نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مناسبات العدد

 

13 محرّم عام 61 هـ: دفن الأجساد الطاهرة لشهداء كربلاء


لمّا أراد بنو أسد دفن أجساد شهداء كربلاء، أقبلوا إلى جسد الحسين عليه السلام، واجتهدوا على أن يحرّكوه من مكانه ليشقّوا له ضريحاً فلم يقدروا أن يحرّكوا عضواً من أعضائه، فقال أحدهم: ما ترون؟ قالوا: نجتهد أوّلاً في دفن أهل بيته، ونرى رأينا في جسد الحسين عليه السلام.

فقال كبيرهم: كيف يكون دفنكم لهم وما فيكم من يعرف هذا من هذا، وهم كما ترون جثث بلا رؤوس قد غيّرت محاسنهم الشمس والتراب؟ وإذا بفارس طلع عليهم على متن جواده وقد ضيّق لثامه، فأقبل ونزل عن جواده، وصار منحنياً كهيئة الراكع حتّى أتى جسد الحسين عليه السلام ورمى بنفسه عليه، فجعل يشمّه تارة ويقبّله أخرى، وقد بلَّ لثامه من دموع عينَيه، ثمّ رفع رأسه ونظر إلى بني أسد وقال: ما وقوفكم حول هذه الجثث؟ قالوا: أتينا للتفرّج عليها، قال: ما كان هذا قصدكم، فقالوا: نعم يا أخا العرب، الآن نطلعك على ما في ضمائرنا، أتينا لندفن جسد الحسين عليه السلام.

قال بنو أسد: فخطَّ لنا خطّاً في الأرض وقال: احفروا ها هنا، ففعلنا، ووضعنا فيها سبع عشرة جثّة. ثمّ خطَّ لنا خطّاً آخر وقال: احفروا ها هنا، ففعلنا، ووضعنا فيها باقي الجثث واستثنى جثّة واحدة، فأمرنا أن نشقَّ لها ضريحاً ممّا يلي الرأس الشريف، ففعلنا.

وقال لهم: أمّا الحفيرة الأولى ففيها أهل بيته، وأمّا الحفيرة الثانية ففيها أصحابه، وأمّا القبر المنفرد ممّا يلي الرأس الشريف، فهو حامل راية الحسين عليه السلام حبيب بن مظاهر.

ثمّ أقبلنا لنعينه على جسد الحسين عليه السلام، وإذا هو يقول لنا: أنا أكفيكم أمره، فقلنا: يا أخا العرب، كيف تكفينا أمره وكلّنا اجتهدنا على أن نحرّك عضواً من أعضائه فلم نقدر عليه؟ فبكى بكاءً شديداً وقال: إنّ معي من يعينني عليه، ثمّ جثا على الأرض وبسط كفّيه تحت ظهره الشريف وهو يقول: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول الله، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، ما شاء الله، لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

وقيل إنّه قال: يا بني أسد عليَّ بحصيرة! قالوا: ما تصنع بها؟ قال: لأضع عليها أوصال الحسين عليه السلام المقطّعة، فناولوه حصيرة جمع عليها أوصال الحسين عليه السلام.

قال بنو أسد: فرأيناه قد وضع خدّه على نحره الشريف، وهو يبكي وسمعناه يقول: "طوبى لأرض تضمّنت جسدك الشريف. أمّا الدنيا فبعدك مظلمة، وأمّا الآخرة فبنورك مشرقة، أمّا الحزن فسرمد، وأمّا الليل فمسهّد، حتّى يختار الله لأهل بيتك دارَك التي أنت مقيم بها، وعليك منّي سلام الله يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته". ثمّ أشرج عليه اللِّبن وأهال عليه التراب.

ثمّ وضع كفّه على القبر وجعل يخطّ القبر بأنامله، وقال بعضهم إنّه كتب: هذا قبر الحسين بن عليّ بن أبي طالب الذي قتلوه عطشان غريباً.

وقيل: وضع الطفل الرضيع إلى جنب والده في قبره، بناءً على وصيّة سابقة من الحسين عليه السلام لولده زين العابدين عليه السلام قال له: بنيّ! إذا جئتَ لمواراة الأجساد، وسِّد رضيعي إلى جنبي.

قال بنو أسد: كان قد بقي بطلٌ مطروح حول المسنّاة، كلّما حملنا جانباً منه سقط الآخر، لكثرة ضرب السيوف والسهام. فلمّا رآه عليه السلام انكبّ عليه يقبّله وهو يقول: على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم!

ثمّ أمرهم أن يشقّوا له ضريحاً، ثمّ أنزله وحده ولم يشرك معه أحداً. ثمّ مضى إلى جواده، فتبعناه ودرنا عليه نسأله عن نفسه، فعرّفهم أوّلاً بالقبور قبراً قبراً، وأمرهم أن يعلموا النّاس ويعرّفوهم قبر الحسين عليه السلام وأصحابه، ثمّ قال: وأمّا أنا فإمامكم عليّ بن الحسين عليهما السلام(1).

25 محرّم عام 95 هـ: شهادة الإمام زين العابدين عليه السلام

لمّا سرى السمّ في بدن الإمام زين العابدين عليه السلام، وتيقّن حلول أمر الله تعالى به، وانقطاع أجله، أقبل على ولده الإمام الباقر عليه السلام، وقال له: "يا بنيّ، إنّ الوقت الذي وُعِدته قد قرُب، فأوصيك يا بنيّ في نفسك خيراً، واصبر على الحقّ وإن كان مرّاً، فإنّه لتحدّثني نفسي بسرعة الموت لقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (الرعد: 41).

يا بنيّ، إذا أنا متُّ فغسّلني، فإنّ الإمام لا يغسّله إلّا إمام مثله... واعلم يا بنيّ، أنّي مفارقك عن قريب، فإنّ الموت قد قرب، وقد بلغ الوليد منّي مراده.

قال الإمام الباقر عليه السلام: "فضمّني إلى صدره، ثمّ قال: يا بنيّ، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة"، وذكر عليه السلام أنّ من جملة ما أوصاه به أبوه أن قال: يا بنيّ، إيّاك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلّا الله، ثمّ أغمي عليه ثلاثاً، ثمّ فتح عينَيه وقرأ: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾، و﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾، وقال: الحمد لله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين.

ثمّ أشرق وجهه نوراً، ونادى: يا أبا جعفر، عجِّل، ففاضت نفسه الشريفة... فأخذ الباقر عليه السلام في تغسيله، كما أمره، وأدرجه في أكفانه، ووضعه على سريره، فحمل على الأعناق، حتّى أتي به البقيع، ودفن هناك بجوار عمّه الإمام الحسن عليه السلام.

وعن جابر الجعفيّ، قال: لمّا جرّد مولاي محمّد الباقر مولاي عليّ بن الحسين ثيابه، ووضعه على المغتسل، وكان قد ضرب دونه حجاباً، سمعته ينشج ويبكي، حتّى أطال ذلك، حتّى إذا فرغ من غسله، قلت له: جعلت فداك، ممّ كان بكاؤك، وأنت تغسّل أباك؟ قال: لمّا جرّدت أبي ثيابه، ووضعته على المغتسل، رأيت آثار الجامعة في عنقه، وآثار جرح القيد في ساقَيه وفخذَيه، فأخذتني الرقّةُ لذلك، وبكيت(2).


7 صفر عام 128 هـ: ولادة الإمام الكاظم عليه السلام

يصف الإمام الصادق عليه السلام ولده الإمام الكاظم عليه السلام بأنّ: "...فيه العلم، والحكم، والفهم، والسخاء، والمعرفة فيما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم، وفيه حسن الخلق، وحسن الجوار، وهو باب من أبواب الله تعالى..."(3). وفي رواية أخرى يقول عليه السلام لبعض أصحابه: "إنّ ابني هذا الذي رأيت لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم"(4).

ومن معينه عليه السلام: عن عثمان بن عيسى قال: حضرتُ أبا الحسن صلوات الله عليه وقال له رجل: أوصني، فقال له: "احفظ لسانك تُعَزّ، ولا تمكّن الناس من قيادك فتذلّ رقبتك"(5).


1.انظر: مجالس السبايا من كربلاء إلى الشام، دار المعارف الإسلاميّة، 27-31.
2.انظر: سيّد البكّائين، دار المعارف الإسلاميّة الثقافيّة، ص81-83.
3.عيون أخبار الرضا عليه السلام، الصدوق، ج1، ص34.
4.قرب الإسناد، الحميريّ، ص335.
5.الكافي، الكلينيّ، ج2، ص113.

أضيف في: | عدد المشاهدات: