مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

صفات الشيعة بلسان إمامهم عليه السلام

الشيخ حسين زين الدين

 



لطالما كان الأتباع لأي مذهب أو دين أو فرقة مظهراً للمضمون الثقافي والأخلاقي و...إلخ؛ لما ينتمون إليه، وكذلك كانت نوعية أتباع الأنبياء أحد الشواهد على صدق النبوات، فكما كان النقباء لموسى عليه السلام والحواريون لعيسى عليه السلام كان الأوصياء المعصومون عليهم السلام لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله، والله أعلم حيث يجعل رسالته. فالأشياع-إذاً- هم المصدِّقون والمتبعون والمنتمون فعلاً إلى تعاليم رسالةٍ ما أو ثقافةٍ ما. فالتشيع هو موالاة اختيارية واعية لا انتساب عائلي تتحكم به صلة القربى والرحم. وقد ألّف شيخ المحدثين الصدوق قدس سره كتاباً ضمّنه صفات الشيعة كما وردت في المصادر الحديثية عن أهل بيت العصمة عليهم السلام؛ ويظهر من مجموع تلك الصفات أن الشيعي الحقيقي هو من اتصف بصفات الإيمان والولاية والتقوى والورع و...الخ، وبعبارة مختصرة هو الأكثر تعبيراً وتمثيلاً للأئمة المعصومين عليهم السلام و سيدهم رسول الله صلى الله عليه وآله! فكلما اقتربت صفات الإنسان من هؤلاء كلما كان شيعياً أكثر.

ونحن في هذه السطور نورد باقة من الروايات التي فاح أريجها من الثغر الطاهر لشيخ الأئمة عليهم السلام الإمام جعفر الصادق عليه السلام علّها تقضي شيئاً من الدين وتؤدي بعضاً من الحق، وعسى أن تكون لنا وصلة ولاءٍ له، وبالتالي لدين الله الحنيف وصاحبه المصطفى صلى الله عليه وآله القائل في معنى حب الأئمة عليهم السلام: "من رزقه الله حب الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة فلا يشكّنّ أحد أنه في الجنة، فإن في حب أهل بيتي عليهم السلام عشرين خصلة، عشرٌ منها في الدنيا وعشر في الآخرة. أما التي في الدنيا: فالزهد، والحرص على العمل، والورع في الدين، والرغبة في العبادة، والتوبة قبل الموت، والنشاط في قيام الليل، واليأس مما في أيدي الناس، والحفظ لأمر الله ونهيه عزّ وجلّ، والتاسعة بغض الدنيا و العاشرة السخاء. وأما التي في الآخرة: فلا ينشر له ديوان، ولا ينصب له ميزان، ويعطى كتابه بيمينه، ويكتب له براءة من النار ويبيّض وجهه، ويكسى من حلل الجنة، ويشفع في مائةٍ من أهل بيته، وينظر الله عزّ وجلّ إليه بالرحمة، ويتوّج من ريحان الجنة، والعاشرة : يدخل الجنة بغير حساب، فطوبى لمحبي أهل بيتي".

في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أراد أن يعلم حبّنا فليمتحن قلبه فإن شارك في حبنا حبّ عدوّنا فليس منا ولسنا منه..."(1). إذاً، أصل كل مراتب الولاية حبّ المولى، وبعد ذلك يأتي العمل لنيل مراتب التشيع الحقيقي. فقد ورد عنه عليه السلام: "إنكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع، والاجتهاد، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وحسن الجوار، وحسن الخلق، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، وأعينونا بطول السجود، ولو أن قاتل علي عليه السلام أئتمنني على أمانة لأديتها إليه"(2). هذه الرواية الشريفة والجامعة تكشف عن حقيقة معنى الإتباع والولاية فهي أمرٌ يُنال أي يُسعى إليه وقد حدد الإمام عليه السلام شروط ذلك بالصفات التي تجعل من الإنسان إنساناً جامعاً لملكات الأخلاق الفاضلة حيث يقف الموالي على قمة الصفات في علاقته مع الآخرين فهو أكملهم. أما في شأن علاقة الموالين بربهم وصفة أرواحهم التي يسكنها الخوف من العقاب وتجللها التقوى فيقول عليه السلام: "شيعتنا: الشاحبون، الذابلون، الناحلون، الذين إذا جنهم الليل استقبلوه بحزن."(3).

* أولياء الله:
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من عرف الله وعظمه، منع فاه عن الكلام، وبطنه من الطعام، وعنى نفسه بالصيام والقيام، قالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، هؤلاء أولياء الله؟، قال: إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكراً، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تقر أرواحهم في أجسادهم خوفاً من العقاب، وشوقاً إلى الثواب(4).

* خير العباد:
عن أبي بصير قال: قال الصادق عليه السلام: شيعتنا أهل الورع والاجتهاد، وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة ، وأصحاب الإحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكون أموالهم، ويحجون البيت، ويجتنبون كل محرم(5).

* حماة أهل الأرض:
عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: إن الله عزّ وجلّ إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب يقول: لولا الذين يتحابون في، ويعمّرون مساجدي بالأسحار لولاهم لأنزلت عليهم عذابي(6).

* أورع الناس:
ليس من شيعتنا من يكون في مصر يكون فيه مئة ألف ويكون في المصر أورع منه(7).

* حسن الإتباع:
قال أبو عبد الله عليه السلام: ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا أولئك شيعتنا. ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة الليل(8).

*شيعة علي شيعة لجعفر عليهما السلام:
عن مفضل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إياك والسفلة، فإنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر(9). عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن شيعة علي عليه السلام كانوا خمص البطون، ذبل الشفاه، أهل رأفة وعلم وحلم، يعرفون بالرهبانية، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد(10). ونختم بذكر الحديث الجامع للإمام علي عليه السلام الذي رواه الإمام الصادق عليه السلام، حول صفات المؤمن عسى الله أن يرحمنا بما علّمنا ويرتضينا شيعة لأئمة الحق إنه سميع مجيب.

* مجمع المحامد:
عن أبي عبد اله عليه السلام قال: المؤمن له قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبر في استقامة، وعلم في حلم، وكيس في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غنى، وتحمل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة لله في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب ولا يتكبر، ولا يقطع الرحم، وليس بواهن ولا فظ ولا غليظ ولا يسبقه بصره، ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه، ولا يحسد الناس ولا يعير ولا يسرف، ينصر المظلوم ويرحم المسكين، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، لا يرغب في عز الدنيا ولا يجزع من ذلها،للناس همّ قد أقبلوا عليه، وله همّ قد شغله، لا يرى في حلمه نقص ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده، ويكيع عن الخنا و الجهل(11).


1- بحار الأنوار؛مج: 27؛ ص: 51؛ ح: 1.
2-بشارة المصطفى؛ ص: 260.
3-وسائل الشيعة؛ج: 1؛ ص: 86.
4- وسائل الشيعة؛ج: 1؛ ص: 86.
5-وسائل الشيعة؛ ج: 4؛ ص: 57.
6- وسائل الشيعة؛ ج: 16؛ ص: 181.
7- وسائل الشيعة؛ ج: 11؛ ص: 196.
8- ن.م.
9- أصول الكافي؛ ج: 2؛ ص: 233؛ ح:9.
10- ن.م؛ ص: 87؛ ح: 205.
11- وسائل الشيعة؛ ج: 15؛ ص: 187.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع