هلال حمادة
أخي الشاب العزيز، وأنت في مقتبل العمر، حبذا لو تعلم أنّ للشيطان وسائل عديدة، وسبلاً متفرقة، وحِيلاً متنوِّعة للإيقاع بالبشر، ولهذا فالانتباه لمكائده، ومعرفة أسلوبه، يُعد الخطوة الأولى للتغلب عليه والنفاذ من حبائله. فالشيطان ماذا يريد لك؟ وكيف يصل إلى مبتغاه؟ وما هي الوسائل التي تواجهه بها؟ إنه يريد أن يُدخلك في قعر جهنم، فإذا لم تكن بهذا السوء سيعمل على إدخالك قلب جهنم، فإذا نجوت، فإنه يريد لك جهنم فقط، وإن كنت أفضل من ذلك، لا يريدك أن تدخل الجنة، فتقف ما بين الجنة والنار، ولو كانت لديك أعمال صالحة لا يريدك أن تدخل الفردوس الأعلى، قال تعالى محذراً من اتباع خطوات الشيطان، ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾(البقرة: 168).
* خطوات الشيطان في تضليل الشباب:
1 - الدعوة للكفر باللَّه وبلقائه:
يقول لك الشيطان اكفر باللَّه وبدينه وبلقائه، فإن تخلَّص منك في هذه الخطوة، بردت نار عداوته واستراح منك ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِين﴾ (الحشر: 16). غير أنني على يقين بأن هذه الخطوة لا يقدر عليها الشيطان، لأن الدين يجري في دمائك مجرى الدم.
2 - الدعوة للشرك باللَّه:
في هذه الخطوة، يقول لك أشرِك مع اللَّه غيره، واتخذ آلهة متعددة، ويمكنك أن تنجو من هذه الخطوة بشيء بسيط، وذلك من خلال المحافظة على الفرائض اليومية، وخاصة الصلوات الخمس، حيث إن الحفاظ على الصلوات يعد دليلاً على أنك تقدم رضا اللَّه تعالى على ما سواه، وكذلك الالتزام بسُنَّة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام التي تشكل دليلاً قاطعاً على أنك تطيع اللَّه ليس وفقاً لهواك الشخصي، وإنما وفقاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وآله، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (البقرة: 65) وهنا سينتقل الشيطان إلى الخطوة الثالثة.
3- الدعوة لفعل الكبائر:
يقول لك افعل الكبائر، كترك الصلاة، أو عقوق الوالدين، أو الزنا، أو شرب الخمر، أو استعمال المخدّرات، وتنجو من ذلك بأن تبتعد عن كل مكان مشبوه أو صديق سيئ يأخذ بيدك إلى هذه المنكرات، وتتوب للَّه فوراً، قال تعالى محذراً من اتباع خطوات الشيطان: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم﴾ (النور: 21).
4 - الدعوة لفعل الصغائر:
يزيِّن لك الصغائر، فيقول لك ما دُمت تركت الكبائر فأنت أفضل من آلاف من الشباب غيرك، واللَّه غفور رحيم، فلا بأس إذاً بالمعاصي الصغيرة. فيكون مرتكب الكبيرة النادم الخائف أحسن منك حالاً، لأن الإصرار على الصغيرة يحوّلها إلى كبيرة، وتنجو من هذه المكيدة بدوام الاستغفار، والإكثار من الحسنات. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (الأعراف: 201).
5 - الدعوة لإضاعة الوقت:
يعمل على إضاعة وقتك في الأمور المباحة، التي ليست حراماً، بأن يشغلك طوال النهار في حلِّ الكلمات المتقاطعة، أو الجلوس في المقاهي طوال الليل. لأن الشيطان عندما يكتشف أنك لا ترتكب المعاصي، يخاف أن تستغل وقتك في فعل الحسنات، فيقرر أن يشغلك بالمباح بدلاً من طاعة اللَّه تعالى. وتتجنَّب ذلك بمعرفة قيمة الوقت والطاعات، ولكن الشيطان لم ييأس حتى الآن، فيأخذك إلى الخطوة السادسة قال تعالى: ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُون﴾ (المائدة: 91).
6 - الدعوة للانشغال بغير المهم:
يشغلك بالأقل أهمية في الإسلام عن الأكثر أهمية، فالإسلام درجات، يقول الرسول صلى الله عليه وآله "الإيمان بضع وستون شعبة: أعلاها قول لا إله إلا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"، يأتيك الشيطان ويشغلك بإماطة الأذى عن الطريق، ويجعلها قضية حياتك القصوى عما هو أهم، وهكذا حتى تجد نفسك مشغولاً بسفاسف الأمور. يقول النبي صلى الله عليه وآله "إن اللَّه يحب معالي الأمور ولا يحب سفاسفها"، وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من اشتغل بغير المهم ضيّع الأهم"(1)، وتنجو من هذه الخطوة بمعرفة أولويَّات هذا الدين، وتقدير الأهم من المهم، وبأن تسأل العلماء، وتقرأ في كتب الدين، وعندها لا يجد الشيطان أمامه سوى الخطوة السابعة الآتية.
7 - الدعوة للسخرية من التدين:
وهي مكيدة المكائد، بأن يسلّط عليك الناس، يسخرون منك ويهزأون بك لتديّنك، وهو بذلك يفعل آخر ما في وسعه، لصدِّك عما وصلت إليه. وتنجو من هذه الخطوة الأخيرة بأن لا تخجل من تدينك، بل تفخر به، ولا تحرج من دينك، يقول اللَّه تعالى عن هذه المرحلة ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ (الأعراف: 2).
* إسأل نفسك
الآن اسأل نفسك، في أي خطوة تخلَّص منك الشيطان؟! فإذا كانت الخطوة الثالثة مثلاً فقد تخلَّص منك بسرعة، أما إذا وصلت معه إلى الخامسة أو السادسة أو السابعة، فأنت صاحب طموح وعقيدة، لذا أضع بين يديك هذا البرنامج اليومي بشكله المبسَّط، وهو يساعدك على الالتزام بممارسات وعادات يومية جيدة، ساعدت العديد من الشباب على تغيير نمط حياتهم، ومنها:
1- الاستيقاظ لصلاة الصبح: وقراءة دعاء العهد وتلاوة بعض الآيات القرآنية، ثم من الممكن أن تنام على أن تستيقظ قبل الثامنة، فتذهب إلى عملك أو مدرستك. وإن كنت في فترة إجازة حاول أن تتعلم شيئاً، فما بين الساعة الثامنة والثانية ظهراً يعتبر وقت الإنتاج في العالم، ولا بد أن تستثمره في عمل نافع، ولا تهدره في النوم أو التسلية.
2 - بعد صلاة الظهرين حاول أن تمارس أي نوع من الرياضة التي تناسبك، واحرص على قوتك ورشاقتك، وهذا ما مارسه رسول صلى الله عليه وآله في حياته الشريفة، حيث كان صلى الله عليه وآله يتسلَّق الجبال، ويشارك في المعارك، ويقطع المسافات البعيدة على قدميه مع تقدم سنه. بينما نحن اليوم تنقطع أنفاسنا من السير أمتاراً قليلة، والبعض منا أصابته التخمة التي تعيقه عن الحركة وتثقله عن العبادة.
3- لا تتردد بالذهاب إلى المسجد الذي وصفه الإمام الخميني رضوان اللَّه تعالى عليه بالخندق والمتراس. ولو مرتين في الأسبوع للمشاركة في قراءة دعائي التوسل وكميل.
4- بعد العشاء حاول أن تقوم بشيء لدينك، فالصلاة والصوم وغيرهما من العبادات هذه لك وحدك، لكنك ستُسأل أيضاً يوم القيامة عما قدَّمته لدينك الحنيف، ولنشره، ولرفع رايته، والذود عنه. وستلتقي بالصحابة والشهداء، الذين تقطَّعت أجسادهم في سبيل هذا الدين العزيز، والدعوة إليه. فأنت مثلهم، تنتمي إلى نفس الدين والأمّة، فابحث عن طريقة تقدِّم بها شيئاً للإسلام، وبالنية الخالصة، وإن شاء اللَّه ستُيسَّر لك أبواب كثيرة تخدم بها الإسلام، تتوافق مع قدراتك. ويمكنك كذلك بعد العشاء:
أ - الاجتماع بأصدقائك المؤمنين الواعين المطيعين للَّه تعالى، لزيادة معلوماتك الثقافية من خلال إجراء بعض المسابقات الثقافية.
ب- التزاور، والتواصل، وقضاء وقت طيب في المباح من مجالسة أهل بيتك.
ج - اختر كتاباً صغيراً وحاول أن تطالعه قبل النوم.
د - أخيراً أُتلُ ما تيسر لك من آيات الكتاب العزيز، فإنها خير معين.
(1) غرر الحكم.
*إرشادات عامة للمتعلمين من أجل تحقيق دراسة سليمة
من النصائح العملية التي يمكن الاستفادة منها للوصول إلى دراسة سليمة ومثمرة:
* رتب أدواتك المدرسية ووفر كل ما تحتاجه دون الحاجة إلى الاستعارة من الآخرين.
* كن واثقاً بنفسك واعتمد على نفسك أثناء الدرس.
* هيئ لنفسك ظروفاً صحية للدراسة: مكان هادئ ومريح ومرتب وأن يكون ذا إضاءة كافية.
* كي لا تكون متأخراً دائماً، ضع جدولاً للدرس وتقيّد به.
* حدد وقتاً للدرس وابدأ على أن تنتهي بأسرع ما يمكن: أنهِ درسك في الوقت المحدد له.
* تجنب أن تدرس وأنت مرهق.
* من أجل زيادة ثروتك اللغوية استعن بالمكتبة.
* تعلم أن تسرّع من قراءاتك بالتمرين والقراءة المكثفة لما يسليك ويمتعك.
* سجل الملاحظات الضرورية والهامة والتي تعتبر بمثابة مذكرات...
* اسأل مدرّسك وزملاءك داخل وخارج الصف ولا تخجل من الاعتراف بالجهل وتعلم ما هو جديد عن طريق الاستعانة بالكتب والناس والعالم من حولك (الإنترنت... الخ).
* طوّر اهتمامك خارج نطاق الدراسة من خلال ممارسة الأنشطة المختلفة التي تساعد وتعين على النجاح في الدراسة.
* تقبل الامتحانات على أنها وضعت لغرض معين وكن هادئ النفس مطمئناً عند تأديتها.