منذ ما قبل الثورة، صرّح إمامنا الخمينيّ الجليل قدس سره بخطر التغلغل الصهيونيّ وظلمه، وكان أوّل ما قامت به الجمهوريّة الإسلاميّة بعد الثورة هو أنّها طردت موظّفي مركز الكيان الصهيونيّ في طهران، وأعطت المركز للفلسطينيّين. كانت هذه خطوة حقيقيّة ذات بُعد رمزيّ في الوقت نفسه. ولا نزال على موقفنا هذا حتّى اليوم. إنّنا ندعم فلسطين ونساعد الفلسطينيّين، وسنبقى دون أيّ تردّد، وعلى العالم الإسلاميّ كلّه أن يساعد فلسطين.
•﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ﴾
طُرحت قضيّة إزالة الكيان الإسرائيليّ مراراً في كلمات الإمام الخمينيّ الراحل قدس سره، وكلمات مسؤولي الجمهوريّة الإسلاميّة. والأعداء يفسّرون هذا تفسيراً سيّئاً. فإزالة الكيان الإسرائيليّ لا تعني إبادة الشعب اليهوديّ، بل القصد هو محو ذلك الحكم والكيان المفروض. "إزالة إسرائيل" تعني أن ينتخب شعب فلسطين، وهم أصحاب تلك البلاد الأصليّون-سواء المسلمون منهم أو المسيحيّون أو اليهود- بأنفسهم أصحاب حكومتهم الأصليّين، وأن يزيلوا من بينهم الغرباء والأراذل والأوباش، ويطردوهم ويديروا بلادهم بأنفسهم. ثمّة من يستبعد ذلك ويقول: كيف يمكن لفلسطين أن تستقلّ بعد سبعين عاماً؟ بلدان البلقان وبعض البلدان الأخرى أيضاً استقلّت بعد ستّين أو سبعين عاماً من احتلال الآخرين لها، وعادت البلدان إلى شعوبها، الأمر غير مستبعد أبداً: ﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ﴾ (إبراهيم: 20). هذا أمرٌ سوف يحدث. نحن نناصر الشعب الفلسطينيّ، واستقلال فلسطين(1).
•لن تمرّ صفقة القرن
قضيّة يوم القدس هذا العام أهمّ من أيّ عام مضى؛ لأنّها قضية أساسية لا تختص بالحكومات والبلدان الإسلامية. فهي قضيّة إنسانيّة. طبعاً، إنّ هذا العمل يشكّل للمسلمين أهميّة أكبر وأولويّة أكثر، وإضافة إلى الجانب الإنسانيّ، ينطوي على جانب شرعيّ ودينيّ أيضاً.
ومسيرات هذه السنة في العالم، أهمّ من السنين السابقة بسبب هذه الخيانات التي يمارسها بعض أذناب أمريكا في المنطقة من أجل تثبيت صفقة القرن. لن يتمّ ذلك ولن يتحقّق أيضاً وسوف تتلقّى أمريكا وأذنابها الهزيمة حتماً في هذه القضيّة. إنّهم يجاهرون اليوم بأنّهم يسعون للقضاء على قضيّة فلسطين ومحوها من قضايا العالم؛ طبعاً هم لن يستطيعوا فعل أمر كهذا، وسوف يُمنون بالخيبة(2).
•إحياءات يوم القدس، دليل نفوذ الإمام قدس سره
قبل أربعين سنة ابتكر الإمام الخميني الجليل قدس سره يوم القدس للدفاع عن قضية فلسطين المهمّة. وها قد مضى أربعون عاماً على ذلك، إلّا أنّ يوم القدس لا يزال جديداً لم يعتره القِدَم. وقد خرجت مظاهرات في أكثر من مائة بلد في يوم القدس، في الوقت الذي تنصبّ فيه مساعي السياسات الاستكبارية لأمريكا وأذنابها وأتباعها لإيداع القضية الفلسطينيّة طيّ النسيان ومحوها، وفي مثل هذه الظروف، يؤدّي عامل نفوذ إمامنا الكبير إلى طرح قضية القدس في أكثر من مائة بلد وإحيائها؛ لا من قبل الساسة والمتحدّثين السياسيّين الرسميّين، بل من قِبَل الشعوب. وهذا دليل على جاذبية الإمام الخمينيّ قدس سره التي لا تزال قائمة حتى بعد ثلاثين عاماً من وفاته. ما من جاذبية في العالم يمكنها أن تضاهيها. وإنّني هنا، أغتنم الفرصة لأتقدّم من شعبنا العزيز بالشكر من أعماق القلب على مشاركته العظيمة الباهرة تلك، في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك، حيث نزلت حشود الشعب الضخمة إلى الساحات في كلّ أنحاء البلاد. والحقّ أنّ الشعب لم ولن يقصّر في العمل بتوصية الإمام الخمينيّ قدس سره(3).
1.من كلمة للإمام الخامنئيّ دام ظله، في تاريخ 15/11/2019م.
2.من كلمة له دام ظله، في تاريخ 29/5/2019م.
3.من كلمة له دام ظله في ذكرى رحيل الإمام الخمينيّ قدس سره، في تاريخ 4/6/2019م.