مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

من وصية أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن عليهما السلام

 


يا بُني، إني قد أنبأتُكَ عن الدُّنيا وحالِها، وزَوالِها وانتقالهَا بأهلها، وأنبأتُك عن الآخرةِ ومَا أعَدَّ اللهُ لأهلها فيها، وضربتُ لكَ فيهما الأمثال، لتَعتَبرَ بها، وتَحذو عليها.
إنَّما مَثلُ مَن خَبَرَ الدُّنيا كَمثل قوم سفر نَبا بِهم مَنزلٌ جَديبٌ، فأمُّوا مَنزلاً خَصيباً وجناباً مَريعاً، فاحتملُوا وَعْثاءَ الطريق، وفِراقَ الصديق، وخشونة السَّفر، وجُشوبة المطعم، ليَأتوا سَعة دارِهم، ومنزلَ قَرارهم، فليس يجدون لشيءٍ من ذلك ألماً، ولا يَرونَ نَفقةً فيهِ مَغرماً، وَلا شَيءَ أحبُّ إليهم ممَّا قرَّبهم من مَنزلِهم، وأدناهُم من مَحَلِّهم.
ومعثلُ مَن اغترَّ بها كَمثلِ قَوم كانوا بمنزلٍ خَصيبٍ، فنَبا بهم إلى مَنزلٍ جَديب، فَليسَ شيءٌ أكره إليهم، ولا أفظَعَ عندهم، ولا أهولَ لديهم، من مُفارقةِ ما كانوا فيه إلى ما يَهجُمون عَليه ويَصيرون إليه.
ثمَّ قَرَعْتُكَ بأنواع الجَهالاتِ لَئلاَّ تَعدَّ نفسكَ عالماً، فإن وَردَ عَليكَ شيءٌ تعرِفُه أكبَرْتَ ذلك، فَإنَّ العالِمَ من عَرف أنَّ ما يَعلمُ فيما لا يَعلم قليلٌ، فَعدَّ نَفسه بذلك جاهلاً، فازدادَ ما عَرفَ من ذلِكَ في طَلَبِ العِلم اجتهاداً؛ فمَا يَزال لِلعلمِ طالباً، وَفيه راغباً، ولهُ مُستفيداً، ولأهله خاشعاً، ولرَأيه مُتَّهماً، ولِلصمت لازماً، ولِلخطأ حاذراً، ومنهُ مُستَحيياً؛ وإن وَرَدَ عليه ما لا يَعرِفُ لم يُنكر ذلِكَ لما قَرَّر به نفسهُ من الجَهالةِ، وإنَّ الجَاهلَ مَن عدَّ نفسهُ لِما جَهِلَ منِ معرِفته للعلم عالمَاً، وبرأيه مكتفياً؛ فَما يَزال للعلماء مُباعداً، وعليهم زارياً، ولمِن خالَفه مُخَطئاً، ولِما لم يعرِف من الأمور مُضلِّلاً؛ فإذا وَرد عليه من الأمور ما لا يعرفهُ مُخَطِّئاً ولِما لم يعرف من الأمور مُضلِّلاً؛ فإذا وَرد عليه من الأمور ما لا يعرفهُ أنكرهُ وكَذَّب به، وَقالَ بِجهالتهِ: ما أعرِفُ هذا. وما أراهُ كان. وما أظنُّ أن يكونَ. وأنّى كان. وذلكَ لثِقتهِ برأيه، وقلَّة معرفته بجهالَته. فَما يَنفكُّ بِما يرى مِمَّا يلتبس عليه برأيه ممَا لا يَعرف للجهل مستفيداً، وللحقِّ مُنكراً، وفي الجهالةِ مُتحيراً، وفي اللَّجاجةِ مُتَجَرئاً، وَعن طَلب العلم مُستكبراً.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع