صدر مؤخراً عن دار الندى- بيروت كتاب "الحرب الإعلامية- نموذج الإعلام المقاوم" من إعداد وتحرير د. محمد محسن بمشاركة كل من د. عباس مزنّر، د. عامر مشموشي، د. جورج كلاّس والمهندس نايف كريم، والكتاب يقع في 200 صفحة من القطع الوسط.
الاعلام المقاوم، الفلسفة، الاستراتيجية والدور عنوان مساهمة الدكتور جورج كلاس الذي تحدث فيها عن استراتيجية الإعلام المقاوم كشكلٍ من الأشكال القتالية، وفنّ من الفنون الحربية التي تقتضي "استراتيجية عامة منيعة على رؤية واضحة للهدف الذي يجب التركيز عليه وتكرار هذا التركيز وفق نظرية شاملة قوامها العقيدة والانتماء ومواكبة فعل الفداء والاستشهاد الذي يؤديه النضاليون والعسكريون القتاليون في ميدان الحرب والمواجهة والاستشهاد الجهادي".
نجح إعلام المقاومة "بالتحول من إعلام شعائر إلى إعلام وقائع" يقول كلاس راداً سبب حضوره على دائرة الأحداث لجديته في التعامل مع الجند، وفن صناعته وفي إنتاج البرامج الدينية المحلية المتوافقة ومنطق المقاومة، وغير المتنافرة ومنطق الجماعات الأخرى، الأمر الذي حصّنها ضد أي استثمار سلبي وزاد من قدرتها وفعاليتها وقبولها من شرائح واسعة من اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم.
وخلص كلاس إلى تحديد الوظائف الرئيسية للإعلام المقاوم، في اتجاهات أربعة:
"الإعلان عن رأي المقاومة، كتيار عقيدي وميداني، ومواقفها من الأحداث، والأمور بشكل مفصل.
وثانيها: التبشير بآرائها ومبادئها ومواقفها وتثمير أعمالها، وإظهار صورتها النضالية.
وثالثاً: الرد على مواقف العدو ودحض آرائه ومواجهته إعلامياً كسلاح نفسي.
ورابعاً: شن الحرب النفسية على العدو وقواعده الشعبية".
"سيكولوجية إعلام المقاومة الإسلامية ودورها في هدم المفاهيم السائدة" كان عنوان مساهمة الدكتور عامر مشموشي الذي عرف خلالها الإعلام الدعائي بأنه "فن إقناع الآخرين بأن يسلكوا في حياتهم سلوكاً مميتاً ما كانوا ليسلكوه بدونه". ثم قسمه (الاعلام الدعائي) إلى شقين:
"الشق الأول: هو أن يكون هدف الداعية إحداث تغيير في سلوك الموجه إليه، وهو تغيير ما كان ليحدث لولا الحملة الدعائية.
أما الشق الثاني: فهدفه الحيلولة دون حصول تغيير ما متوقع الحدوث ويقوم على تثبيت القناعات".
ثم عرض لعجز الإعلام العربي في مواجهة الضغط الإعلامي الإسرائيلي والغربي وحصرها بعدة أسباب أبرزها:
1- مشكلة الأصالة.
2- مشكلة الاستمرارية.
3- مشكلة المنهج الفكري العام.
4- مشكلة أدوات التغيير.
وختم مشموشي عارضاً لانجازات المقاومة التي استطاعت أن تمزق الإعلام الإسرائيلي والإعلام الغربي المنحاز وأن تصحح الفهم السائد عند الغرب عن حركة الصراع العربي- الإسرائيلي وأن تبدل مفاهيم كانت سائدة حول مقولة أن العرب معتدون وإسقاط مقولة أن الجندي الإسرائيلي هو رجل "سوبرمان" لا يقاوم ولا يواجه. وترسيخ حتمية زوال الاحتلال الإسرائيلي، كما استطاع إعلام المقاومة برأي الدكتور مشموشي أن يسن منهجاً جديداً في استعمال وسائل الإعلام في خدمة الحرب والسلم في آنٍ معاً.
ويشير المهندس نايف كريم في مساهمته التي حملت عنوان "دور وسائل الإعلام في التصدي للعدوان الصهيوني- استراتيجيا ومقترحات" إلى مفهوم الدور الوطني لوسائل الإعلام الذي يجب أن ينبني على سياسة تقدم الاعتبار الوطني على الاعتبارات التجارية حسب رأيه، ويعرض كريّم لدور وسائل الإعلام في الحرب الاعلامية معتبراً أن قدرتنا على هزيمة العدو تكنولوجياً تتطور "وأن إمكانية هزيمة العدو نفسياً كبيرة وواعدة ضمن الإمكانات المتاحة".
