* نبذة عن حياته:
في محلة زقاق البلاط إحدى مناطق بيروت الغربية، وفي الواحد والثلاثين من أيار عام
واحدٍ وسبعين، ولد الشهيد المجاهد محمد حسين حسن، وفي بيت من بيوت الفقراء نشأ
الشهيد على حب اللَّه فتربّى بين أحضان المسجد والمحراب، فكان مواظباً على الصلاة
من صغره، محبوباً بين أهله وإخوانه وجيرانه، ومعروفاً بالشجاعة والإقدام والإيثار،
من أهم ميزاته الهدوء ومسامحة من أساء إليه.
تلقى الشهيد أوار الهداية الإلهية، فأضاءت قلبه وعقله، واستجاب لنداء الفطرة "واصطنعتك
لنفسي" فخلع نعلي حب الدنيا والنفس ومشى في درب المجاهدين المخلصين.
كان مواظباً على الحضور إلى بيت اللَّه "المسجد" فهجر بيت النفس المظلمة
وتعرَّف إلى نهج من خُلِقَت لدنيا لأجلهم أهل البيت عليهم أفضل السلام
فأحبهم واقتدى بهم في فكره وعلمه وعمله، فالتحق بدورة ثقافية في مدرسة الإمام
المهدي عجل الله فرجه الشريف للمعارف الإسلامية زادته إيماناً راسخاً وعزماً قوياً
لا يهين ولا يلين فعلم أن العلم وحده لا يكفي، بل لا بد من الجهاد بالنفس.
وهنا اعترضت الشهيد صعوبات جمَّة محاولة إبعاده عن الخط الذي اختاره، ولكن اعتقاده
وعزمه الراسخ ويقينه بأن من ترك سفينة النجاة فهو إلى الهلاك لا محالة جعله يبدد كل
الصعوبات، وهنا اتضحت معالم ولايته التي تجسّدت في التزامه المطلق بولاية الفقيه
فطلب من الأخوة بإلحاح الشديد المشاركة في الذود عن حياض الإسلام على ثغور المقاومة
الإسلامية ولكن الدفاع يحتاج إلى إعداد القوة فالتحق بعدة دورات عسكرية ابتدائية
واختصاصية وكان خلالها مثالاً للتضحية والانضباط.
بعدها يمّم الشهيد وجهه
شطر الباب الذي فتحه اللَّه لخاصة أوليائه، وهنا ازدادت المصاعب التي واجهته ممن
حوله حتى قيل له "ما علاقتك بالأرض التي قاتل من أجلها؟" فكان الشهيد المجاهد محمد
حسن كالجبل الراسخ الذي لا يلين مهما صفت به الرياح، وما زاده ذلك إلا إيماناً
وتسليماً، وعزماً على متابعة الطريق.
وهكذا تابع الشهيد محمد طريقه نحو الجهاد، فلم يترك فرصة تفوته دون الالتحاق بثغور
المقاومة حتى عشق الأرض التي كانت تقله إلى ساح القتال، إلى أرض جبل عامل، حيث دماء
الشهداء ووصاياهم، وما أكثر ترداده لكلمة سيد الشهداء المقاومة الإسلامية "شهداؤنا
عظماؤنا" والكلمة التي دخلت أسماع قلبه وفتحت نور بصره "تفضلوا على اللويزة يا
شباب، يا مجاهدين".
وأخيراً التجأ الشهيد إلى من لا يراه خائباً، التجأ إلى باب الحوائج إلى اللَّه،
الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وأسرَّ إليه بأمنيته التي طالما
أخفاها عن أحبته، ولكن قلبه العاشق كان ينطق بها كلما اقترب من معشوقه ومعبوده.
وهكذا لبّى الشهيد دعوة سيد الشهداء أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام
"هل من ناصر ينصرني" فهاجر إلى من ناداه مقدِّماً أغلى ما عنده وجاد بروحه ودمه
قائلاً "وعجلتُ إليك ربي لترضى" وطافت روحه الزكية حول كعبة الشهادة والتحق بركب
الأولياء والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
* وصيته:
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم
﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ
بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين﴾.
صدق اللَّه العظيم.
إخواني في العمل أرجو منكم المسامحة عن كل خطأ صدر مني اتجاهكم، وأوصيكم بتقوى
اللَّه ونظم أمركم، والحفاظ على دماء الشهداء بأعمالكم على تربية الأجيال على
التقوى والورع عن محارم اللَّه والجهاد في سبيله والثبات على خط الإسلام المحمدي
الأصيل وأرجو أن لا تنسوني في الدعاء وصلاة الوحشة وقراءة القرآن على قبر والسلام
عليكم.
* أمي، أبي...
أرجو منكم المسامحة عن كل شيء صدر مني اتجاهكم وكان سبباً في إزعاجكم وأن لا تحزنوا
علي لأن اللَّه سبحانه لا ينسى أجر أناس ربّوا ولدهم ليكون شهيداً في أعلاه كلمة
"لا إله إلا للَّه محمد رسول اللَّه".
وأرجو منكم أن لا تنسوني في دعائكم وأن تتسامحوا لي من كل شخص يعرفني وأرجو منكم أن
تلتزموا على خط ولاية أهل البيت عليهم السلام لأنهم حبل اللَّه المتين وبحبهم نصل
إلى مرضات اللَّه سبحانه وتعالى والسلام عليكم.
* أخوتي الأحبة.
أرجو منكم المسامحة وأوصيكم أن تلتزموا الإسلام المحمدي الأصيل وأن تبحثوا عن
الطريق الصحيح ولا تدعوا العصبية هي التي تسيّر أموركم لأن اللَّه سبحانه بيّن لنا
الطريق لنسير عليه عبر القرآن والأنبياء والأئمة عليهم السلام والطريق الأسهل عبر "العقل"
لأنه زينة الإنسان. قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ
وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ صدق اللَّه العلي العظيم، وأرجو لكم التوفيق ولا تنسوني بدعائكم وأرجو منكم
المسامحة إذا كان كلامي فيه أي خطأ والسلام عليكم.