مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مشاركات القرّاء: الكذب عند الأطفال: أسبابه وعلاجه‏

هلا ضاهر

 


من المعروف أن الإنسان عندما يولد فإنه يكون كالصفحة البيضاء وكالأرض الخالية وهو يملك الإستعداد لتلقي المعارف التي تكوّن شخصيته وسلوكه، فالصدق مثلاً هو فطرة مودعة لدى الأطفال، أما الكذب فهو الخُلق الدخيل على هذه الفطرة، ومن واجبات الأهل تنمية هذه الفطرة. وقد قدّم الإسلام النصائح للآباء والأمهات بأن يعتنوا بتربية الأولاد منذ الصغر، لقدرة الطفل على تخزين المعلومات التي يستمع إليها أو يراها والتي تظهر حينما يكبر في سلوكه وأقواله، فالطفل يتأثر تأثراً كبيراً بأساليب العيش المحيطة به.

* أسباب الكذب:
الكثير من الأطفال يكذبون في مرحلة النمو التي يمرّون بها ويتساءل الآباء والأمهات عن السبب في ميل الأطفال إلى الكذب وعدم ذكر الحقيقة! قد يكذب الطفل رغبة في جذب انتباه الآخر إليه وذلك عن طريق المبالغة في ذكر أمر حصل معه بهدف التباهي وجذب الأنظار، وقد يختلط عليه الأمر فلا يستطيع أن يميز بين الحقيقة والخيال، أي بين ما حدث بالفعل وما تخيله هو. والقصص الخيالية والمغامرات التي يسمعها الطفل تلعب دوراً مهمّاً في تنمية خياله لدرجة أنه يعتقد بأنّه حصل فعلاً. وهناك بعض الأطفال الذين يميلون إلى الكذب على سبيل المزاح واللعب والكذب الأبيض، ومن دوافع الكذب أيضاً الخوف من العقاب، أما أهم أسباب تأصل الكذب في نفس الطفل واعتياده عليه كذب الأهل معه كأن يعداه ولا يفيان بوعدهما، عن الرسول صلى الله عليه وآله: "إذا واعد أحدكم صبيّه فلينجز"(1)، ومع غيره كأن يقول الأب لابنه وهو في المنزل إذا أتاه زائر: "قل للسائل: غير موجود"، عن الإمام الخميني قدس سره: "من أحضانكنّ أيتها النساء يجب أن تكون الانطلاقة، في أحضانكن يجب أن يتربى الأطفال تربية إسلامية صحيحة، لأن الطفل ينشأ في أحضانكنّ، ويبقى ملازماً لكنّ، ونظره وسمعه مشدود إليكنّ، فإن سمع أمه تكذب قد يصبح كذّاباً، أما إذا رأى الأم إنساناً سوياً، والأب رجلاً صالحاً فسيكون رجلاً صالحاً"(2). بعض الأهل يعتقد أن صغر سن الأولاد مبرر لعدم قول الحقيقة لهم وهو مفهوم خاطى‏ء. لأن الدور النموذجي للأهل هو صدقهم مع الأولاد.

* علاج الكذب:
يعتبر الكذب من النزعات الخطيرة لدى الأطفال التي ينتج عنها الكثير من المشكلات الإجتماعية، فضلاً عن فقدان الثقة بالطفل وعدم احترام الآخرين له، وكذلك يؤدي إلى نشأته السلوكية الخاطئة، مما يؤدي إلى فقدان صفة الأمانة والصدق.

فلعلاج هذه المشكلة:
يجب أن يقتنع الطفل بفكرة أن حبل الكذب قصير ولا بد أن يفتضح الكاذب، فالكذب ينجي في اللحظة الآنية، لكن النجاة الحقيقية في قول الصدق. ويجب على الأهل العمل بقدر المستطاع على إشباع حاجات الطفل وتوجيه سلوكه نحو الإيمان بقول الحق، مما يجعله في دائرة السعادة والاطمئنان وعدم القلق من افتضاح أمره، مما يؤدي إلى فقدان ثقة الآخرين به إذا استمر بالكذب. أما علاج الطفل الذي يميل إلى سرد القصص الخيالية وغير الواقعية، فيمكن إقناعه بأن قصته طريفة لكنها غير حقيقية ومن المهم إشباع خياله بقصص ذات مغزى. وعندما يلجأ الطفل إلى الكذب خوفاً من العقاب يأتي دور الأهل في العلاج السليم عبر زرع الثقة في نفسه وتعويده على قول الصدق، ومكافأته حين يقول الحقيقة وإظهار الاحترام له، وإظهار الإهتمام بالاستماع له وليس معاقبته أو إهانته، فبدل نعته بالكاذب يمكن سؤاله: "أخبرني كيف كان الأمر؟". ومن ضمن مسؤولية الأهل بل ودورهم الأساسي أن يعتمدوا طريق التطبيق العملي الموضوعي بعدم كذبهم أمامه، عن الإمام الصادق عليه السلام أنه عندما نزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ... (التحريم:6). جلس رجل من المؤمنين يبكي وقال: "أنا عجزت عن نفسي وكلّفت أهلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "وحسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك". وهكذا يدأب القرآن الكريم على تثبيت مسؤولية قيادية تربوية داخل الأسرة تتمثل بالأهل ليمارس كل واحد منهم دوره اتجاه أبنائه كما يشعر بالمسؤولية اتجاه نفسه. إن ظروف الأسرة وطريقة العيش فيها تنعكس على وضع الأفراد النفسي والسلوكي، فالطفل يكتسب ويتعلم العادات والتقاليد والأفكار من والديه عن طريق التأثر والاستفادة غير الواعية لديه، فكلما كان الجو العائلي جواً سليماً وصحيحاً كانت شخصيته سليمة من حيث الفكر والسلوك والبنية النفسية. فالأهل بالنسبة للولد يمثلون القدوة الحسنة والمثال الطيب، فهو يراقبهم ويقوم بتقليد أعمالهم.


(1) مستدرك الوسائل، ج‏15، ص‏170.
(2) مكانة المرأة، ص‏175.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع