*النظرة الشمولية
لا يختص الإسلام بطائفة خاصة؛ بل جاء الإسلام للبشرية، وليس للمسلمين وليس لإيران. بُعث الأنبياء للناس، وبعث رسول الإسلام للناس، وكان الخطاب ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ...﴾﴿21﴾ (البقرة). ونحن انتفضنا من أجل الإسلام؛ فالجمهورية جمهورية إسلامية. ولا يمكن للانتفاضة من أجل الإسلام أن تنحصر في دولة، ولا حتى في الدول الإسلامية؛ فالانتفاضة من أجل الإسلام هي استمرار لانتفاضة الأنبياء، ولم تكن انتفاضة الأنبياء محدودة بمكان معين؛ فالرسول الأكرم كان حجازياً، لكن دعوته لم تنحصر بالحجاز؛ بل إنها دعوة عالمية.
*النظرة العالمية
لا يختص الإسلام بدولة معينة تكون دولته مثل إيران أو العراق أو غير ذلك، بل إنه ينظر إلى كل العالم، أي إن هدف الإسلام هو بناء البشر، بناء جميع الناس، ولا يرتبط بقوم بصلة قرابة لا بالشرق ولا بالغرب ولا بالشمال ولا بالجنوب، إنه دين إلهي، مثلما أن الله تبارك وتعالى هو إله الجميع، ليس إلهاً للشرقيين والمسلمين فقط، أو للغربيين أو المسيحيين أو اليهود، ليس الأمر كذلك؛ إنه إله الجميع ورازق الجميع وخالق الجميع. وكذا الإسلام فإنه دين الجميع، أي إنه جاء لبناء البشر وفق الصورة التي يريدها، وفق صورة عادلة، بحيث لا يعتدي إنسان على آخر بمقدار رأس إبرة، فلا يعتدي أحد على ولده، ولا يعتدي على زوجته، ولا تعتدي المرأة على زوجها، ولا يعتدي الأخ على أخيه، ولا يعتدي هذان على أصدقائهما…يريد إنساناً عادلاً…إنساناً بكامل المعنى، له عقل إنسان ونفسية إنسان، وظاهر إنساني، ومؤدب بالآداب الإنسانية، إنه يريد تحقيق هذا الأمر.
*الإسلام للجميع
لا اعتبار في الإسلام للقومية ولا للجماعات ولا للعصابة ولا للغة وغير ذلك؛ فالإسلام للجميع ومن أجل منفعة الجميع، ونحن معكم أخوة بحكم القرآن وبحكم الإسلام وغير منفصلين، نحن أخوة مع الأكراد والأتراك والبلوش والآخرين، ولا بد من العيش المشترك.
*إلغاء العصبية والقومية
ينظر الإسلام بعين الأخوة إلى جميع الذين آمنوا بالله، ولا يميز العربي على الأعجمي، أو الإيراني على غيره، فهذه النظرة الموجودة عند الناس الماديين والتي يقولون وفقها إننا إيرانيون ويجب أن نعمل لإيران، أو إننا عراقيون ويجب العمل للعراق، غير موجودة في الإسلام. ويريد الإسلام أن يكون العالم كله أسرة واحدة، وأن تحكمه حكومة واحدة وهي حكومة العدل، وأن يكون جميع الناس أفراداً لتلك الأسرة. لقد قلنا تكراراً إن هذا الفصل بين الشعب الإيراني مثلاً والشعب العراقي، وأن يكون لكل شعب منهم عصبية وقومية لا يرتبط بالإسلام أبداً.. إن هذا العمل ليس من الإسلام، بل ويعارضه؛ فالإسلام لا يجعل الوطن -رغم احترامه له باعتباره محلاً للولادة- لا يجعله في مقابل الإسلام؛ فالأصل هو الإسلام.
*الإسلام لجميع الطبقات
الإسلام للجميع، لقد ظهر الإسلام من بين الجماهير، ويعمل لها، ولم يظهر الإسلام من بين الطبقة الغنية. كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله من هذه الطبقة الفقيرة، ونهض من بين نفس هؤلاء الناس وانتفض. وكان أصحابه رضي الله عنه من هذه الطبقة الفقيرة أيضاً، ومن هذه الطبقة الثالثة. وكانت تلك الطبقة الثرية معارضة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله. إن الرسول ظهر من بين هذه الجماهير، وانتفض من أجل هذه الجماهير وعامة الناس، وجاء بالأحكام لصالحهم ﴿...إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ...﴾﴿13﴾ (الحجرات).
إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى الطبقات؛ فهذا من طبقة ثرية، وهذا رئيس وزراء، وهذا وزير، وهذا قائد وإلخ...؛ فالباري جل وعلا لا يهتم بهذا أصلاً، وإن التقوى هي المعيار في الإسلام، فمن كانت تقواه أكثر كانت كرامته أكثر. إن الموظف الذي يتحلى بالتقوى في وظيفته، ورئيس الوزراء الذي يتحلى بالتقوى في عمله، وله تقوى سياسية، والوزراء المتقون في عملهم، والمراقبون لله، ورئيس الجمهورية المتقي تقوى إلهية… إن هؤلاء ذوو كرامة. ولو كانوا عديمي التقوى -لا سمح الله- فإنهم سيكونون جميعاً ساقطين من نظر الله. وعندما تحكم التقوى الشعب فسيكون عزيزاً وكريماً وأكرم عند الله ﴿...إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ..﴾، ولا يوجد استثناء في هذه الآية المباركة. ولأن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كان أتقى الناس، كان أكرم الناس. ولأن الإمام علياً عليه السلام من بعد الرسول صلى الله عليه وآله كان أتقى الناس؛ لذا كان أكرم الناس. فالأنساب ليست المعيار أبداً، والتقوى هي الأساس.