صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

في رحاب الوصية الخالدة: حكومة الحق والعدالة في الإسلام


الشيخ محمد خاتون


يتابع الامام قدس سره هجومه على الذين يريدون حصر الإسلام ضمن مجموعة من الطقوس التي تمارس بشكل دوري.. ودفاعه عن فكرة أن الإسلام جاء ليحل كل المشكلات الجماعية والفردية التي تعيشها المجتمعات الإنسانية.. وذلك في معرض توجيه الكلام إلى وسائل الاعلام ذات التأثير الكبير والتي تصور أن مهمة الأنبياء الكرام هي عبارة عن معنويات يقدمونها للناس.. حيث أثّرت هذه المسائل في نفسية الكثيرين من أبناء هذه الأمة.. وكان هذا سبباً إما في تحويل بعضهم إلى أدوات تردد تلك الكلمات التي صاغها الآخرون وإما في إصابة البعض الآخر بخيبة من جراء تصورهم عدم جداوئية الحركةالاسلامية الهادفة إلى الحكم بما أنزل الله... ويجب التعاطي بإيجابية وحزم مع هذين الصنفين من الناس... كل بحسب ما يستحق من التعاطي والمواجهة.

يقول الإمام قدس سره:
"إنني في هذه الوصية أكتفي بالإشارة.. ولكنّي آمل أن يتولى الكتّاب وعلماء الاجتماعي والمؤرخون إخراج المسلمين من هذا الخطأ. وأمّا ما قيل من ان الحكومة مهمة كان الأنبياء والأولياء والعظماء يجتنبوها ونحن يجب أن نكون كذلك فهو خطأ مؤسف ونتائجه جرّت الشعوب الاسلامية إلى الدمار وفتح الطريق للمستعمرين مصاصي الدماء.. لأن المفروض هو الحكومة الشيطانية والديكتاتورية والظلم، حيث أن ذلك يكون بهدف التسلط. والدوافع المنحرفة والدنيوية التي حذّروا منها (الأنبياء) هي جمع الثروة والمال وحب السيطرة والطغيان وفي نهاية المطاف الدنيا التي تتسبب بغفلة الإنسان عن الله وأما حكومة الحق لنفع المستضعفين والحيلولة دون الظلم والجور، وإقامة العدالة الاجتماعية كما فعل سليمان بن داود ونبي الإسلام العظيم الشأن صلى الله عليه وآله وسلم وأوصياؤه العظم فإنه من أعظم الواجبات وإقامتها من أسمى العبادات ما أن السياسة السليمة التي كانت في هذه الحكومات هي من الأمور اللازمة.
يجب أن يجهض شعب إيران اليقظ والواعي هذه المؤامرات بالرؤية الاسلامية، ولينهض الخطباء الملتزمون لمؤزارة الشعب ليقطعوا أيدي الشياطين المتآمرين".

أمام هذا النص نجد أن الإمام في البداية يشير إلى نقاط ثلاث ثم بعد ذلك يعالج القضية، أما النقاط فهي:
أولاً: هناك واقع لا مفر منه وهو وجود حكومات شيطانية تعيث في الأرض فساداً.. فهي تمارس الظلم على الناس وتبيح لنفسه الكذب والخداع لأفراد الأمم التي تسيطر عليها.
ثانياً: ليس صحيحاً أن كل حكومة يمكن تصورها فهي لا بد أن تمارس هذه الممارسة، فإن الواقع يكذّب هذه المسألة حيث أن التاريخ يشهد على وجود حكومات مارست العدالة بنسب متفاوتة وكانت بعيدة بنسب متفاوتة أيضاً عن الغش والخداع.
ثالثاً: إن الهدف من الادعاء بأن الحكومات لا تكون إلاّ مخادعة وممارسة للغش والقهر والتسلط... هو فتح الطريق أمام قوى الاستكبار ليكون لها السلطة... وذلك بعد أن يتم استبعاد المنتسبين إلى الإسلام من الوصول إلى ذلك.. إما من خلال الإظهار بأن هؤلاء هم كغيرهم ممن يريد الوصول إلى السلطة يحملون شهوة التسلط.

... وإما من خلال اقتناع الآخرين بأن هؤلاء يجب أن لا يصلو اغلى السلطة لأنهم ينبغي أن لا يتلوثوا بمفاسدها... وفي كلتا الحالتين يبقى حملة الإسلام تصوراً في منأى عن الحكم والإدارة... ويبقى لغيرهم ممن يمتلك الثكير من لامقومات المادية فرصة أكبر للوصول إلى ذلك.
إن الإمام عندما يستعرض هذه الوقائع فإنه يخلص من خلال ذلك إلى معالجة الواقع إذ ليس قدر الحكومات أن تكون ظالمة... خلافاً لما يدعيه المدعون... وحيث أن الأمر كذلك فينبغي تسليط الضوء على الأهداف الشيطانية التي تقف وراء ذلك..

وإنطلاقاً من هنا فإن الإسلام يصنف الحكومات إلى صنفين:
1 – حكومات تهدف إلى التسلط الشيطاني وأخذ خيرات الناس من خلال الاستيلاء على مقدرات الأمة... وهذه الحكومات تمارس الغش والخداع للوصول إلى الأهداف.
2 – حكومات تهدف إلى إقامة العدل وإعطاء كل ذي حق حقه بقدر المستطاع من خلال إيصال الأكفاء إلى السلطة... وهذه الحكومات تتعاطى مع شعوبها بواقعية وموضوعية لتجعلها معها في الطريق إلى الهدف...
وهذا الصنف الثاني من الحكومات هو المقبول... بل هو المطلوب.. بل إنه الهدف من إرسال الأنبياء عليهم السلام.

وإذا كان البعض يتصور أن الأنبياء عليهم السلام جاؤوا من أجل العبادات ثم يصنفون العبادات تصنيفاً خاصاً... فإن الإمام قدس سره من خلال فهمه لكتاب الله وما ورد عن النبي الأكرم ص وأهل بيته عليهم السلام يجعل من إقامة الله في الأرض أسمى العبادات... لأن ذلك هو السبيل ليتحول الكون بكل من فيه وما فيه إلى عابد لله تعالى...

فإن حركة المجتمع وسيره التشريعي نحو الله سبحانه وتعالى ينبغي أن يسير جنباً إلى جنب مع السير التكويني لهذا الكون إليه عز وجل... وإلاّ فغن حركة المجتمع إذا لم تكن كذلك فإننا نصل إلى مرحلة نشعر معها بالتضارب وعدم الانسجام في حركة المجتمع ككل من جهة... وبعدم الفائدة من الخلق من جهة أخرى. وهذا مخالف لأبسط القواعد التي يعرفها أي إنسان مسلم.
وهذه المعرفة يجب أن تصل إلى كل الأفراد في أي مجتمع من المجتمعات كانوا، ويجب على الجميع أن يتحملوا المسؤولية في التواصي بذلك الأمر لأنه جزء من رسالة الإسلام الكبرى، بل هو الأصل الذي تحفظ من خلاله رسالة الإسلام المحمدي الأصيل.

وبتعبير آخر فإن الحرب التي يشنها المغرضون على الإسلام لا تقف عند حدود عدم تأثير وسائل الإعلام عند الآخرين... فإنها تتجاوز ذلك من خلال أفكار منحرفة زرعتها في أذهان البعض ولا بد للمخلصين من القيام بدور إعلامي مضاد تتوضح من خلاله كل مفاهيم حاكمية الإسلام.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع