يأتي شهر رمضان المبارك وهو يحمل معه كل المعاني الروحية التي يزخر بها من أدعية الأيام إلى أدعية الافتتاح والسحر والبهاء إلى المناجاة والأحياء للياليه ومنها ليالي القدر بما تتضمن من أعمال خاصة وفقرات لا بد من تكرارها وهي تستغيث الله وتتوسل إليه بضرورة أن يخلصنا من النار.
ويأتينا شهر الله بنداء السماء إلى الأرض أن توبوا إلى الله وعودوا إلى الرشد والجادة القويمة، فها هو شهر التوبة يبحث عن التائبين، وها هو شهر العتق من النار يفتش عمن يستأهلون الانعتاق من جهنم، أليس الشهر هو شهر الضيافة الإلهية وقد علمنا الله أن نبالغ في الإكرام إذا ما دعونا أناساً إلى ضيافتنا وهو سبحانه أكرم الأكرمين قد أعد لنا مائدة لا توصف بأصنافها ولا تجارى بفضلها، فالأنفاس تسبيح والنوم عبادة والدعاء مستجاب والأعمال مقبولة والشياطين مغلولة وأبواب الجنان مفتحة وأبواب النيران مغلقة...
والشهر الكريم هذا هو شهر التوحيد الخالص لله سبحانه "الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها" كما في دعاء الافتتاح.
وهو أيضاً شهر الدعوة له عزّ وجلّ وإلى التدين بدينه، وشهر إرشاد الضالين ليوضع أمامهم الدليل إلى هدايتهم، ومَنْ أولى من العلماء والمبلّغين للاضطلاع بهذه المهمة العظيمة والخطيرة في آنٍ، وقد كان الإمام الخميني الراحل قدس سره يجمع الطلبة والمبلغين قبل سفرهم إلى التبليغ في شهر رمضان المبارك ويؤكد عليهم ضرورة الاهتمام بالبرامج الأخلاقية لأن صلاح العلماء يسري على الناس، وأن صلاح الناس هو بفضل سيرة الهداة والمبلّغين فيقول "لاحظت في بعض المدن التي كنت أذهب إليها في الصيف أن الناس مؤدبون مهذبون. والسبب في ذلك كما تبين لي هو أن عالم تلك المنطقة إنسان متق وصالح". وكان يقول لهم: "أتوقع مستقبلاً مظلماً وأياماً سوداء إذا لم تصلحوا أنفسكم".
نذكر كلام الإمام ونحن نتأمل الواقع الذي وصلنا إليه حيث تعقد المؤتمرات باسم التبليغ ويسمع كل الناس الحوارات والنقاشات والكلمات التي باتت تشو من انعدام الوزن ويسود التنظير ونشر الغسيل ولا يفرَّق بين صالح وطالح، وربما كان السبب في كل الكلمات الثورية أن في أمتنا من خطف الأضواء عن الزعامات التقليدية التي لو بقيت كما تطمح لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه في مواجهة الاحتلال ولما كانت المقاومة الإسلامية متجذرة كما هو حالها حالياً، وليسمح لنا من يخاف علينا أن لا نقلّد الأعلم فنحن اعلم بمصلحتنا، إلا أننا لن نقلِّد اعلم الأطباء ولا اعلم الفلاسفة ولا الأعلم في الاختصاص الواحد الذي لم يدرس الحياة والتاريخ والمجتمع و...
وفي الختام نقول للخائفين من كثرة المبلغين أو العلماء أو المجتهدين، أن خوفنا الحقيقي هو أن نعطي الأعداء ما يرغبون ألا يرى هؤلاء أن الكلمات تلك تنسجم مع الحملات المسعورة والتي تستهدف الإسلام المحمدي الأصيل الذي جسده الإمام الراحل ولا يزال يحفظه الإمام القائد آية الله السيد علي الخامنئي حفظه الله ورعاه فهو دليلنا كلما اكفهر ليل وطال طلوع فجره، وهو رايتنا الخفاقة نستمد منه المعنوية كلما خرج الناس من جلدهم ومن غير هذا السيد الخراساني ينطق باسم المهدي ويتكلم بلغة صاحب العصر والزمان.
والسلام