مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب بقيّة الله: اليماني أهدى الرايات

الشيخ نعيم قاسم

 



رايةُ اليماني رايةُ حق، تهتدي بالإمام المهدي عجل الله فرجه، وتظهر في الفترة السابقة لظهور الحجة أرواحنا لتراب مقدمه الفداء. وقد كثُرت الروايات التي تتحدث عن هذه الراية كواحدة أساسية من رايات تظهر، بعضها رايات هدى، والبعض الآخر رايات ضلال. فمن رايات الهدى اليماني والخراساني، ومن رايات الضلال السفياني، وهي واحدة من العلامات الخمس التي ورد ذكرها مجتمعة، فعن أبي عبد الله عليه السلام: "للقائم خمس علامات: السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء"(1).

وصفت الروايات راية اليماني بأنها الأهدى، وبرَّرت ذلك بدعوتها إلى الحق، فعن أبي عبد الله عليه السلام:"خروج الثلاثة السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني، لأنَّه يدعو إلى الحق"(2). يُستفاد من الخروج انطلاقة القتال وليس الظهور، حيث لم تذكر العلامات المباشرة راية الخراساني، فهي ظاهرة باستعدادها وموقعيتها في المجتمع قبل الظهور بقليل، لكنَّ الخروج للقتال يحصل في زمن الظهور انطلاقاً من إيران إلى العراق لقتال جيش السفياني، الذي يخرج من الشام باتجاه العراق فيهزمه الخراساني، وفي الوقت نفسه يتحرك اليماني إلى هذه المنطقة لنصرة الإمام المهدي عجل الله فرجه ومواجهة السفياني. لكن لا نعلم المعنى المقصود من أن راية اليماني هي الأهدى، فقد تكون الأهدى بمعنى الأكثر إرشاداً ودلالة على ظهور الحجة عجل الله فرجه، لأنها مباشرة له وتسير معه، وقد تكون الأهدى لأنها من لحظة بروزها تتحرك بأمر الإمام مباشرة، وقد يكون المعنى غير ما ذكرنا. ولا يطعن هذا التوصيف برايات الإمام الأخرى لأنها تدعو إلى الحق أيضاً، ولا ينفعنا التوسع في التحليل، فما يهمنا أنَّها راية حق وهدى تلتحق بركب الإمام عجل الله فرجه. بما أن راية اليماني من العلامات المباشرة، فالأحداث تتداعى معها بسرعة فائقة، فعن الإمام الباقر عليه السلام: "خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كل وجه، ويلٌ لمن ناواهم، وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنَّه يدعو إلى صاحبكم. فإذا خرج اليماني، حرُم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنَّه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم"(3).

إنَّها راية هدى لأنَّها تدعو إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه، ومعها تتتالى الأحداث كنظام الخرز، ويحرم بيع السلاح إذ يجب الاحتفاظ به من أجل تجهيز جيش اليماني للقتال ضد السفياني، وتُعتبر مواكبة رايته تعبيراً عن الالتزام بنهج الإمام عجل الله فرجه، وأي انحراف عنه هو انحراف عن الإسلام، يودي بصاحبه إلى النار. فاليماني يدعو إلى الحق، وإلى طريق مستقيم، وإلى الإمام المهدي عجل الله فرجه، وهي عناوين متلازمة لمهمة نشر العدل الإسلامي في هذه المنطقة الحساسة من العالم، فضلاً عن نشره على امتداد الأرض، "ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً". أما كيف تظهر هذه الراية؟ وما هي المقدمات التي تؤشر على ظهورها؟ ومن هو القائد اليماني الذي يحمل هذه الصفات؟ فالمعطيات غائمة بالنسبة إلينا، ولا نعرف إلاَّ العناوين العامة الإجمالية. وليس غريباً عمن عاصر أحداث الربع الأخير من القرن العشرين ومطلع هذا القرن، أن يفهم معنى سرعة الأحداث، والمفاجآت التي تحملها، والتطورات الجذرية والانقلابية التي حصلت في المنطقة وفي العالم. ولعلَّ الشدة والبأس عند أهل اليمن، وقربهم من مسرح الأحداث وخاصة تلك التي تحصل في مكة والمدينة وما بينهما، ووجود المخزون الإيماني عندهم...من الأسباب التي تجعل ظهور راية اليماني بينهم سريعة التأثير والتفاعل، وفي رواية عن عباد بن محمد المدايني، أنه دخل على أبي عبد الله بالمدينة وسأله: متى يكون خروجه جعلني الله فداك؟ فأجابه: إذا شاء من له الخلقُ والأمر. فقال: فله علامة قبل ذلك؟ قال عليه السلام: علامات شتى. فقال: مثل ماذا؟ فذكر الإمام عدة علامات منها: "وخروج رجل من ولد عمي زيد باليمن"(4). نسأل الله تعالى تعجيل الفرج، والعلم عنده جلَّ وعلا أولاً وأخيراً فيما يمكن أن يحدث، ونحن نتعبد بإجمال العلامات والمعطيات، أما التفاصيل فتأتي تباعاً، وعلينا انتظار الفرج.


1- النعماني؛ كتاب الغيبة؛ ص: 252.
2- الشيخ المفيد؛ الإرشاد؛ ج: 2؛ ص: 375.
3- النعماني؛ كتاب الغيبة؛ ص: 255.
4- العلامة المجلسي؛ بحار الأنوار؛ ج: 83؛ ص:62.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع