مقتطفات من سيرة الإنسان العظيم الذي جسد حياة الأولياء والصديقين
* في مسيرة التاسع والعاشر من محرم المليونية سنة 1399 هـ، هدد الشاه بإطلاق الرصاص على هذه الحشود المليونية إذا رفع شعار "فليسقط الشاه" أو "الموت للشاه" غير أنه سمح بإطلاق أي شعار غيره. ويتحير العلماء في تحديد الموقف الصائب وهم يواجهون تهديداً بوقوع مذبحة كبرى، غير أن الإمام الخميني قدس سره يحسم الموقف وهو في باريس ويطلب إطلاق هذا الشعار وتخرج الجموع المليونية تهتف في الشوارع بالسقوط للشاه، فما كان إلا أن مر شهران فقط على سقوطه وخروجه مدحوراً من إيران وكذلك الأمر عندما هدد بختيار بوقوع مذبحة في حال خرج الناس إلى الشوارع في 21 بهمن 57هـ ش. (عشية الانتصار) ولكن الإمام قدس سره أيضاً يحسم الأمر ويأمر بالخروج وتنتصر الثورة بذلك بحمد الله.
* وينقل الدكتور فردوسي پور هذه الحادثة قائلاً: الطائرة تحلق في سماء طهران وقلوب الجميع تدق. لقد جاءت جماهير طهران والمحافظات كلها إلى المطار لاستقبال الإمام. في فترة تحليق الطائرة سمعنا نداءً باللغة الفرنسية لم نفهم معناه، فانتاب الخوف جميع الركاب باستثناء الإمام، كان الشخص الوحيد الذي لم يجد الخوف إليه سبيلاً، سألت أحد الأخوة عن معنى النداء فقال: أن لجنة الاستقبال غير متهيئة لاستقبالنا ويجب علينا أن نحلق في الجو مدة ربع ساعة أخرى.
بعدها استقر الوضع وهبطت الطائرة، كان المطار مليئاً بالجماهير المحتشدة لرؤية الإمام والغارقة في بحر من المشاعر الجياشة، هبط الإمام وحيَّا الجماهير... وبعد انتهاء مراسيم المطار أراد الإمام ركوب السيارة للذهاب إلى "بهشت زهراء" (مقبرة جنة الزهراء)، وفجأة التف عدد من ضباط القوة البحرية بأسلحتهم حول سيارة الإمام وحاصروها بدا الجو خطيراً للغاية واحتمال الخطر كان يكبر عندما كانوا يمنعون الناس من الاقتراب من سيارة الإمام، في وسط هذه الأجواء المضطربة وقبل أن يركب الإمام في السيارة المخصصة لنقله توجه نحو الضباط وقال بصوت حاد: "إلى متى تبقون نياماً أيها الضباط، استيقظوا، إن بختيار الخائن قد أراق ماء وجوهكم".
وكان لكلمة الإمام أثر بليغ في نفوسهم بحيث أنهم جميعاً ابتعدوا عنه عدة أمتار مطاطئين رؤوسهم.
* يقول حجة الإسلام السيد حميد روحاني: بعد أن مر وقت على حادثة مدرسة الفيضية المفعجعة ومع ذلك ظلت أبواب بيوت الكثير من العلماء والمراجع مغلقة منذ يوم الحادث، وظل الكثير من الروحانيين وطلبة العلم قابعين في مساكنهم ولم يجرأ أي منهم على الخروج إلى الشوارع بملابسهم وزيهم الروحاني، كما كان الناس لا يجرأون على التقرب من منزل أحد من المراجع الدينية... لقد كان الرعب والخوف من الأحكام العرفية المعلنة قد ملأ الأنحاء كافة بوضع غير اعتيادي موحش... وفي هذه الأجواء المملوءة بالخشية والهلع يباغت الإمام الناس بصدور بيان يقول فيه: "تأييد الشاه يعني السطو والنهب، وتأييد الشاه يعني قتل البشر واستباحة الدماء، وتأييد الشاه ومحبته يعنيان هدم الإسلام. ومحو آثار الرسالة"، صدر هذا البيان وكان بمثابة الماء المنسكب على ألسنة اللهب... فأخمدها بأسلوب طريف يجلب الانتباه وبمهارة فائقة يضرب السلطة الجائرة بالصميم ويقلب خططها رأساً على عقب، مما جعل النظام عاجزاً مبهوتاً إزاء ذلك الموقف الذي امتاز بالانتباه إلى مواطن ضعف العدو ليوجه له الضربة القاضية من خلالها.
ومن هذا المنطلق أيضاً وقبل (15/خرداد/42) واجه النظام أعاصير الثورة في طول البلاد وعرضها وبإيعاز من السلطة استدعى الأمن الإيراني (الساواك) العلماء والخطباء الروحانيين في طهران وقال لهم: "إننا لا نريد أن نقول لكم لا تنتقدوا الدولة إطلاقاً، ولا تتكلموا نهائياً، ولا تتطرقوا إلى القضايا السياسية أبداً من فوق المنابر والمساجد ولكننا نريد منكم تجنب أمور ثلاثة فقط: ما كان موجهاً ضد الشاه، وما كان ضد إسرائيل، والقول المستمر بأن الإسلام في خطر، وعدا هذا فالخوض والقول فيه مباح لكم". ولما وصل الخبر إلى مسامع الإمام، تفضل سماحته بإلقاء خطاب في يوم (13 خرداد) تناول فيه إسرائيل بما لا يقل عن (10) أسطر قال فيها: "إسرائيل لا ترغب بوجود القرآن في هذه الدولة، إسرائيل لا تريد رجال الدين في هذه الدولة وإنها لا تريد إلا القضاء على المسلمين في هذه الدولة وتريد الهلاك والدماء لهذا الشعب، وتريد أن تشل الزراعة وتقضي على التجارة..." ثم توجه بخطابه إلى الشاه قائلاً: "أيها المسكين، التعس الحظ، لقد انقضى من عمرك 45 عاماً فتأمل قليلاً وتدبر أمرك. أنا لا أرغب في أن تصل إلى مصيرك السيء عندما يتخلى عنك أولياء أمرك وأرباب نعمتك، وأن يحيطوا بك، وسيحتفل الشعب ويعلن عن فرحته بتحطيم الأصنام التي قلما تجد لها في الحوادث التاريخية نصيراً".
* يقول آية الله الجوادي الآملي: أذكر يوم أبرق بعض مراجع الدين في قم المقدسة إلى الشاه المقبور يطلب منه إجبار حكومته على التخلي عن الانحراف عن الشريعة، فأجابه الشاه: نحن نسأل الله تعالى أن يوفقكم لإرشاد العوام. عندئذٍ نهض الإمام وقال في بيانه العام: "حيث أنك طلبت وسألت التوفيق لمراجع الدين في إرشاد العوام، لذلك فإنني أتقدم إليك وإلى حكومتك بهذه المذكرة..." مما يعني أنك أيها الشاه من عوام الناس، وعلينا أن نذكرك ونهديك.
...وعند الموحدين وساكلي الطريقة فإن الحديث عن الأجر والثواب الدنيوي بعد إساءة أدب بمنزلتهم ومقامهم. وهذه الدنيا بكل زبارجها وزخارفها واعتباراتها أقل بكثير من أن تكون أجراً ورفعةً للمجاهدين في سبيل الله/ الإمام الخميني قدس سره.