* من أمثال العرب
"لا تكُنْ مُرّاً فتُعْقِيَ ولا حُلْواً فَتُزْدَرَد"؛ ويُقال "فتُعقى".
تقول العرب: أَعْقَى الشيءُ يُعْقي إعقاءً: صارَ مُرّاً أو اشتدَّتْ مرارتُه. وجاء
في أمثالهم: "لا تكُنْ مُرّاً فتُعْقَى ولا حلواً فَتُزْدَرَد". فتُعْقَى معناهُ:
فتُلْفَظُ لمرارتك، وتُزْدَرَد: تُبْتَلَعُ؛ ويُروَى هذا المثل في عصرنا كالآتي:
"لا تكُنْ ليِّناً فتُعْصَر ولا صلباً فتُكْسَر"(1).
* من أجلِّ الأسماء "العليُّ"
اللهُ عزَّ وجلَّ هو العليُّ المتعالي العالي الأعلى ذو العُلا والعلاء والمعالي،
تعالى عمَّا يقولُ الظالمون علوّاً كبيراً. وتفسيرُ تعالى: جلَّ ونَبَا عن كلِّ
ثناء فهو أعظمُ وأجلُّ وأعلى ممَّا يُثْنَى عليه لا إله إلّا هو وحده لا شريك له.
والعليُّ: الشريفُ الذي ليس فوقه شيء، وهو الذي علا الخَلْقَ فقهرَهُم بقُدْرته.
وأمَّا المتعالي فهو الذي جلَّ عن إفكِ المُفْترين وتنزَّه عن وساوس المتحيِّرين.
وصفةُ اللهِ العُلْيا شهادةُ أن لا إله إلّا الله، فهذه أعلى الصفات، ولا يُوصَف
بها غيرُ الله وحده وهو العليُّ العظيم(2).
* من جذور الكلام: العَطاء
العطاءُ: نَوْلٌ للرجُلِ السَّمْح. والعطاء والعطيَّة: اسمٌ لما يُعْطَى.
والجمع: عطايا وأعطيَة، و"أَعْطيات" جمعُ الجمع. وأصلُ العطاء عطوٌ بالواو؛ لأنّه
من عَطَوْتُ، إلّا أنّ العرب تَهْمِزُ الواو والياء إذا جاءتا بعد الألف؛ لأنّهم
يستثقلون الوقفَ على الواو، وكذلك الياء مثل رِداءٌ وأصلُه ردايٌ. أمّا جذورُ كلمة
عطاء فهي من قوله العرب: ظَبْيٌ عَطْوٌ وجَدْيٌ عَطْوٌ؛ أي يتطاول إلى الشجر
ليتناولَ منه. والعطاء مأخوذٌ من هذا، ويُقال: أعطى الجَمَلُ إذا انقادَ ولم
يَسْتَصْعِبْ. وقد اشتُقَّ من العطاء فعلُ تعاطى الشيءَ: تناوله، وتعاطَوْا الشيءَ:
تناوله بعضُهُم من بعض وتنازعوه. والتعاطي: تناوُلُ ما لا يجوز ولا يَحِقُّ
تناوُلُه، وفي التنزيل العزيز: ﴿فَتَعَاطَى فَعَقَرَ﴾
(القمر: 92)؛ أي تعاطى الشقيُّ عَقْرَ ناقةِ صالح عليه السلام، وقيل:
تعاطيه: جُرأتُه، وقيل: قامَ على أطراف أصابع رجليه ثمَّ رفعَ يديه فضرَبَها. وفي
صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فإذا تُعُوطِيَ الحقُّ لم يَعْرِفْهُ
أحد"؛ أي أنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان من أحسن الناسِ خُلُقاً مع أصحابه ما
لمْ يَرَ حقّاً يُتَعَرَّضُ له بإهمالٍ أو إبطالٍ أو إفساد، فإذا رأى ذلك شَمَّرَ
وتَغَيَّرَ حتى أنكرَهُ مَن عَرَفَهُ، كلُّ ذلك لنُصرةِ الحقّ(3).
* من أجمل التشبيه
يقول الشيخ كاظم باقر الناصر واصفاً التجارب التي مرَّت بها البشرية منذ شعورها
البدائيّ بالحاجة إلى النظام، حتى الأجيال الحاضرة التي تدَّعي أنّها قاربَتِ
القمَّة من الحضارة الراقية: "إنَّ البشرية ما زالَتْ تدورُ في حلَقةٍ مُفْرَغة
ببحثها عن النظام الأصلح كالنحلةِ وسط القِنِّينةِ تدورُ مع الجوانب وهي لا تدري
أنّ الطريقَ من أعلى، وستبقى تدورُ بدون جدوى حتى تأتيَ لحظاتُ اليقظةِ الواعية
فتستمعَ إلى نداء السماء، نداءِ الهُدَى إلى الخير والحقّ والجمال"، ما أبلغَ هذا
التشبيه! لقد شبَّه البشريَّة في تقلُّبها عَبْرَ التاريخ، باحثةً عن النظام الأمثل
لحياتها، بتلك النحلةَ في وسط القِنَّينة، تدورُ مع الجوانب وهي لا تدري أنّ
الطريقَ من أعلى! (4).
* من أجمل الحديث
قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لولا أن نَعْصِيَ اللهَ ما عَصَانا"؛ أي لم
يمتنع عن إجابتنا إذا دَعَوْناه، فجَعَلَ الجوابَ بمنزلةِ الخِطاب فسمَّاهُ
عِصْياناً، كقوله تعالى: ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ
اللّهُ﴾ (آل عمران: 54). وليس ثَمَّةَ مكْرٌ من الله، ولكنه جزاءٌ على
مكْرِ الماكرين. ومن أجمل ما وردَ في الحديث أنّ رجُلاً قال: مَنْ يُطِعِ الله
ورسولَه فقد رَشَدَ ومَنْ يَعْصِهما فقد غوى، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله
وسلم: "بئسَ الخطيبُ أنت! قُلْ: ومَنْ يَعْصِ الله َ ورسولَه فقد غوى"؛ إنما
ذَمَّهُ لأنّه جمع في الضمير بين الله تعالى ورسوله في قوله: ومَنْ يَعْصِهِما،
فَأَمَرَهُ أن يأتيَ بالمُظْهَر لا المُضْمَر ليترتَّبَ اسمُ الله تعالى في الذكرِ
قبلَ اسمِ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه دليلٌ على أنّ الواو تُفيدُ
الترتيبَ(5).
* فائدة لغويّة: السِّلّ
السُّلُّ والسِّلُّ والسُّلالُ: هو الداء الذي يَهْزِلُ ويُضني ويقتُلُ. وفي
الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "غُبارُ ذَيْلِ المرأة
الفاجرة يُورِثُ السِّلّ!"، يُريدُ: مَنْ اتَّبَعَ الفواجر وفَجَرَ ذَهَبَ مالُه
وافتقَرَ، فشبَّه خِفَّةَ المال وذهابَه بخفَّةِ الجسمِ وذهابه إذا سُلَّ. ومَنْ
يدري؟ فلعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يعني أنّ من يتَّبع الفواجرَ يُصابُ
بالفتاكة، فنحنُ نعلمُ اليوم أنَّ هذه الفاجرة تُورِثُ السِّلِّ والزُّهْري
والسيدا، والعِياذُ بالله. وبعدُ، فالمعروف أنّ مكتشف جرثومة داء السِّلّ والمصل
المضادّ له هو الطبيب السويدي "روبرت كوخ"(6).
* من الثنائيّات
العِشاءان؛ هما المغرب والعتمة. يُقال لصلاتي المغرب والعِشاء: العِشاءان.
والأصلُ العِشاءُ فغُلِّبَ على المغرب، كما قالوا: الأبوان وهُما الأبُ والأُمّ،
والباقران هُما الإمامان محمّد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام(7).
* من جذور الكلام
- السَّفَاهةُ والسَّفَهُ؛ أي الطيش وخفَّة العقل والجَهْل، من فِعل سَفِهَ
وسَفُهَ، وهو مأخوذٌ أصلاً من قولهم: تسفَّهَتِ الريحُ الغصونَ: حرَّكتْها
واستخفَّتْها، فالسَّفَهُ والسَّفاهةُ، في الأصل، الخِفَّةُ وقد استُعيرَتْ للطيش
والحماقة. سُئلَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الكِبْرِ فقال: "الكِبْرُ أن
تَسْفَهَ الحقَّ وتَغْمِطَ الناس"؛ أي أن تجهلَ الحقَّ فلا تراهُ حقّاً. وفي حديث
آخر قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّما البَغِيُّ مَنْ سَفِهَ الحقّ"؛ أي من
جَهِلَهُ. وفي التنزيل العزيز: ﴿إِلّاَ مَن سَفِهَ
نَفْسَهُ﴾ (البقرة: 130). وقد اختلف النحويون في معنى "سَفِهَ
نَفْسَهُ"، فزعمَ بعضُهم أنّ المعنى سَفَّهَ نفسَهُ؛ أي جهَّلَها أو جعلها سفيهةً
جاهلةً طائشة، وقال بعضُهم الآخر: سَفِهَ نفْسَهُ؛ أي أهلكَها وأَوْبَقَها(8).
* من أجمل الفخر
الفخْرُ بالنفس مرذولٌ عند العقلاء، لكن إذا كان الفخرُ على لسان عِلْيةِ القومِ
ممَّن يتَّصفون بالإيمان والشجاعة والسماحة وحُسْنِ الخُلُقِ فهو محمودٌ ومطلوب.
ومن أجمل الفخرِ نثراً قولُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إني أفصحُ الناس
بَيْدَ أنّي من قُريش"، وقول الإمام عليّ عليه السلام: "ينحدرُ عنّي السيْلُ ولا
يرقى إليَّ الطير". أمَّا في الشعر فمن أجمل الفخر ما قاله الشاعر العراقي وليد
العظمي:
لا أرهبُ الدنيا وقُرآني معي! (9) |
شَهِدَ العَدُوُّ بعزَّتي وتمنُّعي |
1.لسان العرب، ابن منظور، مادة عقا.
2.المصدر نفسه، مادة علا.
3.(م.ن)، مادة عطا.
4.(م.ن)، مادة عدا.
5.المدرسة الشيعية في ظلال العلّامة الفضلي، إعداد: كاظم باقر الناصر.
6.لسان العرب، ابن منظور، مادة عصا.
7.المدرسة الشيعية في ظلال العلّامة الفضلي، (م.س).
8.لسان العرب، (م.س)، مادة سفه.
9.المدرسة الشيعيّة في ظلال العلّامة الفضلي، (م.س)، ص158.