إيفا علوية ناصر الدين
كم كانت سعيدة "أجمل الأمهات" وهي تتلقف مولودها بلهفة مَنْ خشعت كل جوارحه، فأرخت دموع الفرح في عينيها لرؤية ملامح وجهه الوديع، وأرهفت مسامعها لصوت بكائه الرنَّان، وحرّكت أناملها لملامسة نعومة أطرافه، وأطلقت كلتا يديها لاحتضانه بقوة إلى حرارة قلبها المتأججة.
كم كانت رقيقة "أجمل الأمهات" وهي ترافق طفلها الصغير في جميع لحظاته ومراحله: يبكي، يبتسم، يضحك، يجلس، يحبو، يقف، يقع، يمشي، يحكي، ويعبِّر...
كم كانت حنونة "أجمل الأمهات" وهي تشدُّ على يد ابنها في طريقه إلى اليوم المدرسي الأول لتزرع في نفسه روح الإنطلاق في ميادين الحياة.
كم كانت رائعة "أجمل الأمهات" وهي تفتح عينيها على ولدها يصير شاباً فتعاهد ربها على الأخذ بيده إلى دروب الحقيقة والمضي معه إلى بر النجاة.
كم كانت عظيمة "أجمل الأمهات" وهي تنصت لثمرة فؤادها يهمس لها بسره ويفيض بما يختزن في أعماقه عن عشقه لطريق الجهاد واختياره لدرب المقاومة سبيلاً أسرع إلى رضوان اللَّه تعالى.
كم كانت كبيرة "أجمل الأمهات" وهي تستقبل فلذة كبدها مجاهداً تمسح عن وجهه غبار المعارك ثم توضّب له حقيبة الإنطلاق، وتجهِّزه بالعدّة والعتاد، وتزوِّده بدعائها له بالنصر والعزة.
كم كانت جميلة "أجمل الأمهات" وهي تتلقَّف بطلها شهيداً فتجثو عند جثمانه، تطبع على جبينه قبلة الرضى رافعة بكلتا يديها إلى السماء وهي تقول: "اللهم تقبل مني هذا القربان".