وغاب عنها الكفيل... وأدمى فؤادها رأس القتيل مرفوعاً على رمحٍ طويل... وهذا قلبها الصبور يشكو لوعة المصاب.. هذا حُزنها يحرق دمعاً في عينيها الغارقتيْن بذكرى الفجيعة...
الآن باتت أمُّ الخدر الحوراء غريبةً مسبيَّة يحدوها اللَّعين... تصون اليتامى بجسمٍ نحيل عليل...
هي التي كانت عزيزةً لا يُرى لها ظلّ.. كان قمر العشيرة كفيلها وحبيبَ جدّها المصطفى أخوها... باتت اليوم بلا كفيل، بلا أخٍ وبلا مُعين... يُشيرون إليها بالبَنان فتخنقها العَبرة... وكلمات الناس تذبحها كأنّما هي ألف جمرةٍ وجمرة...
يا ليتها تُطيقُ صبراً على فراقٍ يطول...
يا ليتها تغدو كنفاً يُظلِّل القتيل الشريد...
في قلبها لهيبٌ يشتعل ألماً ووحشةً ويُتماً...
اليوم يا ليتها تظلّ قُرب الأجساد الطاهرة السليبة تمسح الدم والتراب... تُلملم أكفّ عباسها.. تشمّ رائحة حسينها...
روحها تهيم، تذوب، يسعّر جمر شوقها...
في صبرها صبر يُميت فيها الحياة...
هي أمّ المصائب... مَن أدمت قلب سيّدنا المهديّ المنتظر...
ملاك عليّ ماضي جواد