مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

فقه القائد: حرمة التكسب بآلات القمار

 


قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون﴾َ  (البقرة/219)، وقال أيضاً: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  *  إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾ (المائدة: 90- 91)، وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير ومعنى الميسر ما يلي: (لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما الخمر والميسر..." قيل: يا رسول الله ما الميسر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: كل ما تقوم به حتى الكعاب والجوزة، قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا لآلهتهم، قيل: فما الأزلام؟ قال: قداحهم التي يستقسمون بها).
والكلام في الميسر وهو "القمار" في نقطتين أساسيتين هما:
الأولى: حرمة القمار ذاتاً أي حرمة اللعب بآلات القمار.
الثانية: حرمة التكسب بالقمار.


والكلام في النقطة الأولى ضمن الأمور التالية:
أولاً: معنى القمار: وهو لغة "المراهنة والغلبة" يقال: "قمر يقمر قمراً" راهن ولعب في القمار، ثم "قامره مقامرة وقماراً: راهنه ولاعبه في القمار" ثم: تقامر القوم: تراهنوا ولعبوا في القمار، وعليه فالقمار هو "مصدر كل لعب يشترط فيه أن يأخذ الغالب من المغلوب شيئاً، سواء كان بالورق أو بغيره، أو أن القمار هو: "اللعب بالآلات المعدة له على اختلاف أنواعها نحو الشطرنج والنرد، وأصل القمار هو "الرهن على اللعب بالشيء من هذه الأشياء".

ثانياً: موارد حرمة القمار: القمار يمكن أن يطلق على ثلاثة أمور من الأشياء التي يمكن جعلها آلة للقمار وسبباً للمراهنة والغلبة وهي التالية:
1- اللعب بالآلات المعدة للقمار مع الرهن.
2- اللعب بالآلات المعدة للقمار لكن من دون الرهن.
3- اللعب بالآلات أو الأشياء غير المعدة للقمار مع الرهن كاللعب بالجوز والبيض مع الرهن.
أما رقم (1) فهو المحرم قطعاً بإجماع علماء المسلمين وهو القدر المتيقن من دلالة الكتاب والسنة في مسألة القمار، لأن اللعب بآلات القمار مع شرط، الرهن والربح بسبب ذلك هو عين القمار المنهي عنه في الآيات والروايات، وهذا النوع من القمار لا مجال للبحث في حرمته لأنه المقطوع به والمؤكد.

وأما رقم (2) فهو إن ناقش البعض في تحريمه بسبب عدم صدق معنى المراهنة والغلبة على اللعب بآلات القمار من دون رهن، إلاَّ أن كلمة "الميسر" المنصوص عليها التحريم في الآيات القرآنية تعني "نفس أدوات القمار وآلاته ولو من دون رهن" وتدل على ذلك الروايات أيضاً كما في الرواية عن الإمام الهادي (عليه السلام) حيث سأله سائل فقال: (إن رأى سيدي ومولاي أن يخبرني عن قول الله عز وجل يسألونك عن الخمر والميسر... جُعِلْتُ فداك؟ فكتب (عليه السلام): "كل ما قومر به فهو الميسر"، ويدل على أن القمار هو نفس الآلات ولو من دون اللعب بها بالرهان الروايات الدالة على حرمة بيعها وشرائها والتكسب بها كما في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) حيث قال بعد بيان الآلات كالشطرنج والورق وغيرهما (كل هذا بيعه وشراؤه والانتفاع بشيء من هذا حرام ومحرم وهو رجس من عمل الشيطان)، ولذا أفتى علماؤنا أجمع بحرمة اللعب بآلات القمار ولو من دون رهن كما سوف نبين لاحقاً عند ذكر استفتاءات الإمام الخامنئي "دام ظله" في هذا المجال والأجوبة عنها.

