مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

مشكاة الوحي: الغيرة والحمية

 


الغيرة ملكة باعثة على الدفاع عن مهام الأمور العرفية أو الشرعية وعلى السعي لمحافظته، وهذه الفضيلة علامة المروّة، بل يظهر من الروايات أنها علامة الإيمان فمن لا غيرة له ليس برجل ولا بمؤمن فلذا قال أمير المؤمنين عليها السلام لأهل الكوفة الذين ما دافعوا عن حريم الإسلام "يا أشباه الرجال ولا رجال"، والقرآن جعلها علامة الإيمان حيث جاء:  ﴿محَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾  ومن هم المقصودون بـ "والذين معه"؟ المؤمنون الذين آمنوا به وبربه، وهذه الفضيلة ذات مراتب كسائر الفضائل، فالمرتبة الضعيفة منها مطلوبة وكلما اشتدت زادت مطلوبيتها فليس لها طرف إفراط وتفريط حتى تكون مذمومة، نعم قد تستعمل في غير محلها ويقال لها حينئذ التعصب الجاهلي والحمية الجاهلية حث قال الله تعالى: ﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾.

والغيرة والحمية متأصلة في النفس وكيف لا والله غيور يحب لك غيور ومن غيرته حرَّم الفواحش، ظاهرها وباطنها وحرَّم الحرام وحد الحدود ومن لا يغار فهو منكوس القلب، كل هذا مما ورد عن أئمتنا عليها السلام.

والغيرة على أقسام:
أ ـ الغيرة والحمية في الدين، والدفاع عن حريم الإسلام من أوجب الواجبات وليس في الإسلام واجب أوجب منه حيث قال تعالى:  ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين﴾َ .
أي أن الغيرة والحمية على الدين أوجب من كل ما ملكت أيديكم فهي أعلى درجات الغيرة والحمية، ويجب على كل مسلم السعي للمحافظة على الإسلام، فلذا أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال الله تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون من تقوى القلوب".

ب ـ الغيرة والحمية على حفظ عفّة أهله وعقيلته وأكثر موارد استعمالها بهذا المعنى، فالدفاع عن حريم امرأته والسعي على محافظة عفتها لازم لدفع الفاحشة، والمحافظة على حرمة العفاف، فليس بمؤمن من لا يغار على أهله وامرأته فيكون ممن يساهم في إشاعة الفاحشة قال الله تعالى:  ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون﴾َ ".
والقرآن اهتم بهذه الصفة أشد الاهتمام:
أولاً: أمر بجلد الزانية والزاني وثانيا: نهى عن النظر لكونه سهماً من سهام إبليس. «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم»، وثالثاً: نهى عن المعاشرة والمواجهة إلا للضرورة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ ، وعن تبرج النساء أمام الأجنبي، ونهى عن موضوع القول وأمر بحفظ وجوههن وإدناء جلابيبهن عليهن.
ج ـ الغيرة والحمية في الأموال والأولاد والأقرباء والجيران والشعب إلخ.. ولا مجال هنا للتوسّع.
في الختام نؤكد على عدم التسامح والتقصير في المحافظة على ما يحتاج إلى حارس من ديننا وعرضنا وأولادنا وأموالنا.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع