السيّد عبّاس عليّ الموسويّ
رجل تدّخره السماء لأعظم مهمّة في تاريخ الإنسانيّة، سيكون على درجة عظيمة من الصفات الجليلة التي تشكّل جزءاً من الكمال الذي تتوق إليه النفوس، فتنقاد إليه برغبة وطواعية، ويكون لذلك أثر كبير في حركة المؤمنين تحت إمرة هذه القيادة، فينفّذون أوامرها بأكمل وأسرع ما يكون، تنفيذاً لأمر من يحبّون.
* صفات الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عند السنّة
الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف شخصيّة تتمتّع بمواصفات رائعة، إذا نظرت إليها جذبتك وأحببت النظر إليها والاستماع إلى أوامرها. وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام ما يظهر هذه الشخصية العظيمة قبل ولادتها. وهذا بعض من علم الغيب الذي أطلع الله عليه رسوله محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم، وهو بدوره أطلع ذريّته عليه.
هذه الأوصاف –كما نفهم- تختلف باختلاف عمر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، وإن كان بعضها ثابتاً لا يتغيَّر؛ ولذا، إذا وُجدت بعض الأوصاف مختلفة، فما ذلك إلّا لاختلاف سنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولأنّ بعض الصفات هي خاصة ببعض المراحل من عمره دون المراحل الأخرى. وإليك بعض أوصافه كما وردت عن كتب إخواننا أهل السنّة، وقد اعتمدت في نقلها على كتاب "العرف الورديّ في أخبار المهديّ" لجلال الدين السيوطي، وهو كتاب خاصّ في الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ألّفه صاحبه، وهو واحد من عشرات الكتب التي ألّفها إخواننا أهل السنّة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف:
1. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المهديّ منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"(1).
2. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا، أعلى الجبهة يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، يفيض المال فيضاً"(2).
3. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "بينكم وبين الروم أربع هدن، تقوم الرابعة على يدي رجل من آل هرقل يدوم سبع سنين". فقال له رجل: يا رسول الله، من إمام الناس يومئذ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من ولدي ابن أربعين سنة، كأن وجهه كوكب درّيّ، في خده الأيمن خال أسود، عليه عباءتان قطوانيّتان(3) كأنّه من رجال بني إسرائيل، يملك عشرين سنة يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك..."(4).
4. عنه أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم: "المهديّ رجل من وُلدي وجهه كالكوكب الدرّيّ"(5).
5. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "المهديّ رجل من وُلدي، لونه لون عربيّ، وجسمه جسم إسرائيليّ، على خدّه الأيمن خال، كأنّه كوكب درّيّ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو"(6).
6. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المهديّ أزج(7)، أبلج، أعين"(8).
7. وعن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : "كثّ اللحية، أكحل العينين، برّاق الثنايا، في وجهه خال، في كتفه علامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم"(9).
8. وعنه عليه السلام : "المهديّ فتى من قريش، آدم، ضرب من الرجال(10)"(11).
* صفات الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عند الشيعة
لا شكّ في أنّ ما ورد من طرق الشيعة من صفات للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يقلّ عمّا ورد عند أهل السنّة؛ لأنّ المهديّ في فكر الشيعة واضح الحسب والنسب، له تاريخ ميلاد محدّد ومسيرة حياة، وما ورد فيه يحمل وصفاً كاملاً متكاملاً عن غيبته الصغرى إلى الكبرى ثمّ الفرج له بالخروج والظهور، وأين يخرج وكيف يلتقي أصحابه، وكيف يتأتّى له النصر على أعدائه. وهكذا تتوالى الأوصاف له ولحركته حتّى كأنّك تصف موجوداً قائماً أمامك –وهذا أمر واقع- تحدّث عنه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قبل ولادته عجل الله تعالى فرجه الشريف وكذلك الأئمّة عليهم السلام بعده بحيث تكتمل صورته من ألفها إلى يائها، فلا يبقى فيها سرّ أو لغز إلّا وينكشف، لأنّ أمره أوضح من الشمس.
أمّا بعض الأحاديث التي وردت في وصفه فهي:
1. عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان، أبيض، مشرّب حمرة، مبدح البطن –أي واسعه وعريضه- عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، له اسمان، اسم يخفى واسم يعلن، فأمّا الاسم الذي يخفى فأحمد وأمّا الاسم الذي يعلن فمحمّد، فإذا هزّ رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلّا صار قلبه أشدّ من زبر الحديد –أي قطع الحديد- وأعطاه الله قوّة أربعين رجلاً ولا يبقى ميّت إلّا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف"(12).
2. وعنه عليه السلام أيضاً قال عن صفات الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: "هو شابّ مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء"(13).
وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : "هو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف... أفلج الثنايا، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً" (14).
3. وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام : "ذاك المشرّب حمرة، الغائر العينين المشرف الحاجبين، عريض ما بين المنكبين..." (15).
* قوّة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف البدنيّة
الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف صاحب قضيّة ومَهمّة مميَّزتين، وتبعاً لذلك يجب أن يكون شخصيّة مميَّزة في كلّ شيء، لكي يروي القلوب ويملأ العيون ويخضع له العظماء، اعترافاً منهم بتفوّقه، وإقراراً منهم بلياقته في ما يكون عليه من مقام ومنزلة، ولذا، وردت الأحاديث في وصفه، وفي جملة ما تناولته الأحاديث قوّته البدنيّة وقدرته التي منحها الله له، فهو صاحب اقتدار فريد لا يشاركه فيه غيره مهما أُعطي من قوّة.
يقول الإمام الرضا عليه السلام فيه: "وإنّ القائم هو الذي إذا خرج كان في سنّ الشيوخ ومنظر الشباب، قويّاً في بدنه حتّى لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان..."(16).
(1) الجامع الصغير، السيوطي، ج 2، ص 672
(2) الكامل، عبد الله بن عدي الجرجاني، ج 3، ص 424.
(3) القطوانية: عباءة بيضاء قصيرة الخمل.
(4) كنز العمال، المتقي الهندي، ج 14، ص 268.
(5) الجامع الصغير، مصدر سابق، ج 2، ص 672.
(6) كشف الخفاء، العجلوني، ج 2، ص 289.
(7) الأزج: الذي لديه تقوّس في الحاجب، مع طول طرفه وامتداده، والأبلج: هو المشرق الوجه. أعين: أسود العين مع سعتها.
(8) معجم أحاديث الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، الشيخ علي الكوراني العاملي، ج 1، ص 164.
(9) كنز العمال، مصدر سابق، ج14، ص 590.
(10) رجل آدم أي أسمر، وضرب من الرجال: المراد به الخفيف اللحم الممشوق القوام.
(11) كنز العمال، مصدر سابق، ج 14، ص 590.
(12) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 51، ص 35.
(13) المصدر نفسه، ج 51، ص 36.
(14) المصدر نفسه، ج 51، ص 40.
(15) المصدر نفسه.
(16) المصدر نفسه، ج 52، ص 322.