مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

مع الخامنئي | كنوز البعثة النبويّة*

أبارك لكم عيد المبعث السعيد، وللشعب الإيرانيّ بأجمعه، ولكلّ مسلمي العالم، وللمطالبين بالحقّ في أرجائه الذين لو بلغ نداء البعثة مسامع قلوبهم، لانجذبوا إليه حتماً.

* نِعَم المبعث النبويّ
إنّ بعثة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هي أعظم هديّة منحها الله المتعالي للبشريّة جمعاء. بالطبع، إنّ الهدايا الإلهيّة كثيرة، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ (النحل: 18)، ولكن لا توجد نعمة ولا هديّة بعظمة بعثة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وزنتها، والسبب أنّها تحمل كنوزاً للبشر لا تنضب، ويمكن لها أن تضمن سعادتهم في حياتهم. فما هي هذه الكنوز؟

1. التوحيد: إنّه ذاك الكنز الذي لا يصل أيّ شيء إلى زنته وأهميّته، لأنّ العبوديّة لله تُحرّر البشر من الاسترقاق والعبوديّة للآخرين. إذا كان الإنسان عبداً لله بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، ويتمسّك بالتوحيد بالمعنى الحقيقيّ، وهو نفي العبوديّة لغير الله، فإنّه يتخلّص من عبوديّة الآخرين المتمثّلة بالقتل والظلم والمجازر والحروب وما إلى ذلك.

2. التزكية: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ (آل عمران: 164). في الواقع، التزكية هي دواء يخلّص البشر من أنواع الفساد الأخلاقيّ من المجتمع البشريّ ومن قلب الإنسان.

3. تعليم الكتاب: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾ (آل عمران: 164). إنّ تعليم الكتاب يعني وضع الحياة تحت الهداية الإلهيّة. الله الذي هو مالك الأشياء كلّها وخالقها وربّها حدّد طريقاً لحياة الإنسان حتّى يسلك هذا الطريق.

4. الحكمة: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ (آل عمران: 164)، أيْ إنّ المجتمع يُدار بالعقل والحكمة والحصافة والرشاد.

5. تعليم الاستقامة: الاستقامة هي السرّ والرمز للوصول إلى الهدف. فمهما كان هدفكم، دنيويّاً أو أخرويّاً، يمكنكم الوصول إليه بالثبات والاستقامة والمتابعة، وليس دون ذلك: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ﴾ (هود: 112).

6. القسط: أي العدالة دون تمييز، في مجال القضايا الاقتصاديّة أو البشريّة والعدالة الاجتماعيّة عموماً. فلتُديروا الحياة بالقسط: ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25).

7. الصلابة: إحدى الضربات التي تصيب المجتمعات البشريّة هي التي تأتي من تغلغل الأعداء، وقد ورد هذا الأمر في آية: ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ﴾ (الفتح: 29). "أشدّاء" لا تعني الشدّة في العمل، بل تعني الصلابة والمتانة ومنع إمكانيّة الاختراق، أي لا تسمحوا للعدوّ باختراقكم وبالاستيلاء على مجتمعكم.

8. الرحمة: ﴿رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: 29)، أي أن تكون الحياة في المجتمع مصحوبة بالرحمة والمروءة وأمثال هذه الأمور.

9. اجتناب الطاغوت: ﴿وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ (النحل: 36)، وهو أن يجتنب الإنسان طغاة العالم وأشراره ولا يتماشى معهم، وقد علَّمنا القرآن اجتناب الطاغوت.

10. التحرّر من الأغلال: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ (الأعراف: 157)، أي أغلال الجهل والتعصّب والجمود والتوقّف وأمثال هذه الأمور.

هذه كلّها هدايا وعطايا لبعثة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم . بالطبع، بعض هذه المبادئ أو كثير منها يتشابه ويتشارك مع سائر الأنبياء عليهم السلام، الذين جاؤوا أساساً ليضعوا البشر على هذه الطريق ويدلّوهم عليها، ولكن هذا هو النوع الكامل منها. وثمّة آلاف الكنوز الثمينة من هذا القبيل في القرآن الكريم، وهذا ما جاءتنا به البعثة ومنحتنا إيّاه؛ لنتعلّم ونعرف ما ينبغي أن نفعل.

* قوّة العالم الإسلاميّ
بعضنا -نحن المسلمين- لا يعرف هذه الكنوز أساساً، وبعضنا ينكر هذه الهدايا الإلهيّة العظيمة ويكفر بها، وبعضنا الآخر يفاخر بها لكن دون العمل بها. ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة أنْ يُصاب العالم الإسلاميّ بالفرقة والتراجع والضعف على المستويين العلميّ والعمليّ. استطاع المسلمون في مرحلة ما إرساء أعظم الحضارات في عصرهم وإنتاجها بالعمل الناقص بهذه الكنوز العظيمة، لا بالعمل الكامل. في القرنين الثالث والرابع للهجرة، لم تكن ثمّة حكومة ولا قوّة ولا أمّة متقدّمة مثل الأمّة الإسلاميّة، مع أنّنا نعلم أنّه كان يجري العمل ناقصاً آنذاك، ومَن في السلطة لم يكونوا مناسبين وكاملين، لكنْ حتّى ذلك كان مؤثّراً. نستطيع بالعودة إلى هذه الكنوز المُهداة من البعثة إلينا أن نزيل نقاط ضعف العالم الإسلاميّ، سواء تلك الكنوز ذات الصّلة بالمعارف أو الأحكام أو الأخلاق الإسلاميّة.


*من كلمة الإمام الخامنئيّ دام ظله في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّة بمناسبة ذكرى المبعث النبويّ الشريف في 18/02/2023م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع