مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

نور روح الله: أحداث المنفى(*)

 


أحداث وتفاصيل جميلة ودقيقة يرويها الإمام الخمينيّ قدس سره حول رحلة النفي إلى العراق، ومنها إلى فرنسا، يتخلّلها الكثير من الصعوبات التي كانت تحول بينه وبين قيامه بنشاطاته وعودته إلى إيران.

• "إنّه واجبي الشرعيّ"
حين ذهبنا من تركيا إلى العراق، ومنها إلى النجف، أعلنت الحكومة العراقيّة مراراً أنّ العراق بلدنا، وأنّنا نستطيع أن نذهب إلى أيّ مكان ونفعل ما نشاء، إلى أن تغيّرت حكومات الشاه الواحدة تلو الأخرى، حيث تأزّمت الأوضاع في الفترة الأخيرة، الأمر الذي جعلنا نضاعف من النشاطات أكثر في العراق. ومن حينها، بدأت الحكومة العراقيّة تعرقل نشاطاتنا وتحول دون حصولها.
في أحد الأيّام، حضر مجموعة من الأشخاص إلى منزلنا بحجّة حمايتي من محاولات اغتيال، ولكنّني أدركت أنّهم كانوا يهدفون إلى مراقبة تحرّكاتنا، ثم ازداد عدد الأفراد شيئاً فشيئاً بالحجة نفسها.
وبعد أيّام بانت الحقائق؛ إذ حضر رجل من الأمن وقال بصريح العبارة: "ثمّة بيننا وبين حكومة إيران معاهدة؛ لذلك لن نقبل بنشاطاتكم"!. وأخبرنا أيضاً أنّه يُمنع علينا كتابة أيّ شيء، أو التحدّث على المنبر، أو تسجيل شريط صوتيّ وإرساله إلى إيران! فقلت له: "إنّ هذا واجبي الشرعيّ، سوف أكتب البيانات وأتحدّث على المنبر وأسجّل أشرطة صوتيّة، وأرسلها إلى إيران في الوقت المناسب!".

• قرار مغادرة العراق
لم أعد أبدي أيّ رغبة في البقاء في النجف؛ نتيجة التشديد والتضييق على أصدقائي، ولكن رجل الأمن ذاك أخبرني أنّني سوف أواجه الأمر نفسه أينما ذهبت في العراق. عندها، قرّرت مغادرة البلاد، ولم تكن فرنسا ضمن الخيارات وقتها، بل قرّرنا التوجّه إلى الكويت، ومنها إلى سوريا. وقد مُنحنا تأشيرة السفر بعد محاولات سابقة باءت بالفشل.
وصلنا إلى الحدود الكويتيّة، وإذ بأحد الموظّفين الكويتيّين يقول لنا: "لا يمكنكم دخول الأراضي الكويتيّة"! فطلبنا منه السماح لنا بالتوجّه نحو المطار حتّى نسافر من هناك، ولكنّه رفض ذلك، وطلب منّا العودة من الطريق التي جئنا منها.
عدنا إلى العراق، فمكثنا ليلةً في البصرة، وذهبنا في اليوم التالي إلى بغداد. وعندما كنت في البصرة اتّخذت قراراً بعدم اللجوء إلى أيّ بلد إسلاميّ؛ لأنّنا سنواجه المصير نفسه، فخطر لي الرحيل إلى فرنسا، ثمّ كتبت بياناً للشعب الإيرانيّ شارحاً فيه الأحوال وما حصل معنا من أمور، لم يكن لإرادتنا أيّ دخل فيها؛ فمنذ البداية، كانت الأمور تسير وفق إرادة الله فقط، ولا يدّعي أحد منّا أنّنا قمنا بأيّ شيء؛ فكلّ شي‏ء منه سبحانه.

• استئناف النشاط في فرنسا
ذهبنا إلى فرنسا برفقة بعض الأصدقاء، وكان لنا أيضاً بعض الأصدقاء هناك. لم أشأ المكوث في باريس نفسها، وإنّما في قرية مجاورة لها.
كانت الحكومة الفرنسيّة تتّخذ الحيطة والحذر في البداية، ولكنّها تراخت معنا لاحقاً؛ فرحنا ننشر مواضيعنا بأريحيّة لم نتوقّعها. وطرحنا قضايا الشعب الإيرانيّ، وكانت الفئات المختلفة من الأصدقاء الذين يعيشون في الخارج تتوافد إلينا، فدعمتنا في مختلف النشاطات. وأحياناً كانت وكالات الأنباء الأميركية تجري مقابلات معنا؛ لمتابعتنا بحجّة نشر المقابلات في الولايات المتّحدة الأميركيّة وخارجها.

• القرار الحاسم
وأخيراً، عندما قرّرنا المجي‏ء إلى إيران، بدأت المساعي للحيلولة دون ذلك بشدّة؛ أحياناً كانت تصلنا رسائل كثيرة من الحكومة الأميركيّة بعدم الذهاب إلى إيران بحجّة أنّ الوقت لا يزال مبكّراً! كما كان يحضر أشخاص، أحدهم ادّعى أنّه تاجرٌ، وأبلغني بأنّ الوقت باكرٌ جداً على العودة، ثمّ وصلتني رسالة من إيران عن طريق الحكومة الفرنسيّة، مفادها: "لا تأتِ إلى إيران؛ فثمّة أحداث دمويّة بانتظارك". أدركت حينها أنّ مصلحتهم تقضي بعدم العودة إلى إيران، وأنّ ذلك سيسبّب لهم ضرراً كبيراً، وإلّا كانوا سمحوا لنا بالذهاب واعتقلونا هناك. ورغم التهديد المكرّر، بقيتُ على موقفي، فتوجّهنا إلى إيران، وقد كان الله تبارك وتعالى يسدّدنا منذ البداية وإلى حين انتصار الثورة. ومن أكبر التأييدات الإلهيّة لشعبنا، أنّه حرَفَ هؤلاء عن مواجهتنا بشكل جدّيّ، وقذف الرعب في قلوب كثير منهم، فانصرفوا عنّا.

• النيّة الخالصة لله
إنّ النوايا الخالصة لله هي التي ساعدت في انتصارنا؛ فها هنّ النساء يطلبن منّي أن أدعو لهنّ بالشهادة! وبعضهن طلبن منّي السماح لهنّ بالقتال. وأمّهات الشهداء يفتخرن بما قدّمنه في سبيل الله، ويدّخرن المزيد من أولادهنّ! وبالفعل، لقد انتصرنا بإيماننا وبوحدة كلمتنا.
 
(*) صحيفة الإمام، كلمته قدس سره في ذكرى مولد الإمام الرضا عليه السلام، التي صادفت الذكرى السنوية لهجرة الإمام الخميني من النجف إلى باريس‏: 10 ذي القعدة 1399هـ. ق، الجزء (10)، ص140-144.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع