الشيخ بسّام محمّد حسين
يمتاز اليهود عموماً، والصهاينة خصوصاً، بأنّهم مجتمعٌ عنصريّ، يقوم على فكرة التفوّق البشريّ على سائر الخلق؛ فهم يدّعون لأنفسهم امتيازات لا يحظى بها سائر الناس، وقد أفرطوا في ذلك حتّى ادّعوا امتيازهم في الآخرة أيضاً. وقد تجلّت هذه الحقيقة بوضوح فيما قصّه الله تعالى من أمرهم في القرآن الكريم في مواضع عديدة، منها:
1- ادّعاؤهم النجاة من عذاب الآخرة: قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ فردّ عليهم -سبحانه- ادّعاءهم بقوله: ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ* بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(البقرة: 80-81).
2- التفوّق البشريّ: وزعموا أيضاً أنّ الله شرّفهم بأن جعلهم أبناءه وأحبّاءه دون سائر الناس، فقال سبحانه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ (المائدة: 18)، فردّ -سبحانه- زعمهم هذا بقوله: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ (المائدة: 18).
3- هم أولياء الله: كما زعموا الولاية لله دون سائر الناس، فقال تعالى في ردّ قولهم: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الجمعة: 5).
* الغرور العنصريّ
ولا زالت هذه الأمّة حتّى يومنا هذا تحتفظ بغرورها ودعواها هذه، ممّا يشكّل إحدى سمات هذا المجتمع؛ أنّه مجتمع عنصريّ مغلق، لا يرى في غيره من الخلق سوى موجودات خُلقت لخدمته.
وقد قسّموا العالم منذ القدم إلى قسمين متقابلَين:
قسم إسرائيليّ وهم صفوة الخلق، وقسم هم الأمم (جوييم)؛ أي غير اليهود، ويعنون به الوثنيّين والكَفَرة والبهائم والأنجاس.
وقد أدّى هذا الغرور والتعالي باليهود إلى إهدار كلّ حقٍّ لغيرهم عليهم، وأنّ من حقّهم أن يسرقوا من ليس يهوديّاً، وأن يغشّوه، ويكذبوا عليه، ويقتلوه إذا أمنوا اكتشاف جرائمهم(1)، وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك الرذيلة التي تمكّنت من اليهود بقوله: ﴿ومِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْه بِقِنْطارٍ يُؤَدِّه إِلَيْكَ ومِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْه بِدِينارٍ لا يُؤَدِّه إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْه قائِماً، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ، ويَقُولُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِبَ وهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (آل عمران: 75). كما فسحت هذه العنصريّة المجال لفسادهم وانحرافهم وعدائهم للشعوب؛ فقد جاء في التلمود أنّ الإسرائيليّ معتبرٌ عند الله أكثر من الملائكة، وأنّ اليهوديّ جزءٌ من الله، فإذا ضرب أميٌّ (غير يهوديّ) إسرائيليّاً، فكأنّه ضرب العزّة الإلهيّة. والفرق بين درجة الإنسان والحيوان، هو بقدر الفرق بين اليهود وغير اليهود، ولليهوديّ في الأعياد أن يُطعم الكلب. وليس له أن يُطعم غير اليهود، والشعب المختار هم اليهود فقط، أمّا باقي الشعوب فهم حيوانات(2).
وإنّ مجتمعاً هذه صفاته، لن يُكتب له البقاء والدوام إلّا بالتسلّط والقهر والظلم والأخذ بأسباب القوّة والنفوذ والتسلّط على سائر الخلق، وهذا ما يحصل مع هؤلاء اليوم على امتداد العالم.
لكنّ سنن الله تعالى تأبى للظلم أن يدوم، والباطل لا بدّ أن يزول؛ ممّا يعني أنّ نهاية هذا الكيان هي مسألة وقت، وعنصريّتهم لا شكّ من أسباب زوالهم: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ (هود: 81).
1- التفسير الوسيط للقرآن الكريم، طنطاوي، ج 5، ص 421.
2- مقارنة الأديان - اليهوديّة، شبلي، ص 268.