مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آخر الكلام: غيثُ الرضا عليه السلام

نهى عبد الله

 

"ألم ترَ كيف حبس الله عنّا المطر، عندما صار بيننا؟!". استاء المأمون من ضيق أفق حاشيته، وتبرمِهم، لكنَّ دهاءه حثّه على استغلال الفرصة، فالجفاف شديدٌ، والسماء لا تُنبئ بغيثٍ قريبٍ، وأمور المناخ لا تُعالج بالصلاة والتمتمات، فما الضير في إحراج نزيله؟ سأله مستشاره: "وإن نزل الغيث؟" لمعت عينا المأمون: "ومن غيري سيكون صاحب الفضل؟! أنا أوكلته بذلك تحت اسم سلطاني وحكمي، هكذا سيرى عامّة الناس". أرسل إليه، لكنّ نزيله طلب التريث ثلاثة أيّام؛ ليعلن صلاة الغيث.

غداة اليوم الثالث، خرج إلى الصحراء. بدت الأرض جافّةً متشقّقةً. احتشد الناس، بوجوه باهتة، وشفاه ذابلة، وعيون شاخصة إليه بأمل، كأنّما سلموه كلّ أمرهم. شقّ طريقه بينهم، حتى اعتلى منبراً، وبخلاف ما توقّع المأمون قال: "اللّهم يا ربّ، أنت عظّمت حقّنا أهل البيت، فتوسّل الناس بنا وأملوا فضلك ورحمتك، فاسقهم سقياً نافعاً".

لحظات وهاجت الرياح في السماء. ظهرت الغيوم آتيةً من بعيد ترافقها جوقة رعد وبرق، فأشار إليهم: "على رسلكم، هذا الغيم ليس لكم، هو لبلد كذا". مضت عشرة منها، وهو يذكر أسماء مواطنها، حتى أقبلت الغيمة الحادية عشرة، فنادى في الناس: "هذه لكم، ستمسك مطرها حتى تدخلوا منازلكم، فاتّقوا الله في نعمه عليكم، واستديموها بطاعته وشكره".

انصرف الناس ببهجة وتوق، وعندما غابوا في منازلهم، نزل غيث ذلك اليوم مرتين: مرّةً في مرو، إذ ملأ الأودية والحياض والغدران، وثانيةً إذ روى قلوب الناس، سكينةً وأملاً وسلاماً.
يقول الراوي: يومها صاح الناس: "هنيئاً لنا بابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيننا"(1).


1. يراجع: الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج 1، ص 180.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع