مع الإمام الخامنئي | المبعث حيّ... ونحن مخاطَبون* بأيّ جديد سيأتي الإمام المهديّ عجل الله فرجه؟ * أخلاقنا | لا تُفسد قلبك بالحسد (1)* الشهيد سليماني...كيف قدّمته الصحافة العالميّة؟ زوجة الجريح... شريكة الجهاد إقصاء الشيعة من التاريخ اللبناني!* «كيــف سأعيش من دون والديّ؟» آخر الكلام | أوّل اختبار نصيحة زوجين: ليتنا تعارفنا جيداً! عقد الزواج عهدٌ والتزام

السيّد أبو عليّ الطباطبائيّ: المقـاومـة ولّادة*

أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم (حفظه الله)


قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 146).
إنّ شخصية القائد الجهادي الكبير السيّد أبو علي شخصية مميّزة بالإيمان، والأخلاق، والجهاد، والتقوى، والعلاقات الاجتماعيّة، والتنظيم، والدقّة، وتفكيره الاستراتيجيّ، وإنجازاته الكبيرة في الخطوات العمليّة التي حقّقها في ساحة الجهاد، والتهيئة لمستقبل المواجهة والعمل ضدّ العدوّ الإسرائيليّ. هذه صفات عظيمة تميّز بها الشهيد السيّد أبو عليّ.

• البدايات
التحق بصفوف المقاومة الإسلاميّة منذ سنة 1984م، وكان مُقبِلاً من اللّحظات الأولى على الجهاد. وتُروى عنه قصّة: تقرّر في إحدى المعارك ضدّ العدوّ الإسرائيلي أن يشارك فيها أحد أخوة الشهيد السيّد، بالتالي لم يُسمح للسيّد بالمشاركة؛ لأنّ وجود أخوين في معركة واحدة ليس مناسباً بحسب تقدير المسؤول. فطلب الأخ أبو علي من سماحة السيّد عباس الموسوي (رضوان الله عليه) المشاركة، فقال السيّد عباس كلمته المشهورة: «إنّ الجهاد لا يُقرّب أجلاً». بناءً على ذلك التحق بالمعركة مع أخيه. يقول السيّد أبو عليّ: «أنا حفظتها ودائماً أكرّرها: إنّ الجهاد لا يقرّب أجلاً»، وهذا منسجم بطبيعة الحال مع قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ (الأعراف: 34).

• ابن الميدان
كان للسيّد أبو عليّ دورٌ بارزٌ في التصدّي للعدوان الإسرائيليّ سنة 2006م في الخيام، أدار مشروع قوّات النخبة من عام 2008م إلى عام 2012م، ثمّ عُيّن مسؤولاً عن عمليات التصدّي للمدّ التكفيريّ في سوريا من 2012م إلى 2015م.
إنّ السيّد أبا علي ابن الميدان؛ حمل مسؤوليّات عديدة وعمل على أساسها، وكان بارعاً وناجحاً، ولذلك كنّا نلاحظ أنّه يرتقي من مسؤوليّة إلى أخرى، وفي كلّ المسؤوليّات التي عُيّن بها لم يخترها، بل كان يُكلّف بها دائماً، وينتقل إلى أيّ مكان يُكلّف به، وحتى حين طُلب منه أن يذهب إلى اليمن ويساعد في التدريب والإعداد، قضى تسع سنوات من العام 2015م إلى العام 2024م، عمل خلالها من أجل مساعدة إخواننا في اليمن، وترك بصمة مهمّة، واليوم يُحبّه اليمنيون كثيراً؛ لأنّهم يعرفون هذا النموذج الإلهيّ المقاوم الشجاع الذي يريد نصرة فلسطين، والذي يعمل من أجل تحرير الأرض وتحرير الإنسان.

• قائد معركة أولي البأس بحقّ
كُلّف بقيادة معركة «أولي البأس»؛ لأنّ الشهيد أبا الفضل كان آخر مسؤول مباشر عن إدارة المعركة العامّة، فكُلِّف هو بصفة رابط جهاديّ بين التنظيم الجهاديّ والمقاومة، وفي الحقيقة كان بارعاً جدّاً، وكان بحقّ سيّد معركة «أُولي البأس» من حيث الإدارة العسكريّة، وحُسن التنظيم، والتخطيط، وبرمجة إطلاق الصواريخ والطائرات، وتنسيق النيران، كلّه كان بإشرافه وباحترافه. وبعد المعركة، عُيِّن مسؤولاً عسكريّاً ومعاوناً جهاديّاً، كُلِّف بشكل رسميّ بإدارة العمل الجهاديّ العسكريّ في المقاومة.

• هدف العدوّ لن يتحقّق
ما هو هدف الاغتيال؟ هدفه ضرب المعنويّات باغتياله أبرز شخصيّة في الصفّ الأوّل في عمليّة القتال وترميم القدرة.
أقول لكم: إنّ شهادته خسارة كبيرة بالنسبة لنا، ولكنّها بالنسبة له فهي ربح كبير، لأنّها كانت مبتغاه. ولأنّنا حزب مقاوم ومتماسك، له جذور وأصول، نشأت على الارتباط بالإمام الحسين عليه السلام وثورته المباركة، ولأنّنا استقينا من توجيهات سماحة سيّد شهداء الأمة السيّد حسن(رضوان الله عليه)، فقد قدّم هذا الحزب قادته الذين كانوا في الصفوف الأولى من المواجهة شهداء في سبيل الله، ومنهم السيّد أبو علي (رضوان الله عليه).
نرى أنّه في كلّ فترة من الزمن يتجدّد الحزب، ويتمكّن من استعادة القدرة، ويتمكّن من استبدال الشخصيّات. هذا أمر متحقّق بتوفيق الله تعالى. إذاً، هدف الاغتيال لم يتحقّق ولن يتحقّق. أقول للعدوّ الإسرائيليّ: نحن على الخط مستمرّون، وللسيّد إخوان كُثُر.
كان (رضوان الله تعالى عليه) يقول: «المقاومة ولّادة»، وهو تعبير جميل جدّاً، يعني إن قُتل بعضهم يأتي بعضهم الآخر. وكان يقول: ثمّة عاملان أساسيّان يصبّران على الفراق:
أوّلاً: الغبطة التي ترافق الأخ الذي يُستشهد، مع العلم أنّها لحظة فراق قاسية لقائد فذّ سقط في المعركة.
ثانياً: استحضار روحيّة هؤلاء الشهداء، لأنّهم أحياء عند ربّهم يُرزقون.
هذا هو الفهم، هذا هو الوعي، هذه هي المكانة، هذه هي القيادة. استُشهد مع السيّد أبو علي أربعة من الإخوة، حيث اجتمعوا معاً من أجل التحضير للعمل القادم. رحم الله الشهداء، هم مفخرة عظيمة بالنسبة إلينا. وموقفنا واضح من الحدث: هذا اعتداءٌ سافر وجريمة موصوفة، ومن حقّنا الردّ، سنحدّد التوقيت لذلك.


*مقتطف من كلمة الأمين العام في الحفل التأبيني للسيّد أبو علي الطباطبائي ورفاقه الأربعة 28-11- 2025م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع