مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام‏: لبيك يا رسول الله‏

الشيخ يوسف سرور

 



قبل سبعة عشر عاماً قام رجل بريطاني من أصل هندي اسمه سلمان رشدي بنشر كتاب يتحدث عن بعض التفاصيل في حياة النبي محمد صلى الله عليه وآله، وبعضها يخص حياته الشخصية، ويتحدث أيضاً عن بعض نسائه بشي‏ء من الإهانة والسخرية. ثارت ثائرة المجتمعات الإسلامية، واختلفت ردود الفعل بين متحدث عن فكر، ووجوب الرد عليه بفكر مضاد، وبين متحدث عن ترّهات وتفاهات لا ينبغي إعارتها أي اهتمام؛ وبينهما ردود تميل إلى هذا الجانب تارة، وإلى الجانب الآخر طوراً آخر.

في تلك الفترة وقف مؤسس الجمهورية الإسلامية وولي أمر المسلمين ليعلن موقفه من المسألة، وليعتبر أن مقدسات المسلمين تتعرض لمؤامرة تقف خلفها القوى الكبرى المعادية للمسلمين، وأن واجهة هذه المؤامرة هو شخص مرتد اسمه سلمان رشدي؛ فقطعاً لدابر المؤامرة، وحسماً للسجال الدائر بين المسلمين، ينبغي تلقين هذه القوى الكبرى درساً عظيماً في الدفاع عن المقدسات وأنه ليس هناك من مجال للتطاول على مقدساتنا تحت أي شعار وخلف أية ذريعة، وينبغي أن يعلم كل من تسوّل له نفسه أن يمس مقدساتنا أنه لا أمان له في هذا العالم، لذلك إن سلمان رشدي مرتد دمه مهدور ويجب قتله، وإن كل من يقتل في سبيل تنفيذ هذه الفتوى فهو شهيد في سبيل اللّه. كشفت هذه الفتوى غبار المعركة، وأماطت اللثام عن وجه المؤامرة سريعاً، إذ وقفت القوى الكبرى لا سيما أمريكا والدول الغربية خلف سلمان رشدي معلنة دعمه وحمايته. لكن سلمان رشدي ما زال إلى اليوم يعيش في زنازين الحماية ودهاليز الأمن الغربية خوفاً من أن تطاله يد كيدِ مصطفى مازح(#) تطيح بما تبقى من حياته الذليلة. واليوم ومن دون مناسبة، وبدون أية مقدمات تقدم صحيفة دانماركية على نشر رسوم تصوّر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بصور مهينة ومسيئة لشخصيته العظيمة. كل هذا تحت راية من حرية الرأي والتعبير، وتتبعها في ذلك صحيفة نروجية.

وعندما تثور حفيظة المسلمين غضباً لنبيهم، وسخطاً على التطاول على شخصيته المقدسة، تقدم مجموعة من الصحف في فرنسا، النمسا، سويسرا، وغيرها على نشر نفس الرسوم. أكثر من ذلك فإن الصحيفة الفرنسية تقوم بنشر بيان مرفق بالرسوم، تقول فيه: إنها لن تعتذر من المسلمين، وإنها مصرّة على نشر الرسوم، رغم شعور "مجموعات من الناس" في مناطق من العالم بالمرارة والإهانة، فهذا شأنهم، وأنها أي الصحيفة تقوم بما ترى أنها مقتنعة به. ثارت ثائرة المسلمين، عم الغضب بلاد المسلمين، انتشرت الجماهير في الشوارع منددة، غاضبة، محطمة بعض المنشآت المتعلقة بالدانمارك في بلادها، محرقة أعلامها، داعية إلى مقاطعة بضائعها. تحركت أوروبا محاولة التقليل من أهمية ما حدث، معتبرة أنه يجب الفصل بين حرية التعبير، وبين الإساءة للنبي صلى الله عليه وآله، مؤكدة أن ذلك يقع تحت عنوان الرأي. هنا وقف ولي أمر المسلمين سماحة الإمام السيد علي الخامنئي، ليعلن أن الذي يحصل هو مؤامرة صهيونية للإيقاع بين المسلمين وبين المسيحيين، وأن ما تقوم به هذه الصحيفة ما هو إلا فعل صهيوني، وأن هذه المؤامرة يجب مواجهتها، ويجب أن يعيها العالم المسيحي، وأن ما قام المسلمون به من ردات فعل هو محقّ تماماً.

هنا، انجلى غبار الفوضى، وانقشعت الحقيقة بارزة، إذ لم يمض يومان فقط على هذا الموقف الواضح مع ما يعنيه من دلالات حتى خرج الرئيس الأميركي ليعلن عن تضامنه مع الدانمارك في وجه ما تتعرض له من هجوم. وليتضح بذلك أن الأمر لم يكن هواية رسام أراد رسوماً لكتاب فتبنّته الصحيفة، إنما هو فعل هجومي يرمي إلى إسقاط حرمة مقدسات المسلمين، عن سابق الإصرار والتصميم. ماذا يفعل المسلمون إزاء انتهاك قدس أقداس المسلمين؟ لقد جاهد نبي الإسلام صلى الله عليه وآله، وتحمل الأذى والإهانة ليوصل الإسلام أصيلاً صافياً نقياً، وليخرج الناس من الظلمات إلى النور. وتحمّل معه المسلمون الظلم والمهانة، حوصر في بقعة أرض لا تتعدى بضع مئات من الأمتار المربعة ثلاث سنوات كاملة، في زمن أكلوا فيه العشب، وتحملوا الجوع والفقر والعزل والخوف.

اليوم، يمتد المسلمون على مساحة الكرة الأرضية، يزيدون على المليار يتمتعون بالإمكانات الهائلة التي تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم، وإعادة النظر في كل معاملاتهم التجارية والاستثمارية بشكل يمكنهم من حفظ استقلالهم وسيادتهم، وصون مقدساتهم وحرماتهم، وتحقيق كفايتهم في مختلف احتياجاتهم. رسول اللّه يستصرخ المسلمين! فهل من مجيب؟!

(#) استشهد وهو يحاول تنفيذ فتوى الإمام الخميني في إعدام سلمان رشدي.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع