الشيخ بسّام محمّد حسين
إنّه الدعاء السابع من أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجّاديّة، زبور آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. ونظراً إلى أهمّيّة هذا الدعاء فقد أوصى سماحة الإمام الخامنئيّ دام ظله بقراءته في خضمّ الابتلاءات التي عصفت بالناس أخيراً إثر انتشار فيروس كورونا. وقد احتوى هذا الدعاء على مضامين عالية كما يبدو من عنوانه: دعاؤه عليه السلام إذا عرضت له مهمّة، أو نزلت به ملمّة، وعند الكرب.
وعَرَض له شيء: إذا ظَهَرَ، ومنه العارض؛ أي المانع أو الآفة تصيب الشيء. والمهمّة: الحالة الشديدة. والملمّة: النازلة، من ألمَّ به إذا نزل به. والكرب: الغمّ الذي يشتدُّ على صاحبه(1).
وتكمن أهمّيّة الدعوة إلى قراءة هذا الدعاء، بالرجوع إلى الروايات الواردة في الحثّ على الدعاء عند البلاء، وأثره في رفع البلاء:
فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "فإذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع"(2)، حيث يشير الإمام إلى التوجّه الفطريّ الذي يظهر عند الشدائد، قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (العنكبوت: 65).
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا: لا، قال: إذا أُلهِمَ أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أنّ البلاء قصير"(3).
وعن الإمام الكاظم عليه السلام: "ما من بلاءٍ ينزل على عبدٍ مؤمنٍ فيُلهمه الله عزّ وجلّ الدعاء إلّا كان كشف ذلك البلاء وشيكاً، وما من بلاءٍ ينزل على عبدٍ مؤمنٍ فيُمسك عن الدعاء إلّا كان ذلك البلاء طويلاً، فإذا نزل البلاء فعليكم بالدعاء والتضرّع إلى الله عزّ وجلّ"(4).
إنَّ الإنسان المؤمن بالله تعالى وقدرته وأنّ بيده الأمور كلَّها، يتوجّه إلى الله تعالى عند البلاء بالدعاء، فإنّ "الدعاء سلاح المؤمن"، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(5)، واليأس من المخلوق والالتجاء إلى الخالق هو بداية الفرج؛ "إلى مَن يلجأ المخلوق إلّا إلى خالقه"(6).
وتشير بعض الروايات إلى أنّ الله سبحانه وتعالى قد جعل من ضمن شروط نزول بعض الابتلاءات أن لا يكون العبد قد دعا الله تعالى، وإلّا فإن كان قد دعا الله تعالى فإنّ الله تعالى يغيّر ذلك الأمر المقدّر قبل إمضائه وحتمه، فعن الإمام الكاظم عليه السلام، قال: "الدعاء لله والطلب إلى الله يردّ البلاء وقد قُدّر وقُضي ولم يبقَ إلّا إمضاؤه، فإذا دُعي الله عزّ وجلّ وسُئل صَرْفَ البلاء صَرَفه"(7).
وهذا هو الموافق لنظام المحو والإثبات وعقيدة البداء لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام، حيث لا مكان لليأس من تغيير المقدَّرات، بل على العكس، فإنّ بإمكان الإنسان من خلال العمل الصالح والدعاء والصدقة دفع الابتلاءات قبل قضائها وإمضائها، قال تعالى: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (الرعد: 39).
اللهمَّ بحقّ محمّد وآل محمّد، اكشف هذه الغمّة عن هذه الأمّة بظهور الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
1.رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين عليه السلام، المدني الشيرازي، ج2، ص307.
2.الكليني، الكافي، ج2، ص468.
3.(م.ن)، ج2، ص471.
4.(م.ن).
5.(م.ن)، ج2، ص468.
6.من دعاء أبي حمزة الثماليّ.
7.(م.ن)، ج2، ص470.