السيّد سامي خضرا
شرّفنا الله عز وجل بعبادته وذكره وشكره، ومن المستحبات المؤكدة التسمية أول الطعام والحمد في آخره وهذه العادة المباركة معروفة عند سائر المسلمين في جميع أنحاء العالم حتى اعتُبرت من مختصاتهم التي يُميَّزون بها عن غيرهم. وقد يقول قائل إنها عادة مشهورة بحيث لا لزوم للتذكير بها، لكن لو التفت إلى تفاصيل ما سوف يأتي، لَحَمَد الله وشَكَره أن زاده علماً مما لا يعلم، ليبقى عليه العمل بما علم.
*أولاً: أشارت الروايات الكثيرة إلى ذكر الله تعالى في أول الطعام والحمد عند آخره.
رُوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا وُضِعت المائدةُ فقل: بسم الله، فإذا أكلتَ فقل: الحمد لله..." (وسائل الشيعة: ج16، ص584 ح2) وجاء في شرحه عليه السلام حدَّ الأدب على المائدة قولُه: "حدُّه إذا وُضع قيل: بسم الله، وإذا رُفع قيل: الحمد لله، ويأكل كلُّ إنسان مما بين يديه، ولا يتناول مما قُدّام آخرَ شيئاً". ( وسائل الشيعة: ج16، ص585 ح3 ) وعن الصادق عليه السلام أنه قال: "إذا وضع الغداء والعشاء فقل: بسم الله، فإن الشيطان يقول لأصحابه: اخرجوا فليس ههنا عِشاء ولا مبيت، وإذا نسي أن يُسَمِّيَ، قال لأصحابه: تعالوا فإنَّ لكم ههنا عِشاءاً ومبيتاً". (وسائل الشيعة: ج16 ص581ح2)
* ثانياً: تستحب التسمية على الأول والآخر خوفاً من أن ينسى التسمية، كما أنه إذا سمَّى واحدٌ من الجماعة أجزأ عن الجميع.
رُوي عن مولانا الصادق عليه السلاك لِمَنْ قال له: فإن نسيت أن أُسمي؟ قال عليه السلام: تقول: بسم الله على أوله وآخره. (وسائل الشيعة ج16، ص587ح1) وعنه عليه السلام "إذا حضرت المائدة، فسمَّى رجلٌ منهم، أجزأ عنهم أجمعين" (وسائل الشيعة: ج16، ص587ح2)
* ثالثاً: إشتهاء الطعام والإقبال عليه برغبة نعمة إلهية بحد ذاتها ينبغي الشكر عليها، ولا يدركُ أهميةَ ذلك إلا مَنْ فقدوا شهيةَ الطعام.
ويُروى أن زرارة كان قد تشرَّف بالجلوس إلى مائدة الصادق عليه السلام، وأكل من طعامه، واعترف بعجزه عن إحصاء عدد المرات التي ردَّد فيها الإمام عليه السلام الجملة الآتية: "الحمد لله الذي جعلني أشتهيه". (وسائل الشيعة: ج16ص589ح6) ولذا نرى بعض الأهل يلجأون هذه الأيام إلى الأطباء ليستعينوا بأدوية لفتح الشهية. فالحمد لله على شهية الطعام، ضمن آداب الإسلام.
* رابعاً: ويستحب مؤكداً أكل العتيق من الطعام قبل الجديد ولعل السر في ذلك أن لا يتلف فيُرمى، أو للمحافظة على النعمة...
وكان النبي صلى الله عليه وآله يأكلُ الطَلْعَ (وهو نوع من النخل) ويأكلُ الجُمَّارَ (وهو شحم النخل)... ويقول: إنَّ إبليس لعنه الله يشتد غضبُه ويقول: عاش ابنُ آدم حتى أكل العتيق. (وسائل الشيعة: ج 16،ص591ح1 بتصرف)
* خامساً: يستحبُ للإنسان أن يُسميَ على كل إناء أو على كل لون وصنفٍ من ألوان وأصنافِ الطعام.
كما يُستحب له ذلك إذا قام عن الطعام ثم عاد إليه... كما يحدث هذا كثيراً. فلله الحمد أولاً وآخراً، والحمد لله الذي رزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلاً.