نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام القائد: الولاية حصن الأمة

 


الخطاب التاريخي  الذي ألقاه الإمام الخامنئي أمام أفراد التعبئة وقطع فيه دابر الفتنة. نقتطف منه موضع الحاجة ونقدمه إلى قراء المجلة.

بسم الله الرحمن الرحيم
إن التعبئة هي من بركات الثورة، وهي ظاهرة مدهشة تمتاز بها هذه الثورة، وهي أيضاً من جملة ما تركه لنا إمامنا الراحل من خلال رؤيته الإلهية وحكمته التي مَنّ بها الله تبارك وتعالى عليه، وإذا أردنا أن نعرّف التعبئة في كلمات قصار ينبغي أن نقول إنّ التعبئة هي عبارة عن مجموعة تضم أكثر الناس طهارة وتضحية وأكثر شباب البلد استعداداً للعمل في طريق الأهداف السامية لهذا الشعب. وإيصال هذا البلد إلى الكمال والسعادة...

إنّ إحدى أبرز الخصوصيات التي نعتقد بتحلّي الفرد التعبوي بها، الصفاء والإخلاص، فصفاء التعبوي وخلوصه وعلاقته بالله سبحانه وتعالى من خصوصياته الأساسية. إنّني أغتنم هذه الفرصة لأدعوكم إلى توثيق أواصر علاقتكم بالله سبحانه وتعالى قدر استطاعتكم، لا سيما في هذه الشهور المباركة، شهري رجب وشعبان وهي شهور الدعاء، شهور الاستغاثة، شهور التقرّب إلى الله تبارك وتعالى شهور طلب الحاجة من المعشوق الحقيقي لكلّ إنسان، في مثل هذه الشهور أعدّوا أنفسكم للدخول في ضيافة الرحمن في شهر رمضان المبارك، وفي شهر رمضان المبارك اعملوا ما استطعتم ليلاً نهاراً لإنارة قلوبكم بذكر الله استعداداً لاستقبال ليلة القدر، وهي "خير من ألف شهر، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر"، ليلة تَصل فيها الملائكة الأرض بالسماء، وتنير القلوب بفضل من الله ولطف، هي ليلة السلم والسلامة المعنوية، "سلام هي حتى مطلع الفجر"، هي ليلة سلامة القلب والروح، ليلة الشفاء من الأمراض الأخلاقية، الأمراض المعنوية، الأمراض المادية، الأمراض الاجتماعية التي وللأسف تتفشّى اليوم في الكثير من شعوب العالم بما فيها الشعوب الإسلامية، والسلامة من كل هذه الأمراض ممكنة في ليلة القدر وميسّرة شرط الاستعداد الجيّد لاستقبال ليلة القدر، فدعاؤكم وخشوعكم واطمئنان قلوبكم بذكر الله...

ما معنى الإخلاص؟ إن الإخلاص الذي كان يتحلّى به الإمام، والذي تملكون أرضيّته في نفوسكم، لو تتحلّون به اليوم ونتحلّى به نحن أيضاً، ويتحلّى به كلّ المعنيّين، لباءت كلّ مؤامرات الأعداء بالفشل، ذاك السلاح الذي لا يمكن لأيّة قوّة ماديّة مواجهته، هو سلاح الإيمان المخلص والعمل المخلص، فالإخلاص يعني أن يؤدّي الإنسان عمله في سبيل الله وحباً في أداء الواجب، وأن يبتعد عن تأدية عمله إرضاءً لأهوائه وتحقيقاً لمكسب مادي وجاه وسمعة إسميّة من منطلق الحسد والجشع والطمع والحرص، فليكن عمله لله سبحانه وتعالى تأدية للواجب، هذا هو معنى الإخلاص، عمل يتّسم بالإخلاص مصيره النجاح، ولا يمكن لأي عقبة أن تقف في وجهه، لقد كان إمامنا مجهّزاً بهذا السلاح، وكان يردّد مراراً أنّه لن يتغاضى حتى عن أقرب المقربين إليه إذا ما خطوا خطوة خلاف الحقّ، وهكذا كان، لقد أثبت في الظروف الحسّاسة أنّ ما يهمّه هو تأدية الواجب، أثبت ذلك في العلن...

أيّها الأعزّاء.. لا يفكّرنّ أحد أنّ مؤامرات الأعداء قد انتهت مع مضيّ ثمانية عشر عاماً على انتصار الثورة، فالعدوّ لا يمكنه أن يكفّ عن مواجهة نظام سلب منه مصالحه غير المشروعة في المنطقة، أو أن يتصالح معه، طبعاً ألسنتهم تلهج ببعض الأمور، لكن باطنهم عكس ذلك...

إنّ مؤامرة العدو في الماضي تختلف عمّا هي عليه اليوم، ففي الماضي كانت تنطلق من عدم التجربة، يعني أنّ أمريكا والاستكبار العالمي وأصحاب الشركات الصهيونية الكبرى وأمثالهم عندما أرادوا مواجهة الشعب الإيراني والثورة الإيرانية اعتمدوا طرقاً أكثر بساطة تجلّت بوضوح للجميع، منها الإيعاز بشن العدوان العسكري والبدء بالحرب، كانت مؤامرة عرفها الجميع لوضوح خيوطها ما دفع بالناس إلى استنفار الطاقات والتصدّي لها، أو مثل هجوم الأمريكيين في صحراء طبس، كان هجوماً علنياً، ومؤامرات من هذا القبيل كالحصار الاقتصادي والحملات الإعلامية وغير ذلك، لكنّهم أدركوا بمرور الوقت أنّه لا يمكن قهر الشعب الإيراني وزلزلة أركان النظام الإسلامي بمثل هذه المؤامرات، وهذه التجربة دفعت بهم إلى البحث عن سبل أكثر تعقيداً، وبنفس النسبة التي يزيدون بها من تعقيد مؤامراتهم، على الشعب الإيراني أن يزيد من وعيه، وعلى الشباب أن يزيدوا من استعداداتهم، ليس المقصود الاستعداد للحرب، لأنه لا حديث اليوم عن حروب عسكرية، طبعاً الاستعداد القتالي ضروري ليوم ما، ولكن ما يلزم الجميع اليوم هو الاستعداد المعنوي، يعني الاستعداد الفكري، الاستعداد النفسي، الاستعداد السياسي، حفظ الوحدة، توثيق الارتباط بين القوى والوحدات، تحكيم العلاقة الحميمة بين الشعب والحكومة، معرفة شخصية العدو مهما تنكّر وبدّل زيّه، فالعدو يلجأ إلى تغيير لونه وشكله باستمرار لمواجهة الثورة، ولن يأتي دائماً متخفياً بالزي العسكري التابع للدولة الفلانية...

في اجتماع عقد في الآونة الأخيرة في إحدى الدول الأجنبية حول الثورة وما تحمله من أخطار على الاستكبار، قال بعض المتحدثين خلال الاجتماع إن الثورة الإسلامية ماضية بفضل رجال الدين ودعم شباب الحوزات والجامعات، ولضرب هذه الثورة علينا أن ننطلق من نفس القاعدة، نلجأ إلى الحوزة العلمية، نبحث عن رجل دين، ونتسلّل إلى الحوزات والجامعات، لنتمكّن عبر هذا الطريق من ضرب هذه الثورة والنيل منها، ولكنّهم غافلون عن أنّ حوزتنا واعية، وجامعتنا متيقّظة، وكبارنا واعون ومتيقّظون، لقد أساء أولئك الذي يحيكون المؤامرات فهم الشعب الإيراني.
لقد استخدم العدوّ في مواجهته للثورة أشكالاً عديدة من الأساليب التآمرية، وهذه المرة شاؤوا باعتقادهم. تجربة أسلوب جديد أكثر تأثيراً، وهو استهداف القيادة، وأنا على يقين أنّهم بعد تدقيق وتمحيص طويلين واطلاع على مجمل الأوضاع والأحوال المختلفة واعتماد على معلومات خاطئة وصحيحة توصّلوا إلى هذه النتيجة وهي استهداف القيادة، لماذا؟ لأنّهم يعلمون أنّ جميع مؤامراتهم ستؤول إلى الفشل، في بلد تُمْسِك بزمام أموره قيادة مقتدرة. وإلاّ فالشخص ليس مشكلتهم ولا يهمّهم...
إن هؤلاء الذين يتكلّمون اليوم بنبرة خشنة ويقذفون بالتهم ظلماً وعدواناً... ألم يفعلوا ذلك مع الإمام الراحل؟
لقد أدموا قلب الإمام، وهذا ما أشار إليه في تلك الرسالة، إنّهم يعارضون القيادة، لأنّهم يعلمون أنّ القيادة في المجتمع الإسلامي وإيران الإسلامية هي الحلّ لكلّ معضلة، فالقيادة هي التي تحلّ المشاكل المستعصية التي تعترض الحكومة أيّاً كانت هذه الحكومة.

لذا، فمن الطبيعي أن يكنّوا العداء للقيادة، ويضمروا لها حقداً دفيناً، لا عجب في ذلك طبعاً للقيادة المقتدرة، لأنّ القيادة الضعيفة المغمورة التي لا حول لها ولا قوة والتي لا تعرف شيئاً ويمكن التلاعب برأيها بسهولة وإيقاعها في الخطأ، لا يمكن أن تستأثر باهتمامهم، أما القيادة المقتدرة التي يدعو لها الإسلام ويريدها الناس وتوجبها الثورة ويلزمها الدستور، فهم يعارضونها، وهذا من حقّهم، ولا عجب في ذلك ولا أتعجّب من استهدافهم للقيادة، طبعاً الشعب يقظ، والعلماء والفضلاء والمسؤولون في البلاد قد تعاملوا كما هم دائماً مع القضية بمنتهى الوعي والمسؤولية، ما إن أحسّوا أنّ هناك مؤامرة.
إنّ العدوّ حاول أن يقول إنّ هناك تيارين، متضادّين، يختلفان حول الصلاحيات، لا وجود لهذا، فقد أوضح الأمر السيد خاتمي وبشكل جميل، وبات معلوماً أنّ الكلّ يعلم صلاحياته ومسؤولياته وهم يواصلون مهامهم بكلّ تعاون وإلفة ومحبّة، وهنا أصيب العدوّ بالفشل.

ثم بعد ذلك قام المراجع العظام في قم، ومن البركات الإلهية المهمّة لهذا البلد، وجود مرجع تقليد واع وهو أهم من أي نعمةً أخرى بالنسبة للناس، مرجع واعٍ، مرجع لا يخدع، مرجع لا تؤثر فيه دعايات العدوّ، مرجع لا يأخذ تحليله السياسي من إذاعة "إسرائيل"، أما رأيتم كيف وقف المراجع العظام في مواجهة الشائعات التي أثارها العدو، ثم جاء دور الحوزة العلمية في قم ورجال الدين في هذه المدينة وكذلك دور مختلف المدن الإيرانية للإعراب عن مواقفهم إزاء هذه المسألة، وبات معلوماً أنّ الشعب الإيراني واعٍ تماماً.
للإنصاف إنّ الشعب والحكومة ورجال الدين قد جسّدوا موقفاً جيداً، وهنا لا بدّ من توجيه الشكر لهم فرداً فرداً، ليس من أجل شخص، فهي ليست مسألة شخص، فأنا واحد منكم عليّ أن أدافع عن النظام الإسلامي والقيادة الإسلامية، وولاية الفقيه باعتبارها العمود الفقري لهذا النظام، هذا واجبي، إنّه تكليف شرعي، وليس مسألة شخصية.
وفي هذه القضية ربّما اعتقد البعض أنّ ظلماً قد لحق بشخص ما، إذا كنت أنا من تعرض لظلم في هذه القضية فأنا أتنازل عن حقي الشخصي بشكل كامل، وليست لديّ أية شكوى ضدّ أي شخص كان، طبعاً... إنّ الإمام الراحل كان لديه كلام كثير ليقوله للناس طوال السنوات العشر، قال بعضه وكتم الكثير منه، وأنا أيضاً لديّ الكثير لأقوله سأقوله إن سمح لي الباري تبارك وتعالى، وليس هناك من ضرورة أفصح عن كل شيء، إنني لا حق لي شخصياً في هذه القضية، لكنّني لن أغض النظر أبداً عن حق الشعب.
إنّ أولئك الذين أرادوا أن يعكّروا ذهن الناس ويشوّشوا على أفكارهم ويستهدفوا أمنهم، ويجعلوا ـ حسب اعتقادهم ـ الناس جبهات في مواجهة بعضهم البعض ويشتّتوا صفوفهم، أولئك قد خانوا الشعب والثورة والبلد، ويجب التعامل معهم وفق القانون وفي إطاره.

أتمنّى أن لا يتمّ أي عمل أو أية حركة على هذا الصعيد خارج نطاق القانون، وأن لا يفكّرنّ أحد من أبناء الشعب أن يذهب بنفسه ليقتصّ أو ليجازي شخصاً آخر، فليتركه للقانون، طبعاً لا يجوز الانتقام بأي شكل من الأشكال، فالانتقام ليس هذا محلّه، والانتقام يجب أن يتمّ في مكانه المناسب من العدوّ المستكبر، فالذين يرتكبون عملاً ما لجهلهم وعدم إدراكهم ومن منطلق النفس الأمّارة وحسب أهوائهم وخصالهم المذمومة من حسد وغيره، فمثل هؤلاء لا يستحقّون أن يفكّر أحد بالانتقام منهم، أما القانون فيجب أن يطبق.
هناك معطيات، ولديّ معلومات تشير إلى أنّ أولئك يريدون الاستمرار بما قاموا به ولديهم خطة للمستقبل، فإذا كان ذلك غير قانوني ـ وهو حتماً كذلك ـ وإذا كان خيانة بحق الشعب ـ وهو كذلك ـ فيجب على المسؤولين في الجهازين التنفيذي والقضائي العمل بمسؤولياتهم تجاه أولئك، وطبعاً أنا أعلم أنّهم سيقومون بهذه المسؤوليات دون تقاعس أو إهمال.
إنّ الهمّ هو أنّ أفراد الشعب كافّة لا سيما الشباب، ولا سيما أفراد التعبئة، التعبئة التربوية والجامعية والعمالية والنقابية والعشائرية، وكل أفراد التعبئة حتى أولئك الذين تحدثنا عنهم في بداية الخطاب، عليهم جميعاً أن يعدّوا أنفسهم لأداء التكليف والدفاع عن الإسلام والثورة، فالدفاع لن يتم دوماً بواسطة الآلات القهرية والعسكرية، فأحياناً يتم الدفاع بسلاح الوعي وسلاح اللسان وسلاح الحضور في مكان ما، فالثورة قد أسدت أفضل خدمة للشعب الإيراني عندما فتحت الأذهان وسيّست العقول وعرّفت الجميع بكل الشؤون الدولية والمحلية، ويجب أن تتمّ مضاعفة هذا الفهم والوعي وبذلك لا يمكن للعدو أن يرتكب أية حماقة.
واعلموا أنّ جميع المسؤولين في البلاد مستعدّون تماماً لتأدية واجباتهم على أفضل وجه، فاليوم الكل مستعد، من سلطة قضائية وسلطة تنفيذية وتشريعية وأعضاء في الحكومة ورئيس الجمهورية وكلّ المعنيين في البلاد، من القوات النظامية وغير النظامية والمسؤولين في الأقسام المختلفة، الكلّ مستعد لأداء ما يمليه عليهم التكليف الإلهي دون أي تقاعس أو إهمال، والكل يسير في اتجاه واحد.
ولا يفكّرنّ أحد من الأعداء أنّ ثمّة خلافات بين المسؤولين في البلاد، فلا وجود للخلافات بين المسؤولين إزاء ناموس الثورة والقضايا الأساسية المتعلقة بالإسلام، فهم صفّ واحد يتقدمهم العلماء، وكبار علماء الحوزات العلمية كما كانوا على الدوام.

سألت الله تبارك وتعالى أن يضعني جسداً وروحاً في هذا السبيل وفي خدمة الإسلام والشعب الإيراني، فأنا أضع كل ما وهبني الله سبحانه وتعالى واستودعني إياه من جسد وروح وطاقة في خدمة هذا السبيل وفي مواجهة العدوّ، وليعلم هذا العدوّ أنّ هذه الثورة الإسلامية هي تلك الثورة التي زلزلت عرش الاستكبار العالمي، وما زالت بفضل الله سبحانه وتعالى تتمتّع بتلك القدرة والهيبة وتلك الانتصارات.
حمداً لله أنّ الطاقات الشبابية العظيمة ما زالت تملأ الساحة، حفظكم الله تبارك وتعالى جميعاً، وأنار قلوبكم، بأنوار معرفته وشملكم بلطفه وفضله، وليكن صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف راضياً عنكم، وأن يشملكم دعاء الروح المقدسة لإمامنا القائد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع