مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي: الإنتاج عنوان العزّة

إذا ارتقت إنتاجيّة القوى العاملة، فسوف ترتقي جودة العمل. هذه القضيّة التعليميّة إذا تمّ إدراكها، من البديهيّ أنّها ستزيد إنتاجيّة القوى العاملة، وسوف تقلّل سعر المنتج النهائيّ أو تكاليف العمل، وسيرتقي بجودة العمل. وعندما يتمّ الارتقاء بالجودة، تزداد القدرة التنافسيّة، ويتحقّق الازدهار الاقتصاديّ، وخصوصاً في مجال الصادرات.


•الإنتاج جهاز المناعة للاقتصاد
يمكن تشبيه الإنتاج بجهاز المناعة والدفاع في جسم الإنسان. في هذه الأيّام التي تنتشر فيها الكورونا، فإنّ النظام الدفاعيّ للجسم يلعب دوراً مهمّاً جدّاً في مواجهة الفيروسات والجراثيم والمعتدين على الصحّة. لا شكّ في أنّ فيروس كورونا تسرّب إلى أجسام الكثيرين، لكنّهم لم يمرضوا، لماذا؟ لقد كان لديهم نظام دفاعيّ سليم وجيّد، استطاع الدفاع عن الجسم وتأمين سلامته وصحّته.

إذا شبّهنا اقتصاد البلد بجسم الإنسان، فإنّ الإنتاج هو بمكانة النظام الدفاعيّ والأمنيّ للاقتصاد؛ أي إنّ الإنتاج هو الذي يمكنه حماية الاقتصاد من الفيروسات والجراثيم التي تهاجمه فيعطّل عملها، ويبقي الاقتصاد سالماً. فإذا كان لدينا دائماً إنتاج جيّد ومناسب ولائق ومتنامٍ في البلاد، يمكننا مقاومة هذه الفيروسات التي تكون موجودة بطبيعة الحال.

إنّ قضيّة الإنتاج لها دور مؤثّر وعجيب، ويجب إيلاؤها الأهميّة المناسبة والاهتمام بها. إن تمكنّا من الحفاظ على هذا النظام الدفاعيّ واستطعنا توفير السلامة لجسد اقتصاد البلاد، والمحافظة على جهوزيّته واستعداده على الصعد كافّة، فإنّ هذه المشاكل والاهتزازات الدوليّة والصدمات الاقتصاديّة المختلفة، لن تتمكّن من إحداث ضرر جسيم وخطير على البلاد.

•الإنتاج يُعزّز الشعور بالثقة والعزّة
يمكن للإنتاج أن يشكّل اقتصاداً وطنيّاً قويّاً في البلاد؛ فالإنتاج يؤدّي الدور الأوّل في بناء اقتصاد قويّ، وله تأثير حيويّ لا يمكن إنكاره في إدارة البلاد. وهو ليس مجرّد مسألة اقتصاديّة فحسب، بل إنّ الإنتاج من الناحية السياسيّة يعزّز ثقة البلاد بنفسها، ويعزّز في الشعب الشعور بالعزّة، إنّه مدعاة للعزّة والفخر أن يشعر الشعب بأنّ احتياجاته تتمّ تلبيتها داخل بلده وبصناعته، مقارنةً برؤية نفسه بحاجة إلى استيراد ما يحتاج إليه من الآخرين، وأنّه يجب أن يتوسّل إليهم كي يبيعوه؛ فالآخرون قد يقدّمون، وقد لا يقدّمون، وفي بعض الأحيان يقدّمون الجيّد، ويقدّمون السيّئ أحياناً أخرى.

لذلك ترون أنّ قضيّة الإنتاج لها أبعاد تتجاوز الأبعاد الاقتصاديّة البحتة، مضافاً إلى أنّ الإنتاج يمكن أن يؤثّر في مجمل المؤشّرات الاقتصاديّة للبلاد، مثل الناتج المحلّيّ الإجماليّ، والعمالة، وقضيّة العرض للسلع والخدمات، والرفاهيّة العامّة للمجتمع، والتصدير، والتأثير الفكريّ والثقافيّ للصادرات.
فإذا كان الإنتاج المحلّيّ هو مصدر فخر وطنيّ، ما يمنح أفراد المجتمع الثقة بالنفس، فماذا يمكن للمرء أن يقول أكثر من هذا عن أهميّة الإنتاج؟ حقّاً إنّ الإنتاج المحلّيّ أمر حيويّ للبلاد.

•الشعب محور لبناء الاقتصاد
من المهمّ أن نعرف أنّ الحكومات لا يمكنها تشغيل محرّك اقتصاد المجتمع دون مشاركة الشعب. إنّ بعض الآليّات الفكريّة والسياسيّة والاقتصاديّة، مثل إحدى المدارس الاشتراكيّة، تصوّرت أنّ الحكومات قادرة على التصدّي للعمل الاقتصاديّ، ولكنّها فشلت. هذا الأمر غير ممكن دون مشاركة الشعب، ولن تتمكّن أيّ حكومة من تنظيم اقتصاد البلاد وتشغيل محرّك الاقتصاد. لذلك، إنّ قضيّة إشراك طاقات ومواهب الناس وابتكاراتهم وقدراتهم المتنوّعة في مجال اقتصاد البلاد يجب أن تكون من أهمّ قضايانا.

•واجبات الدولة الدعم وإزالة العقبات
صحيحٌ أنّ هذا العمل هو عمل الناس، ولكن على الدولة واجبات مهمّة أيضاً. إحدى هذه المهمّات -التي إن لم تقم الدولة بها، لن تتحقّق النهضة في الإنتاج-، هي تقديم الدعم إلى الإنتاج والمنتج. يمكن اختصار ذلك بجملة واحدة على هذا النحو: الدعم الرسميّ؛ وليس بمعنى ضخّ السيولة وتقديم الأموال، الذي قد يكون ضروريّاً أحياناً، ولكنّه قد يكون ضارّاً أيضاً.

المقصود من الدعم "فتح المجال"، فإذا تصوّرنا أن القوى العاملة الشعبيّة: المستثمر، والمهندس، والمفكّر، والعامل، هم كعدّاءٍ سريعٍ، فليس عليكم أن تعلّموه ماذا يفعل، فهو لديه شغف ورغبة وميل للحركة. أنتم افتحوا المجال، وأزيلوا العقبات، ومهّدوا الطريق، ودعوه يقوم بحركته. إذا قامت الحكومة بذلك، حينئذٍ ستتمّ تلك الحركة بالطريقة الصحيحة.

لذلك، إنّ الدعم الذي نتحدّث عنه هو إزالة العقبات، مثل إزالة المقرّرات والقوانين المرهقة والإجراءات الروتينيّة التي لا فائدة منها، حيث إنّ وجودها يمنع قطاع الإنتاج وجهاد الاقتصاد الفعّال والمفيد من القيام بعمله.

(*) من لقاء الإمام الخامنئيّ دام ظله مع الشركات الإنتاجيّة (عبر تقنيّة الاتّصال المتلفز)، بتاريخ 6/5/2020م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع