صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

المرأة: عن أي دور نبحث؟



بتول سبيتي


حركة المجتمع الإسلامية في أهدافها تمضي بما سخَّره اللَّه لإنسان هذا المجتمع ـ السماوات والأراضين ـ في المدى الكبير تأخذ هذه الحركة صيغة الجماعة ولا شك، ولكنها في التفاصيل هي حركة الإنسان بعقلية الجماعة، بهذا الاتجاه يحدد الإسلام مستلزمات معينة نتمثل بها وبقدر هذا التمثيل تأتي النتائج. ولهذه الحركة عناصر ومكونات، فقدان أي منها يخرجها كلياً أو جزئياً عن طبيعتها، وهي طبيعة اختار اللَّه الإسلام ( ـ)، والتي قد تمضي أن تتمثل بها حركة الإنسان من أهداف أن سخر له السماوات والأراضين كما أسلفنا، أو قد يخرج عن إطارها مجتمع إنساني في رأي أو مبدأ يتبناه، وبالتالي يعيش حالة من الضياع في أشكال من التجارب التي احتوت هذا الكوكب الأرضي منذ الخليفة إلى الآن، إذ أن إهمال أي تفصيل يترك أثره في المجتمع في كل مجالاته لأن الحالة كل لا يتجزأ.

ولئن كان تفسير الإنسان والكون والحياة قائم على نظرية إنما لتؤدي في مجال صحتها إلى مسار تحدده هذه النظرية، يأتي منسجماً بذات المستوى بحيث لا تخرج عن هذه الدائرة أي علاقة أو قانون أو استنباط. وفي واحدة من هذه العلاقات يأتي بناء المجتمع، بناء الدولة، سلوك الرجل، سلوك المرأة، كأي علاقة قائمة في المجتمع تكون بمجموعها المبدأ الإلهي ألا وهو الإسلام بمجموعه من مجتمع إسلامي ودولة إسلامية وأخلاق إسلامية، بحيث يستحيل عزل أي علاقة من هذه العلاقات عن الأخريات لأن في ذلك حرفاً للمسار.

والمرأة من هذه الحركة التي لا تهدأ لها وعليها، وفي هذا الإطار يأتي دورها جزءاً من النسيج الإسلامي المتكامل الذي يغطي حياة اليوم بكل ما فيها من أحداث، أو فعل، أو ما يستجد على جميع الأصعدة، الاجتماعية، السياسية، الثقافية... إلخ.
ومن هذا المنطلق تأتي النظرة إلى المرأة جزءاً غير منفصل عن الأصل: الإنسان، ومسار هذا الإنسان نحو اللَّه من خلال سلوكه. والأصل؛ حيث إعطاء القيمة بقدر السعي الحثيث لرفع الحجب وتهذيب النفس والقلب والتوجه بتوجيهات الإسلام وتطبيق أحكامه:
«إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم»، والأصل؛ في صحة علاقات هذا الإنسان، علاقاته مع نفسه، علاقاته العامة والمنعكسة على العموم في السعي إلى إقامة حكم اللَّه. وفي كل ذلك يكون المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وذلك للوصول إلى حالة خلافة اللَّه على الأرض.

الشريعة الإسلامية تبين من خلال القرآن والسنة والأحكام واجبات المرأة وحقوقها وتعبّر عن تكليفها بأوامر تارة موجهة للمرأة وأخرى موجهة للرجل، أوامر تحفظ المجتمع بركنيه ـ الرجل والمرأة ـ ركنان بعضهما من بعض لكلّ اختصاصه: الشدة والرقة، القوة والرحمة، ولكل عمله المشترك والمختص، في أوامر تضمن للمجتمع حياة مثمرة فاعلة لا تشوبها الشهوات ولا يتجاذبها التناقض، أوامر تحفظ المرأة إنساناً كريماً بتقواه، بأخلاقه، بشخصيته، بعمله وعطائه، وتحفظ الرجل متزناً مستقراً.

أوامر توجه الإنسان إلى حيث أراد اللَّه كائناً مستخلفاً في الأرض لعبادته. وذلك في إطار من اليسر والتسهيل. وهذا كله لا يتعارض مع المشاركة الفعلية للمرأة في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولكن من دون إهمال مسألة تصور المرأة عن القيام ببعض الوظائف واختصاصها بالرجل أو اختصاص وظائف أخرى بالمرأة دون الرجل وهذا ناتج عن احتياج بعض الوظائف لطاقات هي ملاك الرجل، واحتياج البعض الآخر لطاقات هي ملاك المرأة من دون انتقاص أو امتياز لأي من الجنسين على الآخر تبعاً لذلك. إنما هو اختلاف في التكوين، ولأن الإسلام دين إلهي يراعي تفاصيل الخليفة بداهة، يتأتى عن ذلك اختلاف الحكم بما يلحظ الخصوصيات ويراعيها حين وجودها. وفيما عدا ذلك، الحكم واحد ينطبق ويطبَّق على الاثنين.

والمرأة المسلمة منذ بزوغ الإسلام قدمت صوراً رائعة تحكي عن فاعلية دورها، فخديجة زوج الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم ساندت زوجها منذ نزول الوحي والرسالة ووقفت بجانبه عندما تعرض للأذى. كذلك سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام أعطتنا صوراً واضحة لرفض الانحراف عن طريق الحق ولم تسكن أو تهدأ بل أعلنتها عالياً في خطبة دوى لها التاريخ، والسيدة زينب عليها السلام ونصرتها لأخيها ودورها الجهادي العظيم على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال حيث كان بعض مما نعلم... حتى نصل إلى عصرنا الحالي ونساء الثورة في إيران اللواتي كان لهن أعظم الأثر في سقوط الإمبراطورية البائدة حيث وقفن في الصفوف الأمامية وقدمن النفس والولد والمال رخيصاً لنصرة الإسلام. وكذلك المجاهدات الصابرات في لبنان والحديث عنهن يطول، وأخريات سمعنا عنهن وأخريات بقيت أعمالهن طي الكتمان حيث احتسبن الأجر والثواب عند اللَّه.

هنا يأتي التأكيد على نقطة أن العمل الفاعل والمؤثر ليس موقعاً أو اسماً أو وظيفة إنما هو نفس الفاعلية والتأثير ـ ومنعكسات هذا الفعل ـ الأثر صور مشرقة تعيشها المجتمعات من دون أن تغرق في في حدود المصلحة والاعتبار.

ويبقى أن نقول إن كل من ينتج أثراً ليس بحاجة إلى أن يبحث عن دور أن يسعى وراءه بل كانت هذه الأدوار تأتيه طوعاً بما تحويه من واجبات أولاً، ثم حقوق بشكل تلقائي وهي علمية انسيابية لا تحتاج إلى كثير من عناء وإلى تفصيل لمصطلحات تقام من أجلها مهرجانات وخوض في النقاشات واستفاضة في الشرح والتخصيص. هذه الطواعية بحاجة فقط إلى الالتفات إلى حقيقة ما يجب القيام به كتكليف إلهي في كل الحركات والسكنات، فالمرأة المسلمة الباحثة حقاً عن تكليفها والذي قد يختلف من موقع إلى آخر ومن شخص إلى آخر تجد دورها واضحاً وحركتها نحوه سلسلة وحرة بالمطلق في ظل عبودية مطلقة لله من دون أي قيد سوى ذلك، فالكل في هذا الكون له تكليفه والكل مسؤول عن تأدية هذا التكليف والانصراف إلى ذلك هو الأجدى والأهم من دون الانهماك بتقسيم حرفي للأدوار التي تأخذ طابعاً متحركاً في الغالب، ومن دون الحديث عن حرية وحقوق وواجبات لأنها تصبح بمثابة تحصيل للحاصل..


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع