نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مشكاة الوحي‏: إتباع الهوى‏

 


عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "إنَّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان، اتباع الهوى، وطول الأمل".
الهوى في اللغة "حب الشي‏ء" و"اشتهاؤه" من دون فرق في أن يكون المتعلق أمراً حسناً ممدوحاً، أو قبيحاً مذموماً.
فإن "اتباع الهوى" يقوم بالمنع عن الحق، ويقول الله تعالى في ذم اتباع النفس وأهوائها: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾
فميزان البعد عن الحق هو اتباع هوى النفس، ومسافة هذا البعد تقدر أيضاً بمقدار التبعية  ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾.

فكما أن ميزان منع الحق والصدّ عنه هو اتباع الهوى، فكذلك ميزان اجتذاب الحق وسيادته هو متابعة الشرع والعقل. وبين هذين المقياسين وهما التبعية التامة لهوى النفس والتبعية التامة المطلقة للعقل منازل غير متناهية، بحيث أن كل خطوة يخطوها ف ياتابع هوى النس، يكون بالمقدار نفسه قد منع الحق، وحجب الحقيقة وابتعد عن أنوار الكمال الإنساني وأسرار وجوده وبعكس ذلك، كلما خطا خطوة مخالفة لهوى النفس ورغبتها، يكون بالمقدار نفسه قد أزاح الحجاب وتجلت أنوار الحقيقة.

فاعلم أن رغبات النفس وآمالها لا تنتهي ولا تصل إلى حد أو غاية، فإذا اتبعها الإنسان ولو بخطوة واحدة. فسوف يضطر إلى أن يتبع الخطوة خطوات، وإذا رضي بهوى واحد من أهوائها، أجبر على الرضى بالكثير منها، ولئن فتحت باباً واحداً لهوى نفسك فإنّ عليك أن تفتح أبواباً عديدة له.

وأهواء النفس متعددة ومتنوعة من حيث المراتب والمتعلقات، وقد يغفل الإنسان نفسه عن ملاحظة أنها من مكائد الشيطان ومن أهواء النفس ما لم يُنبَّه على ذلك ويوقظ من غفلته، إلا أنها جميعها تشترك في كونها تمنع عن الحق وتصدّ عن طريقه، رغم اختلاف مراتبها ودرجاتها، فإن أصحاب الأهواء الباطلة من الذين يتخذون الآلهة من الذهب وغيرهم.كما يخبر الله عز وجل عنهم في قوله: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه). وغيرها من الآيات الشريفة. ينقطعون عن الله، بصورة معينة، وإنها باتباع الأهواء النفسية والأباطيل الشيطانية في عقادئهم الباطلة وأخلاقهم الفاسدة يحتجبون عنه سبحانه بصورة أخرى، وإن أصحاب المعاصي الكبيرة والصغيرة والموبقات والمهلكات كل حسب درجة المعصية ومرتبها يبتعدون عن سبيل الحق بصورة ثالثة، وأن أهل الأهواء في الرغبات النفسية المباحة مع الانشغال والانهماك فيها يتخلفون عن سبيل الحق بصورة رابعة، وأن أهل المناسك والطاعات الظاهرية الذين يعبدون من أجل عمران الآخرة ومن أجل البلوغ إلى الدرجات العلى أو الخشية من العذاب الأليم والنجاة من الدركات السفلى يحتجبون عن الحق وسبيله بصورة خامسة، وأن أصحاب تهذيب النفس وترويضها، لإظهار قدرتها والوصول إلى جنة الصفات، فيفصلون عن الحق ولقائه بشكل آخر، وأيضاً هناك مراتب أخرى فعلى أصحاب هذه المراتب أن يراقبوا بدقة حالهم، وأن يطهروا أنفسهم من الأهواء لئلا يتخلفوا عن طريق الله ولا يضلوا عن مشاكل الحقيقة، حتى تظل أبواب الرحمة مفتوحة عليهم، مهما تكن مقاماتهم ومنازلهم والله ولي الهداية.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع