نهى عبد الله
عصر ذلك اليوم، بينما كانت تغفو جميلةً وديعةً على شاطئ أزرق، وتنعكس عليها أشعة الشمس الذهبية، بدت لأحدهم كطائر الفينيق، ناريَّ الألوان، وارفَ الأجنحة، مزهوّاً بنفسه.. حتّى طالته ساعة الاحتراق، فاستحال رماداً.. وانتفض من بين رماده؛ ليُبعَث إلى الحياة من جديد، زاهياً بألوان الشمس، قويّاً..
عصر ذلك اليوم، حين طالت الجميلة لحظة الاحتراق، استحالت ملامحها رماداً، سكنها صراخ الأطفال، وأنين الموجوعين، وانبعثت روائح الذمم العارية، ووجهٌ قبيحٌ ابتسم من بعيد..
عصر ذلك اليوم، امتدّت الأكفّ، وتقلّبت القلوب بين يدَي الرحمن، دعاء وابتهالات وصلوات، وشموع أمل بإنقاذ كلّ روح تلتقط أنفاسها المخنوقة تحت ركام أسود.
رمادُك أيّتها الجميلة، ترويه دموع أبنائك المحبّين وصلواتهم، وسواعدهم القويّة، يخوضون معركةً تشبه آبَ آخر. لم تلتقطي أنفاسك بعد، لكنّك ستنهضين، لا كطائر الفينيق الأسطوريّ، بل كحقيقة تذيب كلّ الأساطير، وتذيب خلاف الأبناء، وحقيقة قويّة تحاسب الفاسدين، وتعيد التجهّم لكلّ وجه قبيح بعيد..
أعرف رجلاً قال عن أبناء لبنان: "هم أناسٌ تمّ اختيارهم من أجل خوض الاختبارات الإلهيّة الصعبة، وسيعينهم الله حتماً". فأين منّا طائر الفينيق؟!