فقدنا عالماً فذّاً ومبلّغاً أوقد نوره في الظلمات. رحل سماحة السيّد عبّاس علي الموسويّ، الذي ترك بصمات لا تُمحى في ميادين العلم والدعوة، فأثرى حياة الكثيرين برؤاه ومعارفه التي لا تزال منارة تهدي السائرين على دروب الحقّ.
في هذا المقال، لمحة سريعة عن حياة سماحته وأبرز إنجازاته العلميّة والفكريّة.
 
• الولادة والنشأة
ولد العلّامة السيّد عبّاس علي الموسويّ(رضوان الله عليه) في بلدة النبيّ شيث البقاعيّة سنة 1945م، وتلقّى علومه الابتدائيّة في مدرسة البلدة الرسميّة، ثمّ الثانوية في بيروت.
انتقل إلى النجف الأشرف للدراسة في حوزتها العلميّة سنة 1964م، استهلّها بقضاء ثلاث سنوات متتابعة، ولم يغادر جامعة النجف الدينيّة، التي تُعرف أيضاً باسم “جامعة الكلانتر”. انتقل بعدها إلى الدراسة الحرّة حتّى مغادرته العراق في العام 1979م، بحيث لم تعد الأجواء تساعد في البقاء بسبب المضايقات والاعتقالات والإعدامات التي طالت كبار العلماء، ومنهم الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر قدس سره.

• المناصب التي شغلها
شغل سماحته مناصب عدّة، هي:
- عضو الهيئة الشرعيّة في المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى.
- عضو مجلس الأمناء في تجمّع العلماء المسلمين في لبنان، ومن المشاركين في تأسيسه.
- عضو الاتّحاد العالميّ لعلماء المقاومة.
- عضو المجمع العالميّ لأتباع أهل البيت عليهم السلام.
- عضو المجمع العالميّ للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة.

• من أساتذته في النجف الأشرف
تتلمذ سماحته على يد مجموعة من الأساتذة الأفاضل، نذكر منهم:
- السيّد محمّد كلانتر، جامعة النجف الأشرف.
- زعيم الحوزة السيّد أبو القاسم الخوئي.
- الشيخ محمّد هادي معرفة.
- الشيخ أحمد البهادلي.
- السيّد محيي الدين الغريفي.
- السيّد عبد المجيد الحكيم.
- السيّد جمال الخوئي.
- السيّد كاظم الحائري.
- الشيخ محمّد تقي الإيرواني.
- السيّد محمود الهاشميّ.
- السيّد محمّد حسين الحكيم.
- الشهيد السعيد السيّد محمّد باقر الصدر.
- السيّد نصر الله المستنبط.
- الشيخ علي الغروي.

• نشاطه العلميّ في لبنان
كان لسماحته حضور علميّ بارز في لبنان، تجلّى في نشاطاته التدريسيّة التي أسهمت في تكوين الأجيال، بالإضافة إلى نشاطه التبليغيّ الذي نشر الفكر الدينيّ والثقافة الإسلاميّة بين الناس:
1. التدريس:
بعد محاولة استكمال الرحلة العلميّة في قمّ مدّة أربعة أشهر، عاد سماحته إلى لبنان، وكان الشهيد السيّد عبّاس الموسويّ (أبو ياسر) قد سبقه إلى بعلبك، فاستقرّ رأيهما على تأسيس حوزة الإمام المنتظرعجل الله تعالى فرجه الشريف، التي أُقيمت أوّلاً في الميتم الذي أنشأه الشيخ سليمان اليحفوفي عند مدخل بعلبك الشماليّ الغربيّ. وكان أكثر طلّابها ممّن درسوا في النجف الأشرف وطُردوا منها، وبعضهم عاد بعد الخروج من الاعتقال.
ثمّ انتقل إلى التدريس الحرّ في بيته في بيروت، حيث حضر العديد من الطلبة الذين بلغوا مراتب متقدّمة، وقد ذكروا تتلمذهم على يديه في جملة التراجم التي أوردها لهم في كتابه “علماء ثغور الإسلام”.
توقّف عن التدريس بعد إصابته بحساسيّة قويّة في الحلق استدعت أن يخفّف من الكلام.

2. النشاط التبليغيّ:
إذا كان سماحته قد ترك التدريس، فقد دخل حقلاً آخر من حقول التبليغ، واختار الكتابة. وقد جاءت مؤلّفاته في مورد الحاجة الماسّة حتّى طُبع بعضها أكثر من خمس مرّات، وبعضها الآخر ازدادت طبعاته على الثلاث، وهكذا.
التزم مع أهل بلدة شمسطار بإقامة صلاة الظهر من كلّ يوم جمعة، ومشاركتهم المناسبات وخصوصاً في شهر رمضان وأيّام عاشوراء. وقد أسّس مع شبابها “لجنة تكريم اليتيم وإعانة الفقير”، التي أدّت دورها في تخفيف الضائقة الماليّة عن الناس المحتاجين والفقراء.
كما كان يتردّد على بلدته النبيّ شيث في كلّ يوم خميس لإقامة صلاة الظهرين والعشاءين، ولإحياء دعاء كميل ليلاً، كما كان يقضي فصل الصيف كلّه فيها.

• أبرز المؤلّفات
1 - أوضح البيان في تفسير القرآن (27 جزءاً).
2 - أئمة الهدى (14 جزءاً).
3 - شرح نهج البلاغة (خمسة أجزاء) .
4 - دروس من ثورة الحسين .
5 - ملامح المسلم الرسالي (طبع مرّتين).
6 - علي بين الكتاب والسنة (طبع مرّتين).
7 - في رحاب الصحيفة السجادية .
8 - شرح رسالة الحقوق (طبع خمس مرات).
9 - العلاقات الاجتماعية في الإسلام.
10 - الصوم في مصداقه الرسالي .
11 - الوصية الخالدة .
12 - مالك الأشتر وعهد الإمام له .
13 - نفحات رمضانية (طبع ثلاث مرات) .
14 - آية وقصة (طبع مرّتين).
15 - الإمام علي في عقيدة المعتزلي .
16 - شبهات حول الشيعة (طبع ثلاث طبعات).
17 - الأربعون حديثاً المختارة من السنة .
18 - مصرع سيد الشهداء الإمام الحسين .
19 - علماء ثغور الإسلام (مجلدين).
20 - الإمام على منتهى الكمال البشري (طبع مرّتين).
21 - سيدتنا الزهراء عليها السلام ابنة رسول الله.
22 - الامام المهدي: عدالة السماء
23 - السيدة زينب: حفيدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
24 - بحوث في علوم القرآن

• النشاطات العامّة
كان رحمه الله مبادراً ومشاركاً في كلّ النشاطات العامّة التي تصبّ في خدمة الأمّة الإسلاميّة، خصوصاً في ما يتعلّق بمسألة الوحدة الإسلاميّة، وبالقضيّة الفلسطينيّة، ودعم المقاومة، ومتابعة مصالح الناس.
في يوم السبت 16آب العام 2025 وعن عمر ناهز الثمانين، كان لقاء السيد الراحل بربّه راضياً مرضياً.
نسأل الله تعالى أن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته، ويلهم عائلته الصبر والسلوان، وأن يجعله من أهل الجنّة في مستقرّ رحمته. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.