النص أو لا فرصة لديه لقلة وقته وكثرة أعماله لتتبع ما يرتبط بحال هذا الرجل ليثبت عدله أو فسقه فيعتمد على هذه الأمور القريبة منه ويحصل لديه اطمئناناً أن هذا الإنسان فاسق فيسقط روايته، يأتي شخص آخر ليس لديه مشاغل ذاك الشخص، ومصادره متوفرة والوقت كاف وعنده معرفة بمكان وجود النص فيتتبع ويبقى حتى يستخرج أن كان عادلاً فيأخذ بروايته ويفتي بمضمونها مثلاً وأحياناً قد يفتي بالاحتياط لأن مشهور العلماء أفتوا بالوجوب 90% و99% منهم، وقد يأتي شخص ويفتي بالاستحباب باعتباره حمل هذه الروايات على الاستحباب ومعظم العلماء حملوها على الوجوب وقد يأتي فقيه ويقول أنا لا أخالف المشهور فيفتي بالاحتياط الوجوبي فلا يستطيع فعل غير هذا حتى يخالف المشهور فهم رووا الرواية وهم افنوا بخلافها الآن حين يكون أمامك كل العلماء يروون هذه الرواية ولكن فتواهم بخلافها معناها أن هذه الرواية ضعيفة، وسيأتي بعض الأشخاص ويفتي بها ويطمئن لأن هذه الرواية صحيحة ويتخيل عدم فتواهم بها لأنهم ما عرفوا تأويلها هذه أمور بين الفقهاء عادية فالدستور الآن 70 مادة أو 110 باختلاف البلاد وقد يكون من 200 أو 220 مادة لكن يختلفون في تفسير النصوص حتى علماء القانون الذي كتبوه نص الدستور بأيديهم يختلفون في تفسير نصوصه هذا قرار الأمم المتحدة أراضي محتلة أم الأراضي المحتلة هم كتبوه وهم تلاعبوا فيه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع