الشيخ محسن قراءتي
* التوحيد الحقيقي
كيف يصبح الإنسان صالحاً بعبارة واحدة وهي قوله: "لا إله إلا اللَّه"؟ صحيح أنه جاء في الروايات: "قولوا لا إله إلا اللَّه تفلحوا" (البحار، ج18، ص202) إلا أن المقصود من ذلك الاعتقاد بالتوحيد لا مجرد حركة اللسان. كلمة "تفلحوا" مأخوذة من "الفلاحة" والتي تعني النمو ولهذا يقال للمزارع فلاّح لأنه وسيلة نمو واخضرار الحبة. وهناك ثلاث مراحل ضرورية لنمو الحبة واخضرارها:
1- وضع جذورها وأصولها في عمق التراب.
2- توفير المواد الغذائية اللازمة لنموها.
3- عدم وجود أي مانع أمام طريق نموها.
وعلى هذا فالإنسان الذي يرغب في التوحيد الحقيقي يجب عليه أن يقوي عقائده بالأدلة المنطقية العميقة ويستفيد من الإمكانيات الموجودة كافة لتطوره ويرفع كل المعوقات التي تبعث على تزلزله. إذاً الصلاح والفلاح متوقفان على التعمق والسعي والحركة في المسير الإلهي.
*قيمة العمل
لماذا حدد الإسلام قيمة العمل و اعتبر أن قبول العمل مرهون بقصد القربة و الإخلاص؟
تعود قيمة العمل إلى النية حتى في الأعمال الدنيوية، مثال ذلك: سكين الجراح وأدواته الأخرى التي هي أدوات جناية لأنها تمزق...بينما عمل الجراح خدمة للناس. يمكن أن يكون هدف الجراح من عمله هو الحصول على الأموال و يمكن أن يكون لأجل نجاة إنسان حيث يمتلك كل واحد من هذين الهدفين قيمة خاصة. مثال آخر: لو عرضنا كوباً من الماء على ثلاثة أشخاص، الأول يرفض الشرب لأنه لا يرغب بالماء و الثاني يرفض أيضاً لأنه في حالة غضب و الثالث يرفض الشرب و يقول: قدموا الماء للشخص الرابع لأنه في حالة عطش شديد! فالأشخاص الثلاثة متساوون في عدم الشرب لكنهم مختلفون لاختلاف أهدافهم و بالتالي اختلاف قيمة كل عمل من هذه الأعمال. نشاهد باستمرار وجود خيط في الأوراق النقدية التي نحملها تبين أصالة الورقة من زيفها. و في العبادات أيضاً يجب أن يكون هناك خيط بين اللَّه تعالى و عبده و هو قصد القربة و الإخلاص؛ فلو قطع هذا الحبل لقطعت العلاقة بين اللَّه و الإنسان و أصبح عمل الإنسان غير مقبول.