نهى عبد الله
- «هذا طلب السيّدة باختصار».
لم تكفِ هذه الجملة من أستاذه لإقناعه، ولم تُخفّف من انزعاجه وعبوس وجهه، حمل منديلاً ورقيّاً ومسح به جبينه، ثمّ اعترض: «سيّدنا أبا جعفر، تقدّمتُ لخطبة كريمتكم؛ لأنّها من منبتٍ صالح، تربّت في بيتكم، بيت علم وأدب. وهو ما أطمح إليه؛ ليتلقّى أبنائي هذه التربية أيضاً. لكنّ طلبها حيّرني جدّاً».
أجابه أستاذه الذي لم تغادره ابتسامته: «لماذا شيخنا العزيز؟ أهو مخالفٌ للشرع؟».
ازداد إرباكه وحاول التبرير: «لا، لكنّه ليس من أعرافنا أن تطلب الفتاة لقاء الخاطب لتطرح عليه بعض الأسئلة أو لتُقيّم شخصيّته، فهذا ليس مقبولاً، سيّدنا».
وضع السيّد الأستاذ يده على كتف تلميذه بمودّة: «أحسنت، قلتَ أعرافنا وليس ديننا، من حقّ الفتاة أن تعرف خاطبها وتسأله وتتحدّث إليه، كما هو من حقّك أيضاً».
- «أليس الدين يوصي بقبول من ترضون خلقه ودينه؟».
- «وهل تتحقّق كلمة (ترضون) من دون تعارف ومعرفة؟».
- «أعتذر أستاذي، لستُ خاضعاً للنقد والتقييم من أيّ فتاة، بإمكانك أن تسألني ما تريد وأنا سأجيبك بكلّ صدق».
- «أعتذر منك أنا أيضاً، كريمتُنا هي المخطوبة وليس أنا».
نهض الشابّ منزعجاً واستأذن للمغادرة، توجّه الأستاذ إلى أخته، وقال: «توقّعك أصاب أيضاً، لا يدرك الشبابُ بعدُ كم سيعالجون من مشاكل حياتهم الزوجيّة إذا تزوّجوا بناءً على التوافق والتفاهم، وليس بناءً على الشكل أو النسب فحسب». هزّت السيّدة بنت الهدى رأسها موافقةً أخاها السيّد الصدر: «ببساطة، طلبي هو أوّل اختبار وعيٍ للخاطب، ولم يأتِ بعدُ من يتجاوزه».