وخلص كريّم في النهاية إلى مجموعة مقترحات اعتبرها تصويباً وتفعيلاً لدور إعلامي فاعل في مواجهة الاحتلال:
أولاً: قيام وزارة الإعلام اللبنانية برعاية مؤتمر إعلامي وطني يهدف للخروج بوثيقة إعلامية وطنية جامعة في مواجهة الاحتلال.
ثانياً: تخصيص قسم من موازنة وزارتي الإعلام والدفاع لإنتاج المواد الدعائية لا سيما الإذاعية والتلفزيونية التي تساعد في معرفة العدو..
ثالثاً: إصدار مرسوم يوحد المسميات الوطنية التي ينبغي على وسائل الإعلام إطلاقها فيما يتعلق بقضية مواجهة الاحتلال.
رابعاً: تفعيل ودعم الهيئة الإعلامية لنصرة الجنوب والبقاع الغربي..
خامساً: تشكيل لجنة تعاون بين المؤسسات لتنسيق الجهود وتطوير فعاليات الدعاية المضادة..
سادساً: تكثيف المادة الإعلامية الدعائية في الدول الغربية وبلدان الاغتراب بما يوجد فرصاً حقيقية لخلق حالة تعاطف دولي دائمة.
سابعاً: تضافر الجهود الرسمية والأهلية لإطلاق عمل إذاعي وتلفزيوني موجه باللغة العبرية إلى مجتمع العدو وجنوده يهدف إلى التشويش على قيادة العدو وتأليب مجتمعه..
إن "الحرب الإعلامية والنفسية اللبنانية بشكل عام والرسمية بشكل خاص ضد العدو الإسرائيلي المحتل، وضد ميليشيا العميل لحد ليست واضحة الخطط والمعالم ولا تتمتع بالاستمرارية لأنها تتحول إلى محاولات لحرب إعلامية تحريضية- تعبوية أثناء الأحداث العسكرية المهمة والمناسبات الوطنية العامة" هذا ما جاء في مساهمة ومحرر الكتاب د. محسن الذي عرض للركائز الخمسة لدعاية المقاومة والتي هي: تحصين المجتمع اللبناني، دور المقاومة في التصدي للاحتلال، تهشيم صورة الجندي الإسرائيلي، شن الحرب النفسية المباشرة ومخاطبة الرأي العام العالمي.
وقال الدكتور عباس مزنر في بحثه الذي حمل عنوان: "لغة الصورة في إعلام المقاومة" تحديد خصائص هذه اللغة البديهية وصدقيتها وأثرها النفسي- الاجتماعي، والتركيز على تحليل مضمون الصورة وقراءة الرموز والتداعيات والقوالب النمطية التي ولدت في خضم هذه اللغة المشهدية كما حاول تحديد تلك العلاقة الجدلية بين لغة الصورة والكلمة في الخطاب الإعلامي للمقاومة.
اعتمد مزنر في بحثه على "الصورة الخبرية في النشرات (المسائية المتلفزة) وفي الكتيبات الثورية التحريضية التي شكلت في حجمها المتراكم النموذج المتجسّد في تلك الصورة النمطية الجديدة لإنساننا العربي المقاوم، كما اعتمد مزنر قراءة وتحليل ما يقارب من سبعين عملية نوعية مصورة في السنوات الخمس الأخيرة بالإضافة إلى سبع وعشرين شريطاً مصوراً من أجل تحديد إطار هذه الصورة في مفرداتها ورموزها وعلاقتها بلغة الكلمة والحرف.
وبعد بحث للدكتور د. محسن حمل عنوان "دعاية المقاومة في مواجهة الدعاية الإسرائيلية السوداء" قسّم الدعاية فيه إلى أربعة عناصر:
"العنصر الأول الدعائي المسؤول عن صناعة الدعاية والذي قد يكون من مؤسسة خاصة أو حكومية أو حزباً سياسياً أو تنظيماً عسكرياً. والذي يهدف إلى السيطرة على الجمهور المستهدف من أجل تحقيق الغلبة لأفكاره وطروحاته.
العنصر الثاني هو مضمون الدعاية التي تدعم مصالح المؤسسات والأشخاص الذين يقضون وراء الدعاية والتي قد تأخذ ثلاثة أشكال تبعاً لمدى وضوح مصدر الدعاية ودقة وموضوعية وصدق المعلومات.
العنصر الثالث: هو الوسائل الإعلامية الجماهيرية التي تعتمدها الدعاية بشكل أساسي للوصول إلى الجمهور وإن كانت تعتمد في بعض الحالات على إشكال التواصل المباشر مع الجمهور وبالأخص عندما يتم الإشاعة من قبل الدعائي.
العنصر الرابع والأخير هو الجمهور الذي يستهدفه الدعائي لمخاطبة إدراكاته العاطفية والعقلية لأحداث التغييرات السلوكية المفترضة.
وخُصص القسم الثالث من الكتاب لعرض صور إعلامية دعائية ونصوص إعلامية إسرائيلية.