ديما جمعة فوّاز
السلام عليكم. اسمي سلوى، عمري 20 عاماً، مشكلتي أنّني سريعة التأثّر بأيّ كلمة أو موقف، وأتحسّس كثيراً من أذيّة الآخرين ويستحيل أن أنساها! لا زلت أتذكّر أنّ صديقتي منذ سنوات أحرجتني بمزاحها الثقيل وسبّبت لي الكثيرَ من الأذى بين بقية الرفاق، وكلّما صدر عنها موقف معيّن أتذكّر موقفها السابق وأشعر بالألم من جديد. لا زلت أتذكّر أنّ والدي لم يشاركني فرحة التخرّج المدرسيّ وغاب عن الحفل بحجّة عمله؛ ما سبب لي التعاسة تلك الليلة.
لا زلت أتذكّر أنه منذ عدة أعوام، دفعتني أختي حين كنّا نتشاجر فوقعت وأصبت بنزيف في الرأس أقعدني عدّة أيام طريحة الفراش...
هذه الأحداث وعشرات مثلها لا زلت أذكرها كأنّها حصلت معي البارحة، أو اليوم.. وأبكي لأنني أتذكر أدقّ تفاصيلها المؤلمة.. وأتمنّى أن أتحرّر منها وأنظر لمن حولي بتسامح، رغم أنّني أحاول دوماً أنْ أطرد أشباح الماضي وأسعى لأن أتمكّن من الصفح عمّن آذاني.. ولكنّني لا أستطيع. ماذا أفعل؟ هل من حبّة دواء تنسيني الحزن وتجعلني أولد من جديد بذاكرة جديدة ناصعة بيضاء؟
الصديقة سلوى، شكراً لثقتك بنا ونتفهّم مشاعرك؛ فلا شكّ في أن تذكّرك لتفاصيل الأزمات التي مررت بها تملؤك طاقة سلبية، وتعيق تطوّرك العاطفيّ، وتؤدّي بكِ إلى نظرة سوداوية للحياة.. لذلك سنقدّم لك نصائح، نتمنّى أنْ تفيدك:
1- حين أمرنا الله بالعفو عن الناس كان ذلك لمصلحتنا.. فأهميّة حسن الظن بالآخرين وتبرير أفعالهم، وتفهّم دوافعهم تعود بالفائدة علينا وليس عليهم فقط.
2- حين نطهّر قلوبنا من الحقد ونضع حقّنا بين يدي الله، وحين نسامح من آذانا ونستغفر له بصدق، فإننا نترفّع عن تلك الرمال المتحركة التي تحاول أن تُغرقنا وتبتلعنا.. تلك الرمال المتحرّكة هي الحقد.
3- ابدئي بالعفو من قلبك، ودرّبي عقلك على تجاوُز هَفوات الآخرين. ستجدين صعوبة في الفترة الأولى ولكنّ تذكّرك المستمرّ لأيّ أذية تعرّضت لها يجعلها متجدّدة في ذاكرتك دوماً، بينما ينساها جميع مَن حولك.
4- كفّي عن لوم الآخرين ومحاسبتهم واعتبري أنّ ما حصل لم يكن مقصوداً، وليس درامياً بالطريقة التي يصوّرها لك عقلكِ اليوم.
5- تذكّري أنك أيضاً ربّما أخطأت في حقّ أحدهم، وربّما لم تلتفتي بالأصل، ولكنّنا جميعنا معرّضون لأن نقع في المعصية فنؤذي بعضنا بعضاً.
6- للأسف يا صديقتي، لا يوجد حبة دواء تساعدك على النسيان ولكن يوجد ما هو أهمّ: شعلة العفو التي ستنير قلبك في حال حافظتِ عليها.. لن تجديها في أيّ صيدلية ولكنك ستعثرين عليها بعد سجدة طويلة بين يديْ من يعفو عن عباده.. مَن لنْ ينسى دمعتك أو حُزن قلبك.. فأودعيه تلك الآلام وانسيها!