وأما رقم (3) فمن الواضح أن اللعب بها لمجرد التسلية والمرح لا مانع منه لأن هذه الآلات والأدوات أو الأشياء ليست معدة للقمار وليست مصنوعة لأجله، ولذا لا يحرم اللعب بها بشكل أولي كاللعب بالجوز أو البيض أو أي شيء آخر، نعم لو كان اللعب بها مع اشتراط الرهن وأخذ الغالب ما راهنوا عليه صار اللعب بها حراماً أيضاً لصدق عنوان القمار والمقامرة أو عنوان الميسر أيضاً، وقد ذكرنا في أول هذا البحث ما يدل على حرمة ذلك، ونزيد هنا روايات أخرى منها (عن السكوني عن أبي عبداللَّه (عليه السلام) قال: كان ينهى عن الجوز يجيء به الصبيان من القمار أن يؤكل، وقال: هو سحت).
فالمتحصل من النقطة الأولى أن القمار حرام مطلقاً وهو "اللعب بآلات القمار سواء مع الرهن أو بدونه أو اللعب بالآلات غير المعدة للقمار ولكن مع الرهن لا بدونه).

وأما الكلام في النقطة الثانية وهي "حرمة التكسب بآلات القمار" فهو ضمن ما يلي:
إن الله إذا حرَّم شيئاً حُرم تبعاً له التكسب به وجعله وسيلة لتحصيل المال، وذلك لأن المال المتحصل من مثل هذا العمل المحرم أو الأمر المحرم هو "سحت" و"السحت" هو عبارة عن المال الذي يكسبه الإنسان بوسيلة غير مشروعة ومحرمة، وعليه فالتكسب بالقمار هو نظير التكسب من الغناء المحرم ومن بيع الخمر مثلاً.

وعليه فمن يأخذ المال المكتسب من القمار لا يكون ملكاً له ولا يجوز له التصرف فيه وهو من نوع أكل المال بالباطل وينطبق عليه قول الله عز وجل {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، والكلام في رضا المغلوب على أخذ الغالب ماله في المقامرة لا معنى له ولا محصل بعد حكم الله بحرمة مثل هذا الكسب، إذ أن الرضا وعدمه لا دخل لهما في تغيير حكم المال المكتسب بالقمار، بل الحرمة هنا مضاعفة لأنها تحتوي على حرمتين معاً:
- الأولى: حرمة القمار ذاتاً.
- الثانية حرمة التصرف بمال لم يكسبه من سبيل شرعي جائز.
أما استفتاءات الإمام الخامنئي القائد "دام ظله" فتنتخب منها ما يلي مما يناسب المقام:

* استفتاء (1): إذا بادر الأشخاص إلى اللعب بالورق من دون شرط في وقت فراغهم ولا يفكرون بالقمار أو الحصول على المكاسب سواء من قريب أو بعيد، وإنما عملهم لمجرد التسلية واللهو، فهل يعتبر ذلك حراماً وأن هؤلاء الأشخاص يرتكبون محرماً، وما هو حكم الحضور في مجالس اللعب والورق للتفرج؟
جواب (1): اللعب بالورق الذي يعد عرفاً من آلات القمار حرام مطلقاً، ولا تجوز المشاركة اختياراً في مجلس يلعب فيه بالقمار أو بآلاته.

* استفتاء (2): هل تجوز المراهنة بالنقود أو غيرها على اللعب بغير آلات القمار؟
جواب (2): لا تجوز المراهنة على الألعاب ولو كانت بغير الآلات المعدة للقمار.

* استفتاء (3): ما هو حكم اللعب بآلات القمار كالورق ونحوه على آلة "الكومبيوتر"؟
جواب (3): حكمها حكم اللعب بنفس آلات القمار وهو "الحرمة".

* استفتاء (4): هل يجوز استخدام واستعمال بطاقات الورق في الألعاب الفكرية المحضة الخالية عن الرهان والمحتوية على مضامين علمية ودينية؟ وما هو حكم اللعب بقطع الأوراق التي يتكون من خلال ترتيبها بنحو خاص بعض الرسومات من قبيل دراجة نارية أو سيارة ونحوها مع أنه يمكن استعمالها في الرهان أيضاً؟
جواب (4): لا يجوز استعمال الأوراق التي تستخدم عادة في القمار، وأما الأوراق التي لا تستعمل في القمار عادة فلا بأس في استعمالها في الألعاب الخالية من الرهان، وعلى وجه عام ما يراه المكلف بنظره من الأوراق وغيرها أنها من آلات القمار ومما يستخدم في القمار فلا يجوز له اللعب بها بحال، وأي آلة يراها المكلف أنها ليست عادة من أدوات القمار ولم يقصد شخص اللاعب القمار بها فلا إشكال في اللعب بها.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع