اخرج إلى الضوء | عندما يكون القائد والداً للمجاهدين مهارات | المساندة النفـسيّة في الأزمات والحروب الملف | كيف نواجه إشاعات الحرب؟ الملف | بصبركنّ... ننتصر الملف | دعاء أهل الثغور: مدد المجاهدين الملف | الشهداء المستبشرون معالم المجتمع الصالح في نهج البلاغة الملف | قيم المقاومة آخر الكلام | تحت الركام.. الافتتاحية | الصبر حليف النصر

أدب ولغة: كشكول الأدب

فاطمة برّي بدير

 



* العقرب والعجوز
كان عجوز حكيم يجلس أمام النهر ويتأمّل الطبيعة حين لمحت عيناه عقرباً وقع في الماء. أخذ العقرب يحاول إنقاذ نفسه، فقرّر العجوز مساعدته. نهض ومدّ يده، لكنّ العقرب لسعه. سحب العجوز يده متألّماً، لكنه بعد دقيقة واحدة مدّ يده ثانية لينقذه فلَسعه العقرب. سحب يده صارخاً من الألم، ثم حاول للمرّة الثالثة أن ينقذ العقرب اللسّاع من الموت!
رآه رجل يراقب ما يحدث، فصرخ بالعجوز: "أيّها الحكيم لمْ تتّعظ من المرة الأولى، ولا الثانية، وها أنت تحاول إنقاذه للمرّة الثالثة!".

لم يأبه الحكيم لكلام الرجل وظلّ يحاول حتّى نجح في إنقاذ العقرب من الغرق، فمشى باتّجاه الرجل وقال له: يا بنيّ من طبع العقرب أن "يلسع"، ومن طبعي أن "أحبّ"، فلماذا تريدني أنْ أسمح لطبعه أن يتغلّب على طبعي؟

* فروقات لغويّة
- الفرق بين الآخَر والآخِر:
أنّ الآخَر بمعنى ثانٍ، وكلّ شيء يجوز أن يكون له ثالث وما فوق يقال فيه: آخَر؛ ويقال للمؤنث أخرى. وما لم يكن له ثالث فما فوق ذلك، قيل: الأول والآخِر، ومن هذا ربيع الأول وربيع الآخِر.

- الفرق بين المشهور والمعروف:
المشهور: هو المعروف عند الجماعة الكثيرة، المعروف: معروف، وإن عَرَفه واحد.
يقال: هذا معروف عند زيد، ولا يقال: هذا مشهور عند زيد، ولكن يقال: مشهور عند القوم.

- الفرق بين الضُّعف والضَّعْف:
الضُّعف: -بضم الضاد- يكون في الجسد خاصّة.
والضَّعف: -بالفتح- يكون في الجسد والرأي والعقل. يُقال: في رأيه ضَعف. ولا يقال: فيه ضُعف.
كما يقال: في جسمه ضَعف وضُعف، فيجوز في الجسد الوجهان.
قال الله تعالى: ﴿خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ (الروم: 54).

* أصمعيّات
- قال الأصمعي: أصابت الأعرابَ مجاعة، فمررتُ برجل منهم قاعدٍ مع زوجته بقارعة الطريق، وهو يقول:
يا ربِّ إنّي قاعدٌ كما ترَى
وزوجتي قاعدة كما ترَى
والبطنُ مني جائعٌ كما ترى
فما ترَى يا ربّنا في ما ترَى؟

- قيل لأعرابيّ: ما يمنعك أن تغزو؟ قال: والله إنّي لأبغض الموت على فراشي، فكيف أن أمضي إليه ركضاً؟

- سُمِع أعرابيّ وهو يقول في الطواف: اللّهمّ اغفر لأمّي.
فقيل له: ما لك لا تذكر أباك؟
قال: أبي رجل يحتال لنفسه، وأمّا أمّي فبائسة ضعيفة.

* حكاية مثل
- "مَن أكَل بصل عكا فكأنّه زار مكّة"!
يُصنَّف هذا المثل الشائع، دليلاً واضحاً على مسألة الأحاديث النبويّة الموضوعة للمصلحة الخاصّة، وهي جملة أحاديث مختلقة صاغها الوضّاعون لمآرب شخصيّة أو دنيويّة. وتقول حكاية حديث "بصل عكا" إنّ أحد التجّار استورد بصلاً ليبيعه في شبه الجزيرة العربيّة. لكنّ سوقه كانت كاسدة فلم يشترِه أحد. فجاء إلى أحد الصحابة وكان مشهوراً برواية الحديث، وقال له: أتريد أن تعمل عملاً تنال عليه أجراً وثواباً؟
فقال: نعم.
فقال الرجل: كان قد قيل لي إنّ البصل في الجزيرة نادر الوجود. فاشتريت بكلّ ما أملك بصلاً وأتيت به هنا، إلّا أنّ أحداً لا يشتريه، والبصل يكاد يتْلَف. فلو فعلت ما يحمل الناس على شراء هذا البصل، لأنقذتَ مؤمناً من الإفلاس ولأحيَيتَ نفساً.

فوافق الصحابيّ، وطلب منه أن يحضر البصل في مكان معيّن يوم الجمعة ليرى ما يمكن عمله. وكان مصدر ذلك البصل (عكا). فلمّا كان يوم الجمعة قال في جموع المصلّين: "أيها الناس سمعت من حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مَن أكَل بصل عكا فكأنه زار مكّة". ولم تمض ساعة حتى كان الناس قد اشتروا البصل كلّه!! وكان ذلك الصحابيّ يشعر بالرضى في قرارة نفسه لكونه أنقذ رجلاً من الإفلاس!

* من كلام الشيخ الأكبر "ابن عربي"
من ذاق عَرَف، ومن عَرَف اغترف، مَن تعلَّم تكلَّم، مَن جاهد شاهد، مَن اتّقى ارتقى، مَن تعلّق تعمّق، ومَن تذوّق تحقّق، من ساح ارتاح، ومن باح ناح، من ادّعى مقام الكبار ابتلي بالاختبار.

* نحن نقرأ لكم
مقتطفات من كتاب "طوق الحمامة في الألفة والألّاف" لابن حزم الأندلسيّ.
الكلام في ماهيّة الحب: الحب -أعزّك الله- أوَّله هزل وآخره جدّ. دقّت معانيه لجلالتها عن أن توصّف، فلا تدرك حقيقتها إلّا بالمعاناة. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة؛ إذ القلوب بيد الله عزَّ وجلَّ.

علامات الحب: وللحب علامات يقفوها الفَطِن، ويهتدي إليها الذكيّ. فأوَّلها إدمان النظر... ومنها الإقبال بالحديث. فما يكاد يقبل على سوى محبوبه ولو تعمّد ذلك، وإنّ التكلّف ليستبين لمن يرمقه فيه، والإنصات لحديثه إذا حدّث... وتصديقه وإن كَذَب، وموافَقته وإنْ ظَلَم، والشهادة له وإن جَار، واتباعه كيف سَلَك وأيّ وجه من وجوه القول تناوَل.

ومنها الإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه، والتعمّد للقعود بقربه والدنوّ منه، واطّراح الأشغال الموجبة للزوال عنه، والاستهانة بكلّ خطب جليل داعٍ إلى مفارقته، والتباطؤ في الشيء عند القيام عنه ومنها بهت يقع، وروعة تبدو على المحبّ عند رؤية مَن يحبّ فجأة وطلوعه بغتة. ومنها اضطراب يبدو على المحبّ عند رؤية من يشبه محبوبه أو عند سماع اسمه فجأة.

* طرفة
قال الثعالبي: إنّ ذئباً كان ينتاب بعض القرى ويعبث فيها، فترصّده أهلها حتّى صادوه.
ثمّ تشاوروا في تعذيبه وقتْله، فقال بعضهم: تُقطع يداه ورجلاه وتُدقّ أسنانه ويُخلع لسانه، وقال بعضهم: بل يُصلب ويُرشق بالنِّبال، وقال بعضهم: لا بل تُوقد نار عظيمة ويُلقى فيها.
وقال بعض المبتَلين بنسائه: لا بل يُزوَّج! وكفى بالتزويج تعذيباً!

وفي هذه القصة يقول الشاعر:
رُبّ ذئـــب أخـــذوه
وتمارَوْا في عقابه

ثمّ قالوا زوِّجوه
وذروه فـــي عــــذابـــه(1)


(1) كتاب "اللطائف والظرائف"، الثعالبي، ص196.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع