السيّد عبّاس عليّ الموسويّ
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «للقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف خمس علامات ظهور: السفيانيّ، واليمانيّ، والصيحة من السماء، وقتل النفس الزكيّة، والخسف بالبيداء»(1). وفي بعض الروايات أنّ عدداً من هذه العلامات من المحتوم. نطلّ في هذا المقال على علامتين من المحتومات، وهما: قتل النفس الزكيّة وخروج اليمانيّ.
* أوّلاً: النفس الزكيّة
النفس الزكيّة شخصيّة حقيقيّة سمّتها الأحاديث بالاسم، محمّد بن الحسن الحسنيّ الهاشميّ، ويُعبّر عنه في الروايات بالحسنيّ، وهو من آل محمّد لا جرم ولا ذنب عليه، وهو عبد صالح يتمتّع بوعي وثقافة متقدّمة وإيمان عميق وجهاد في أرفع درجاته وأرقاها، ولأجل هذه الصفات سُمِّي بـ «النفس الزكيّة».
* سفير المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف لأهل مكّة
ينتدب الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف النفس الزكيّة إلى أهل مكّة، ففي الحديث الوارد عن الإمام الباقر عليه السلام: «يقول القائم عليه السلام لأصحابه: يا قوم، إنّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنّي مرسل إليهم لأحتجّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجّ عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امضِ إلى أهل مكّة فقل: يا أهل مكّة أنا رسول فلان إليكم، وهو يقول: إنّا أهل بيت الرحمة ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذريّة محمّد وسلالة النبيّين، وإنّا ظُلمنا واضُطهدنا وقُهرنا وابتُزَّ منّا حقّنا منذ قُبض نبيّنا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلّم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، و(هو) النفس الزكيّة»(2).
فالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف يأمر بعض أصحابه، ومنهم الحسنيّ، النفس الزكيّة، بالخروج إلى مكّة، وقد يكون له موقع مهمّ في المجتمع، ويكون دخوله مكّة في موسم الحجّ؛ لأنّ خطابه وقتله يكونان بعد انتهاء أعمال الحجّ بعشرة أيّام تقريباً. وفي بعض الروايات أنّهم يقطعون رأسه ويرسلونه إلى السفيانيّ في الشام لتكون لهم يدٌ عنده.
* استشهاد الحسنيّ أقرب العلامات
تغضب السماء لقتل النفس الزكيّة؛ لأنّه صاحب نفس طاهرة اعتُدي عليه ظلماً، وجريرته أنّه يخرج ليأمر بالمعروف، ولينهى عن المنكر، وليبيّن طريق السعادة والرشاد في اتّباع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأنّ اتّباعه عجل الله تعالى فرجه الشريف وسيلة خلاص لهذا العالم من الظلم والجور، وخصوصاً أنّ قتل صاحب هذه النفس كان في أشرف بقعة –بين الركن والمقام- وهذا يشكّل انتهاكاً لحرمة البيت واعتداءً في الحرم الآمن، وقد وردت الرواية المعتبرة عن الإمام الصادق عليه السلام التي يقول فيها: «ليس بين قيام قائم آل محمّد وبين قتل النفس الزكيّة إلّا خمس عشرة ليلة»(3).
فالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بعد استشهاد النفس الزكيّة يعلن ظهوره ويكشف أمره، ويكون ذلك يوم عاشوراء من تلك السنة، أي بعد قتل الرجل بخمس عشرة ليلة، ويصل نبأ الخروج إلى مسامع الدنيا وإلى كلّ بيت وكلّ فرد، حتّى يصل الخبر إلى ربّات الخدور في بيوتهنّ.
إذاً، إنّ ذبح الحسنيّ علامة قريبة تدلّ على ظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف. وبهذا التوقيت بين قتله وخروج الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف –خمس عشرة ليلة- تُسدُّ الأبواب أمام كلّ تفسير آخر للنفس الزكيّة، كما فسّرها بعضهم بما جرى لمن يُسمّى بالنفس الزكيّة في عهد المنصور العبّاسيّ مع محمّد بن عبد الله بن الحسن، الذي لقّبه أبوه وجماعته بالنفس الزكيّة. وهذا ما يؤكّد أيضاً أنّ هذه النفس وما يجري لها لا يفصلها عن الظهور المبارك إلّا أيّام.
* ثانياً: اليمانيّ
استأثرت هذه الشخصيّة بروايات كثيرة، وهي إحدى علامات الظهور الحتميّة، التي متى برزت على الساحة، دلَّت على ظهور الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بعدها. واليمانيّ من الشخصيّات التي لها ذكر رائع وصيت منتشر، وكلّما ذُكر ظهور الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف قيل إنّ من علامات الظهور خروج اليمانيّ.
اليمانيّ واسمه حسن أو حسين، قيل إنّه من ذريّة عليّ بن الحسين، وهو من بلدة كرعة قرب صنعاء، وقد ورد عنه في كتاب بشارة الإسلام: «ثمّ يخرج ملك من صنعاء أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن، فيذهب بخروجه غمر الفتن، فهناك يظهر مباركاً زكيّاً،... فيكشف بنوره الظلماء ويظهر به الحقّ بعد الخفاء»(4). وهذا الحديث يكشف أنّ اليمانيّ سيملك اليمن ويتولّى شؤون أهلها ويكون على جانب عظيم من الإيمان والولاء، بحيث يظهر الحقّ ويعلنه ويكشف ظلمات الجهل والعمى.
* اليمانيّ علامة حتميّة على الظهور
في حديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنّه قال: “النداء من المحتوم، والسفيانيّ من المحتوم، واليمانيّ من المحتوم”(5). فخروج اليمانيّ علامة متسالم عليها عند كلّ من تناول ظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وخروجه، وهذه الشخصيّة متى ظهرت وأعلنت عن وجودها وقادت اليمن وتولّت شؤونه، كان ذلك إيذاناً بخروج الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. ولشدّة الاهتمام بهذه العلامة، تذكر الروايات أنّ خروجه متقارب مع خروج السفيانيّ والخراسانيّ، وفيها اهتمام بهذا الشخص ومناصرته والوقوف إلى جانبه وحرمة الانحراف عنه. يقول الإمام الصادق عليه السلام: “خروج السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتّبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليمانيّ، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرّم بيع السلاح على الناس وكلّ مسلم، وإذا خرج اليمانيّ فانهض إليه فإنّ رايته راية هدى، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم”(6).
فهذا الحديث يكشف أموراً مهمّة، من أهمّها:
1. ثمّة وقت موحّد لخروج اليمانيّ مع السفيانيّ والخراسانيّ، ومتى ظهر واحد تبعه الآخر.
2. إنّ راية اليمانيّ راية مميّزة بالهدى؛ لأنّ صاحبها يدعو لاتّباع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهو يعرفه ويعرف حركته ودوره في الساحة؛ لذا يدعو إليه.
3. إذا ظهر اليمانيّ يحرّم بيع السلاح للأعداء؛ لأنّهم قد يستعملونه ضدّ حركة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وفي وجهه.
4. ثمّة دعوة إلى الالتحاق باليمانيّ فور أن يصل نبأ خروجه إلى الناس؛ لأنّه يدعو إلى الهدى ولا يجوز لمسلم أن يترك الالتحاق به أو أن ينحرف عنه، وإلّا كان ممّن يستحقّ النار.
* مقتطف من كتاب «الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف عدالة السماء»، ص 198-202.
(1) الغيبة، النعماني، ص 261.
(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 52، ص 307.
(3) المصدر نفسه، ج 52، ص 203.
(4) المصدر نفسه، ج 51، ص 163.
(5) الغيبة، مصدر سابق، ص 262.
(6) المصدر نفسه، ص 264.
لبنان - الجنوب
زينب
2024-04-25 01:24:14
بوركتم وأجرتم ان شاء الله نطلب منكم اكمال الحديث والشرح وعرض وتناول كل الامور المتعلقة بالامام عج