تحقيق: يمنى المقداد الخنسا
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ
الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ
الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ...
﴾ (سورة العلق: 1ـ 5). منذ آلاف السنين،
أمر الله عزّ وجلّ الإنسان بتعلّم القراءة والكتابة، فالعلم نور يضيء درب السالكين
على خطى المعرفة وحاجة ترتقي بالإنسان وتعزّز إمكاناته، وهو السبيل الذي يستزيد به
الإنسان لآخرته بالنهل من بحر العلوم والمعارف القرآنية والدينية. ولتحقيق هذه
الغاية السامية كان تأسيس "جمعية النور" لمحو الأمية خطوة ضرورية في سبيل نشر العلم
والمعرفة ولرفع براثن الجهل والأمية عن مجتمعنا اللبناني وليستطيع الإنسان أن يصوغ
بعلمه وقدراته حاضراً أفضل ومستقبلاً أضمن لمجتمع أمثل.
* طموحها دخول الجامعة
همّ الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة لم يقض على حلم طفلة في أن تمسك قلماً وورقة،
وتخط عليها مستقبلاً أفضل من سنوات الحرمان التي منعتها وإخوتها من الالتحاق
بالمدرسة. تقول غفران ضاهر (13 سنة): "عندما انتسبت إلى جمعية النور لم أكن أعرف
حرفاً أما الآن فقد صرت أكتب وأقرأ القرآن والدعاء وكتباً كثيرة. أنا مسرورة جداً،
وطموحي أن أدخل المدرسة ثم الجامعة وأصبح طبيبة وأعالج الناس".
تعرّضت للاستغلال بسبب أُميّتها
لم تأت رغبة الحاجة أمينة عيد (50 عاماً، ربة منزل، أم لتسعة أولاد) للتعلم من فراغ،
فهي تعرضت للاستغلال كثيراً، فعندما كانت تشتري دواءً أو غرضاً ما، كان يباع لها
بسعر أغلى من سعره الحقيقي كونها لا تعرف القراءة، تقول أمينة: "أحببت أن أتعلم كي
أيسّر أموري الحياتية وأقرأ القرآن".
* أطوّر نفسي وعملي
حسن خير الدين (18 سنة، مهنة حرة) كان ممن دفعته ظروف الحياة الصعبة إلى ترك
المدرسة بعمر الـ 14 سنة والاتجاه مضطراً إلى سوق العمل. لم يقف أي حاجز نفسي أو
اجتماعي أمام إصرار حسن على التعلم. وعما حقّقه يقول: "كنت أعرف القراءة لكن لا
أعرف الكتابة. أما الآن فقد أصبحت أكتب بشكل جيد وأقرأ القرآن والدعاء، وأكتب
فواتير خاصة بعملي وأنا فرح جداً أنني أتعلم من جديد".
أعمى وبيفتح
جميلة شرقاوي (59 سنة، ربة منزل، أم لسبعة أولاد) جدة لم يثنها العمر ولا انتقادات
المجتمع عن عزمها على كسر حاجز الجهل الذي فرضته أفكار الأهل الخاطئة بعدم تعليم
الفتاة. تقول: "كنت أسمع زوجي يقرأ القرآن والدعاء وأشعر بالحزن لأنني لا
أستطيع أن أقرأ مثله، وأحببت أن أتعلم كي أوقع باسمي وأقرأ أسماء أولادي". الحاجة
جميلة شبّهت الأميّ بعد أن يتعلم بقولها: "بيكون الواحد أعمى وبيفتح"، وعما حقّقته
قالت: "أصبحت أقرأ أينما أذهب وكأني أعيش في عالم آخر وأشعر بالفرح والفخر والسعادة".
* مواكبة التطور
ظروف الحرب والتهجير كانت السبب الذي أوقف حيدر علي الأشهب (43 سنة، أب لولد واحد،
مهنة حرة) عن الدراسة ليتجه إلى سوق العمل وهو في سن التاسعة. وعن سبب عودته إلى
طلب العلم قال: "كنت أعرف القراءة أما الكتابة فكانت صعبة علي وأريد أن أكتب وأوقع
باسمي وأقرأ القرآن والدعاء" ووصف شعوره قائلاً: "نفسيّتي ارتاحت أكثر وأشعر أني
أطيع الله وأجاهد في عمل أمرني به كما أني لم أخجل في طلب العلم أبداً".
* العلم لمواجهة الظروف الصعبة
عشقٌ للعلم منذ الصغر خطّته بتول (28 سنة، ربة منزل، أم لولدين) بدموعها المنهمرة
على وسادتها ليلاً على أمل أن تستيقظ ذات صباح وتذهب إلى المدرسة. عن ذلك قالت: "وأنا
صغيرة كنت أحضن القلم والدفتر وأبكي وأنام". وأضافت: "أحببت أن أتعلّم لأدرّس
أولادي فعندما كانت تطلب مني ابنتي أن أدرسها كنت لا أرد عليها، أما الآن فأعلّمها
كل شيء في اللغة العربية".
* جمعية النور
تحقيق الذات والارتقاء بالنفس البشرية إلى مستوى فكري أفضل وتحصيل المعارف الدنيوية
والأخروية عناوين عريضة خطّها المنتسبون إلى جمعية النور بإرادة وعزم وتحدّ لظروف
الحياة الصعبة من أجل طيّ صفحة الجهل وظلمته وفتح صفحة العلم ونوره في جمعية وضعت
كل إمكاناتها لتحقيق هذا الهدف الرسالي. إنها جمعية النور التي يعرّفها المدير
العام الشيخ حسين بلوط بأنها: "جمعية خيرية تربوية تخصّصية تأسست سنة 2001 تعنى
بتعليم القراءة والكتابة للأميين سواء أكانوا صغاراً أم كباراً وتعمل على المساهمة
في رفع الأميّة من أوساط المجتمع اللبناني في مختلف المناطق". هذا وبدأت الجمعية
عملها على شكل حلقات تدريسية تقام في الحسينيات والمساجد في أماكن محددة في بيروت
وجبل لبنان، ثم توسّعت بعد ذلك لتنتشر في كل المحافظات اللبنانية.
* برامج الجمعية
تحوّل ذلك العمل المتواضع وعلى مدى 9 سنوات إلى مشروع
ممنهج ومنظم يعمل وفق آليات محددة تمثّل بإقامة دورات تدريبية قسّمت إلى 3 مراحل
تعليمية:
المستوى الأول: يتعرف المتعلم في هذه المرحلة إلى ألف باء اللغة العربية وكيفية
استخدامها بحيث يتمكن من قراءة وكتابة الأمور البسيطة وإجراء بعض عمليات الحساب
المبسّطة بالإضافة إلى التعابير الخطية والشفهية.
المستوى الثاني: يتدرج فيه الطالب في قواعد اللغة العربية والحساب بالإضافة إلى
قراءة بعض النصوص الطويلة نسبياً.
المستوى الثالث: يتعمق فيه الطالب في قواعد اللغة العربية والحساب بالإضافة إلى
مناقشة موضوعات اجتماعية وتربوية.
ويبلغ كل مستوى بين 150 و180 حصة تعليمية تقريباً في دوامين: صباحي ومسائي. كان عدد
المنتسبين 354 منتسباً سنة 2008 فيما وصل عام 2010 إلى 1644 منتسباً. وفي نهاية
الدورات تُقدّم للطالب شهادة في المستوى الذي نجح فيه مختومة من الجمعية ووزارة
الشؤون الاجتماعية.
* الكتب والأنشطة
استخدمت الجمعية بداية الكتب الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية (اللجنة الوطنية
لمحو الأمية بالتعليم)، وبعد ذلك استطاعت أن تؤلف كتبها الخاصة بها، والتي تميزت
بإضافة المواد التربوية والثقافية والاجتماعية إلى اللغة العربية والحساب. هذا
وتشارك الجمعية في معارض كثيرة عارضة كتبها الصادرة عنها. كما أنها تقيم دورات
وأنشطة تثقيفية ورحلات ترفيهية للطلاب إلى الأماكن السياحية والمقدّسة.
* أهداف الجمعية
أ رفع الأميّة من أوساط المجتمع اللبناني وهو الهدف الرئيس للجمعية.
ب تدريب مدرّسين للقيام بالتعليم في دورات محو الأميّة بالتعاون مع وزارة الشؤون
الاجتماعيّة.
وبدأت الجمعية بإعداد المدرسين سنة 2010 عبر مدرب خاص بها. وبلغ عددهم سنة 2010 نحو
300 مدرس (من الجمعية ووزارة الشؤون)، كما ذكر الشيخ بلوط.
جـ التعليم بهدف توسعة المهارات المعرفية والحياتية لتعزيز فرص العمل.
* شروط الانتساب
بالنسبة للطالب: ليس هناك أي شرط سوى الرغبة والإرادة والالتزام ببرامج الدورات،
كما أن الدورة التعليمية مجانية بالكامل ولا يُكلّف الطالب بأي شيء من الكتب إلى
القرطاسية إلى النقل إلى الرحلات الترفهية.
بالنسبة للمدرّس: يُشترط أن يكون مستواه العلمي جامعياً دون اشتراط تخصص معيّن وأن
يخضع لدورة إعداد مدرّس، يمكنه بعدها العمل في التّدريس لدى الجمعية، ويتلقى على
ذلك بدلاً مادياً.
ملاحظة: يمكن الانتساب إلى الجمعية في أي وقت عبر الاتصال بفروعها الموجودة في
المناطق المختلفة.
* العوائق والصعوبات
يعتبر الشيخ حسين بلوط أن الإمكانيات المادية القليلة تشكل عائقاً أمام تطور
وانتشار عمل الجمعية، إضافة إلى العوائق النفسية الخاصة بالأميين والتي تتلخص بخجل
بعضهم من التعلم على كبر، موجهاً دعوة إلى كل من لديه إرادة لكسر حاجز الجهل.
فأبواب الجمعية مفتوحة، وإن أي عائق من الخارج هو وهم، فالتعلّم ليس صعباً والعمر
ليس عائقاً. ورأى أن هناك كثيراً من الأميّين في لبنان ما يجعلنا نحتاج سنوات طويلة
من العمل والجهد بسبب ندرة وجود جمعيات متخصصة في محو الأمية، داعياً إلى مزيد من
الجهد الرسمي والأهلي في هذا المجال.
* حلم الجمعية وإنجازاتها أن تصل إلى تعليم آخر أميّ في
لبنان
هو حلم جمعية النور بحسب ما أكد الشيخ بلوط الذي أشار إلى أن الجمعية تخرّج ما يزيد
عن ثلاثة آلاف فرد كل عام وأنّ هذا العدد في تصاعد مستمر، لافتاً في الختام إلى أنّ
من لا يقرأ تكون أبواب المعرفة موصدة أمامه فتحصيل المعارف عبر الكتاب أو الحاسوب (الكمبيوتر)
أو الإنترنت كلها تقنيات تحتاج إلى القراءة والكتابة.
برج البراجنه
Zahraa mourad
2022-05-19 21:28:20
انا لم اكمل تعليمي تزوجت في عمر ١٣ سنه كنت صغيره جدا ولآن ليس لدي طموح لاني لم اتعلم تعلمت الى صف خامس فقت ارجعو منكن تحقق حلمي لكي اتعلم