مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

حجوا قبل أن... تضجوا


مراقب‏


تستبق صفحة مراقب هذا العدد من بقية الله، موسم الحج بشهرين أو ثلاثة "لتراقب" موسم التحضير لهذه الفريضة المقدسة وهو الذي اعتدنا استقباله مع مطلع الأشهر الثلاثة العظيمة (رجب، شعبان، وشهر رمضان).

وسط ازدحام السير الخانق على أبواب أروقة الأمن العام ووكالات السفر والسفارات، وجد أحد الأخوة المهتمين بإجراءات السفر إلى الديار المقدسة، وقتاً اتسع قليلاً لعرض هذا الغيض من ذاك الفيض من معاناة كل قاصدٍ للديار المقدسة، لأن السلطات اللبنانية المختصة فرضت على قاصدي بيت الله "فريضة" أخرى يلزم خلالها "الحاج" أداء مناسك "التجرجر" قرب بيوت الأزلام والمتنفذين قبل إحرامه لمناسك الحج الإلهي المقدس حيث المرء ضيف عزيز مكرم على خالقه وقد بدأ الأخ شكواه بالقول والقول على عهدة قائليه:
يجب على حكومتنا العزيزة الوقورة أن تفتح باباً جديداً للذين تقرّر لهم أن يحجوا في موسم الحج الذي افترضه الله على عباده وذلك تحت عنوان: الروحة إلى الحج والناس راجعة، لأن الحصول على فيزا بات يتطلب القفز على حواجز عالية أين منها سور الصين العظيم؟ ناهيك عن استنزاف وقت الحاج وترك جيبه منطرحة قبل نهاية الشهر جسماً بلا روح إن النؤاسي الذي علمهم كيفية استلال روح البدن في لطفٍ لم يكن يقصد حتماً جيوب الفقراء من حجاج بيت الله".

وليته بعد هذا يصل إلى مبتغاه فيحصل على الإذن الميمون المنتظر بل سيعود خالي الوفاض، صفر اليدين كما عاد حُنين إلى قومه يوماً. وليس السبب فقره فحسب بل ربما عقيدته الدينية والسياسية لأن السياسة في لبنان اقتحمت حتى علاقة المرء بأمه وأبيه وصحبه وبنيه ولم تنجُ منها علاقته بالخالق.

ويتابع الأخ: "سقى الله أيام زمان، أياماً كان فيها الإنسان يعقد العزم على أداء فريضة الحج ويُعد ما تيسَّر له من مؤونة موفراً جهوده كلها في التحضير للوفود إلى ضيافة الرحمن، بينما نجد اليوم أن الحاج المسكين يغرق في "المشاوير" المكوكية بين دائرة الأمن العام والسفارة ودوائر النفوس التي لا تنفرد وحدها بخبرة حنق الأنفاس بعد شق الأنفس، فإذا الحج على قدسيته وشوق انتظاره يتحول إلى موسم شاق قبل مشاقه أو إلى موسم تجاري جاف يفتقد حتى فرح السياحة إلى بيت الله، وعندما سألنا الأخ الكريم عن سبب هذا التحول في مشاعر الحجاج وعن سبب هذه المشقات في تحصيل الفيزا وعن موانع تأمينها لكل من استطاع إيجاد سبيله المادي والنفسي إلى الحج في عامه هذا... أجابنا:

إن إساءة استعمال الـ "كوتا" من قبل السفارة اللبنانية هو السبب، وأضاف موضحاً أن "الكوتا" هي مُسوَّدة عدد الحجاج المسموح به من قبل السلطات السعودية والسفارة اللبنانية تختزل هذا العدد وتفصِّل هذه المسودة على قياس محاسيب موظفيها ومعارفهم ودائماً الأقربون أولى، ولا شأن لهم بمن دفع من وقته وماله، ليعود إلى منزله بخُفَّي حنين، مؤجلاً أداء فريضة مقدسة حتى إشعار حكومي إداري يأذن به أصحاب الحظوة المكدَّسة فوق مكاتب الوزارات والسفارات.

ويشبه الأخ الفاضل هذه الـ "كوتا" بالبورصة وعدد الحجاج فيها بالدولار، واللعبة التي يروح ضحيتها العديد من الحجاج وهم في ديارهم، لعبة أكبر من اللعب بأسعار العملات لأنها تطال حلماً لا يستطيع الكثيرون تحقيقه ولو مرة في العمر. وهذه اللعبة تتحرك ارتفاعاً وانخفاضاً على أوتار أمزجة ورغبات أصحاب "التواقيع" الكريمة" على جوازات السفر وأذون السفر من الموجودين في السلطة والذين لم يكتفوا بالتسلط على مقادير البلاد فتحكموا حتى بعبادات العباد.

ويعلن الأخ الكريم أن "المحرم" هذه البدعة التي لا جذور دينية لها، هي طامة الطامات الكبرى، حيث ابتكرها عبقري في استلاب أموال الفقراء لأن هذا المحرم سيقوم إلى جانب المرأة الحاجَّة بدفع ما عليه تماماً مثلها وهو من الشاكرين، إن فاز وفيِّز ومع المعترفين "إن فاز ولم يُفيز" والمطلوب هو المواطنية الصالحة عبر سدَّ نقص الخزينة ومل‏ء فراغ صناديقها عبر الخداع الموسمي المقبول حتى من ضحاياه آملين أن يفوزوا بفرصة العمر وفرحة الآخرة.

أخيراً وليس آخراً، أضاف الأخ شاحناً آخر ما تبقى لديه من حرقة واحتراق بين مطرقة السفارة وسندان الأمن العام: إيجابية واحدة فقط يكتسبها "الحاج" من كل هذه الدوامة وهي التوقيع على رسم الحوالة المصرفية المحوَّلة للبنك الأهلي السعودي أو أي مصرف آخر، مع التوقيع على شرط عدم مسؤولية المصرف عن إعادته سواء منحته السلطات تكرمة حق أدار فريضته أو حرمته. والإيجابية تكمن وعلى ذمة الأخ الراوي أن الحاج إزاء هذا العب‏ء المادي الجديد سيرتاح من مشكلة الحلق أو التقصير لبدء إحرامه لأن هذه الصدمة ستتكفل بمنحه ميزة الصلع الدائم أو الشيب قبل أوان المشيب الأمر الذي قد يساهم في إخفاء سنه الحقيقي الذي اشترطت له السلطات حداً لا يقل عن الأربعين أو الخمسين سنة.

وتبقى الكلمة الأخيرة لصفحة "مراقب" وهي أمنية صادقة لجميع الحجاج الكرام بتسهيل أمورهم في الحصول على الفيزا وبالنجاح في التحضير لأداء حج مبرور وسعي مشكور وسلامة العودة إلى ديارهم، أما لرجال السلطة في سفارتنا ودوائرنا: اتقوا الله في عباده ولا تصدوهم عن سبيل الله وبيته الأكرم وحجوا إليه سبحانه بتأمين وتسهيل حج العباد قبل أن ينقلب سحركم عليكم... وتضج منكم البلاد..

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع