نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه‏


إن الهدف من القانون هو تأمين الاحتياجات المادية والمعنوية للإنسان في الحياة الاجتماعية وحيث أن القانون لا يمتلك ضمانة ذاتية للتطبيق، فلا بد إذن من جهاز حكومي يقوم بذلك، وتشكل الدولة بالقوة المقننة والقوة القضائية جهازاً منسجماً يتبع مركزاً للسيطرة والقرار، حتى لا يقع الاختلاف ولا تنفصم عرى الروابط الاجتماعية.

وهذا المركز الواحد، الذي يقف على رأس الحكومة، هو الضامن لوحدة المجتمع وانسجام القوى المتعددة للأجهزة المختلفة، وفي نظرية "ولاية الفقيه" يكون شخص على رأس الحكومة بمواصفات خاصة للقيادة، وتكون القوى الأخرى عاملة تحت نظره.
لا شك أن البحث الفقهي عن هذا الموضوع تحت عنوان "ولاية الفقيه" و "الحكومة الإسلامية" له طريقة خاصة واصطلاحات ومسائل فنية خاصة، وقد طرح وكتب عنه مرات عديدة، وفي العصر الأخير، كان أول كتاب حوله هو الأثر المعروف للإمام الخميني قدس سره تحت عنوان "الحكومة الإسلامية"، وهو عبارة عن سلسلة من الدروس الفقهية التي ألقاها في حوزة النجف، ونحن نهدف هنا إلى طرح هذا الموضوع بطريقة سهلة وقابلة للفهم من العموم، حتى يستطيع الناس، حين اللزوم، الدفاع بالوسائل المعقولة وامتلاك الأدلة المقنعة عن هذا العنصر العقائدي المهم مقابل تشكيك الآخرين.


* الحكومة والقيادة في عصر الغيبة
بعد قبول ضرورة الحكومة في المجتمع وبيان الشواهد العديدة من الإسلام على ذلك، يتضح أنه في عصر حضور المعصوم كالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام، يكون المعصوم على رأس الحكومة التي تكون مطلباً حيوياً ومثالياً.
ولكن هذا الوضع لا يتيسر دائماً، وحتى عند حضور المعصوم فإنه لا يقدر على إدارة جميع البلاد لوحده، بل يحتاج إلى عمال ومسؤولين.
أما في عصر غيبة المعصوم، كما في زمننا هذا فما هو تكليفنا؟ وبعبارة أخرى، حيث أن الحاكم ينبغي أن يمتلك مواصفات ضرورية وقدرة على تحقيق الانسجام بين جميع الأجهزة والقوى، ومعرفة بالقوانين الإسلامية على أساس الاعتقادات والقيم الإلهية، فما هي الخصائص التي ينبغي أن يتمتع بها حتى يقوم بوظيفته؟
في أصل التشريع الإسلامي، فإن الله تعالى عين الإمام المعصوم لمثل هذا المقام، الذي كان في البداية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده الأئمة الإثني عشر عليهم السلام، أما في عصر الغيبة وحيث لا اتصال بالإمام المعصوم فلا بد من وجود لشخص يتولى هذا المنصب ويقود المجتمع الإسلامي على أساس القوانين الإلهية، ويتمتع بالشروط التالية:

1- الإطلاع الكافي على الإسلام
فكما أوضحنا سابقاً، فإن على جميع المتصدين لأمور الحكومة أن يحوزوا على ثلاثة شروط:
الإطلاع على القانون، التقوى والصلاحية الأخلاقية والكفاءة والمهارة في إدارة الأمور، فإن الذي يريد أن يطبق القانون لا بد أن يكون عارفاً به، وكذلك لا ينبغي أن يقع تحت تأثير الأهواء النفسانية والميول الشخصية.
من هنا ونظراً إلى حساسية القانون في النظام الإسلامي وارتباطه بالله سبحانه، فإن الإطلاع عليه يعتبر شرطاً لا غنى عنه لمن يريد أن يحكم بما أمر الله، بل إن عدم تولية الأعلم والأكفأ يؤدي إلى ضياع الحقوق كما ورد في الحديث: "من ولي شيئاً من أمور المسلمين وفيهم من هو أعلم منه كان أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة".

والتقوى شرط أساسي لأن اجتناب المحرمات يؤدي إلى صفاء الذهن والنفس فلا تنساق إلى الباطل، وعندما يخرج الحاكم الإسلامي عن أتباع هوى النفس وتغليب الشهوات وارتكاب المحرمات يصبح قادراً على قيادة الأمة بالشكل المطلوب.
قال الإمام الحسين عليه السلام، "ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله".
وكذلك بالنسبة للشرط الثالث المهارة والكفاءة الإدارية، وخصوصاً اليوم حيث تعقدت الحياة وتشعبت، وتطلب الأمر كفاءة عالية وقدرة كبيرة لإدارة أمور الحكومة وشؤونها.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه".
ويعتبر الذي يحوز على هذه الشروط مؤهلاً لأن يكون حاكماً ويسمى بالاصطلاح المعروف "الولي الفقيه".

ويوجد بحث آخر يدور حول هذا الموضوع ويطرح عادة في الأبحاث الفقهية أو ما شابه حول مشروعية تولي الفقيه زمام أمور العباد والبلاد، وقد قدّمت الأدلة الكثيرة على هذا الموضوع من الجهة الفقهية والجهة العقائدية، ففي الفقه هناك عشرات الآيات والروايات التي تؤكد على ضرورة وجود الحاكم الإسلامي في عصر الغيبة وأن يكون عارفاً بالإسلام وفي الأبحاث العقائدية اعتبرت ولاية الفقيه امتداداً طبيعياً للإمامة حيث أن اللطف الإلهي الذي يستدل من خلاله على وجوب الإمامة هو الدليل بعينه على ولاية الفقيه في عصر الغيبة كما قال الإمام الخميني قدس سره في كتاب الحكومة الإسلامية.

واليوم، وحيث منّ الله تعالى علينا بوجود قائد عارف بالإسلام مطبق لأحكامه، فإن هذا البحث قد تجلى بصورته الواقعية وأعاد إلى الأذهان صورة الإسلام الحقيقية ودوره في بناء الإنسان وقيادة المجتمع.
فعلى الأمة أن تتمسّك بهذا الأصل الأصيل الذي لولاه لما تذوقت من طعم الإسلام شيئاً ولا عرفت كيف تستجيب لنداء الحق في ميدان رفع الظلم وخدمة المستضعفين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع