نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

كفرت بالرب الصنم "التلفزيون"


ح. ر


"التلفزيون شيطان.. التلفزيون أستاذ وقح.. ومبشر مخادع". كلمات كان يرددها دائماً أستاذ التربية المدنية، ذو الستين ربيعاً ونيّف، فنسخر منه نحن تلامذة الصف الخامس. "رجل متخلف ورجعي لا يحب التطور والتكنولوجيا".. عبارات نتهامس بها بعدما يبتعد خطوتين، فكانت تتناهى وشوشاتنا إلى أذنيه محدثة ألماً في نفسه (لم نكن ندركه)، يرد عليها بابتسامة عريضة يشاركها بعض عتاب "أخاف عليكم يا أبنائي من هذه الشاشة المستبدة التي لا تقبل الحوار...". كبرت وما زالت كلماته لها وقعها وتأثيرها في عقلي وقلبي، حتى أني سمعت مؤخراً أن أحدهم أتلف تلفزيونه التزاماً بكلام سمعه منه، كيف لا، ومستمعوه كانوا ينجذبون إليه انجذاب الفراشات إلى السراج.

فالآن أصبحت أدرك ما معنى أن أبقى مسلوب السمع والبصر والفؤاد أْا شاشة هذا "الشرير الوقح"، فهذا الساحر العفريت عنده فاعلية تأثير كبيرة على المشاهد القابع أمام شاشته الفاتنة في أغلب الأوقات حتى أصبح قطب الاجتماع الحديث، يعلمنا كيف نجتمع وكيف نأكل في غرفته وعيوننا مشدودة وآذاننا مصغية إليه.
علمنا أن نأتمنه على كل شي‏ء، وإن لم يكن أميناً، قيم جديدة أدخلها علينا ومن أخطرها "خذ ولا تناقش... تمتع ولا تسأل"، كيف لا وهو المبشر المخادع الذي يتظاهر بالبراءة وينفث السم الزعاف بطرق غير مباشرة عن طريق التسلية والمرح والترويح عن القلب.

هو أيضاً خبير محلف في سلب الفرد وقته يلتهم منه إمكانية اللجوء إلى الكتاب كوسيلة تثقيف وإشباع للحاجة المعرفية لدى الإنسان، وبذلك يتحول هذا الجهاز "المؤنس" من أداة محايدة إلى أداة تتمتع بكل القدرة على التأثير بالمشاهد الخام، فهذه الطفرة التلفزيونية وهذا الوابل من الأفلام والبرامج التي تهطل علينا عشوائياً سيؤدي إلى خشونة في العقل والقلب والمشاعر ومن ثم إلى صدئها نهائياً، وحسبنا دليل أن نرصد غالبية القنوات التلفزيونية لنرى فداحة السلبيات المتأتية من موضوعات فقيرة تقدمها لجهور معظمه لا يميز بين الغث والسمين من البرامج.
فها هي المسلسلات التي تبدأ ولا تنتهي أو كلما انتهى مسلسل أطل آخر أكثر إسفافاً وأطول عمراً، وها هي الإعلانات التي تعتمد على عناصر العري والإغراء والإرادة، فتكاد لا تمر دقيقة واحدة من دون صورة لأنثى تفننت لإثارة المشاهدين بزيها وزينتها وحديثها ولتصبح شيطان الجمال بعد أن كانت قوة ملكوتية تمتلئ‏ بالمعاني الرفيعة والرقيقة، حتى أفلام "الكارتون" حبكت حبكة غربية فيها الرقص والشراب لتصف شخصيات الأطفال والمراهقين بلبنات الانحراف والفراغ الفكري حتى يعصف الخبل باتزانهم فيتنكرون لتراثهم.
كفى أيها السيد الشرير مراوغة، فأنت مجرد جني يظهر من خلال البخار المتصاعد من شوربة العشاء ليهدُرَ وبعد ويتوعد، ومن ثم يختفي باختفاء البخار من دون أن يترك وراءه أي أثر إيجابي.
... لقد كفرت بك أيها الغربي الحاقد...
... كفرت بالرب الصنم "التلفزيون".

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع