مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

‏اقتداءً بالحسين عليه السلام: كُلنا فداءٌ للإسلام*

نور روح الله

بما أنّنا نستقبل شهر المحرّم الذي يعلّمنا أنّ علينا الاقتداء بمولانا الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام، وهو من ضحّى بكلّ شي‏ء وقدّم كلّ ما عنده فداءً للإسلام، فإنّنا نحن أتباعه وشيعته ومحبّيه مطالبون بالاقتداء به والتضحية بكلّ ما عندنا. ونحن لا نملك شيئاً، إذ إنّ كلّ ما عندنا من الله سبحانه وتعالى، ولو وقع شي‏ء في أيدينا فإنّنا سنقدّمه في سبيله؛ فكلّنا منه، وشبابنا منه، وأموالنا منه، وكلّ شي‏ء عندنا منه وحده، ونحن‏ نضحّي بهذه الأشياء كقرابين في سبيله، وكلّ ما يعود له نضحّي به في سبيله.

* ضرورة بيان البُعد السياسيّ لواقعة كربلاء
أنتم أيّها السادة العلماء وخطباء العزاء مطالبون بإرشاد الناس ووعظهم من على المنبر وفي أماكن أخرى. عليكم تقوية إرشادكم ووعظكم في هذين الشهرين المباركين المحرّم وصفر، وعليكم توضيح التعاليم الإسلاميّة للناس بشكلٍ مكثّف، إلى جانب القضايا السياسيّة، وتوعيتهم بأنّ واقعة كربلاء، التي تعدّ أهمّ القضايا السياسيّة، يجب أن تبقى حيّة في النفوس بالصورة نفسها التي حدثت، مع تغيير بعض الكلمات والعبارات. فالمصائب هي نفسها، ولا يمكن تغييرها، وإنّما يجب شرح البُعد السياسيّ العميق لتلك الحادثة. فسيّد الشهداء عليه السلام، واستناداً إلى الروايات المنقولة وحسب معتقداتنا، كان يعي تماماً عندما انطلق من المدينة المنوّرة، ما سيفعله، وكان يعلم بأنّه سيستشهد. وعندما قدِم إلى مكّة وخرج منها في تلك الحالة، أراد بذلك تحرّكاً سياسيّاً كبيراً بحيث كان خروجه منها في وقت كان الناس متوجّهين إليها. فذلك الخروج كان بمثابة تحرّك سياسيّ، وكلّ تحرّكاته وسكناته كانت ذات مغزى سياسيّ، وذات أهداف إسلاميّة سياسيّة، لذا، قابلها بنو أميّة بقمع شديد، ولولا هذا التحرّك وهذه الثورة، لقضي على الإسلام وضاع أثره.

* تحذير الناس من مؤامرات الأعداء
في اليوم الذي يدرك الناس أنّ الإسلام في خطر، يتوجّب عليهم أن يقوموا بما قام به الإمام الحسين عليه السلام. وفي اليوم الذي نحتمل أنّ الإسلام معرّض للخطر، ينبغي لنا جميعاً تقديم التضحيات، وعلينا التحرّك والقيام بخطوات عمليّة. فإذا احتملنا تعرّض الإسلام والجمهوريّة الإسلاميّة للخطر الداهم بسبب ما، علينا أن نكفّ هذه الأسباب الخطرة على الإسلام، وقد تكون بعض المظاهر تحدث باسمه وهي مناقضة له.

يمكن لبعض الشياطين أن يندسّوا بين صفوف الناس ويروّجوا لفكرة ما تبدو إسلاميّة؛ أنّهم مثلاً قادرون أن يحدّدوا لنا تكليفنا الشرعيّ، وعلينا معارضة الشخصيّة الفلانيّة أو المسؤول الفلانيّ، ويقوموا بإصدار الأوامر بمعارضة فلان.

استيقظوا من نومكم! فثمّة أيادٍ تتحرّك لوضع دسائس وحياكة مؤامرات شيطانيّة، إضافة إلى هذا التحشيد للجيوش. إنّ تلك المؤامرات المحاكة ضدّنا يمكن أن تزرع الفرقة بين صفوفكم لا سمح الله، وهؤلاء المتآمرون يمكنهم أن يضعوا البلاد في مهبّ الريح ويعيدوه إلى الوراء، ويشكّلوا حكومة ذات صبغة ربّما إسلاميّة ولكن من نوع الإسلام الذي يريدونه هم.

* فلتكفّ أمريكا أيديها عنّا
على عملاء أمريكا الكفّ عن أعمالهم ودسائسهم، وأقلّ ما نتوقّعه منهم، هو أن يجلسوا في أماكنهم لإنجاز أعمال أخرى. وأوجّه كلامي إلى أولئك العملاء المقيمين في الخارج ويبثّون كلّ هذه الدعايات المعادية، فأقول لهم: حسناً، إذا كان الجميع معكم، إذاً تفضّلوا وشرّفونا هنا! ما هو الداعي لهروبكم من بلادنا؟

فإذا كانت الغالبيّة من الناس تؤيّدكم وتناصركم، وهم يذهبون إلى صلاة الجمعة مثلاً، أو يبذلون كلّ هذه التضحيات؛ بسبب خوفهم كما تزعمون، هذا يعني أنّ الجميع معكم، فلماذا فررتم إلى الخارج وأقمتم هناك؟ ولماذا لا تجرؤون على العودة إلى الوطن؟

إنّ هؤلاء هم أنفسهم ممّن يريدون التسلّل إلى قلوب الناس البسطاء، ولن يُكتب لهم النجاح إن شاء الله في مسعاهم.

لقد حقّق الإسلام، والحمد لله، تقدّماً باهراً في العالم بأسره، وكلّي أمل أن نبقى ملتزمين بهذا الدين، وأن توفّقوا جميعاً لخدمة هذا الشعب وهؤلاء المحرومين، وهؤلاء الذين قدّموا التضحيات الجسام في سبيل الإسلام، فهذا واجب شرعيّ يقع على عاتقنا جميعاً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


(*) خطاب الإمام الخمينيّ قدس سره، بتاريخ: 27 ذي الحجّة 1403ه. صحيفة الإمام، ج ‏18، ص 144 - 153.‏

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع