مقابلة مع سماحة الشيخ شفيق جرادي
حوار: ايفا عصام شعيتو
بعد كل هذه السنين على رحيله لا زال الإمام الخميني قدس سره حياً، في خليفته سماحة الإمام الخامنئي دام ظله، وفي كل روح من أرواحنا، لا زال الإمام باسطاً كلَّه على جميع قلوبنا... لقد ركض الكثيرون وراء فلسفات ونظريات غريبة لها أسماء شتى وحتى رياضات روحية باطلة. ولكننا ركضنا إلى حصن حصين وإلى كهف كان يتلألأ في شخص الإمام الذي يتيقن الناظر إليه أنه مركزٌ في الطمأنينة والسكون والنور التام. هو ذاته الإمام الذي صرخ قائلاً "قل للشيخ الذي يدّعي بطلان طريقنا... إن باطلنا يسخر مما يسميه هو حقاً" فما هو هذا العرفان الذي اختبأ وسطع بشدة في حنايا ذلك العظيم؟ أفلا يستأهل إلقاءة ضوء على معانيه؟ أفلا يستأهل وهو الذي كان كعصا موسى التي التهمت كل أفاعي الباطل من طرق خاطئة ورياضات باطلة؟ كيف لا، وهو الحق الذي أزهق الشرك، وهو الحياة التي أعطتنا الحياة، كل الحياة. لتسليط الضوء على العرفان عند الإمام الخميني قدس سره كان لنا هذا اللقاء مع مدير معهد المعارف الحكمية سماحة الشيخ شفيق جرادي.
* إذا أردنا إعطاء تعريف ونظرة مقتضبة عن عرفان الإمام الخميني لإنسان لا يعرف عنه شيئاً ماذا نقول؟
لتعريف العرفان يمكن القول أنه قد مرّ بمرحلتين رئيسيتين:
المرحلة الأولى: وكان فيها العرفان هو حالة العلاقة مع اللّه تعالى والعمل الحثيث لمعرفته من دون البحث عن التنظير لهذه الحالة التي يعيشها العارف. في هذه المرحلة كان العارف يطلق جملة من الأقوال هي أشبه بالحِكم: نظرته للوجود، نظرته للحياة وللمشاكل التي تمرّ في حياة الإنسان، نظرته للباري كأصل لهذا الوجود.
المرحلة الثانية: بدأت فيها مسألة التنظير للعرفان واكتملت صورتها عند محيي الدين بن عربي. ولكن في المرحلتين كان ملحوظاً أن هناك أفكاراً تجريدية وتأملات تجريدية وعلاقة وجْد خاصة وفردية بين الإنسان والباري. الإمام الخميني قدس سره حافظ على هذا التراث وكان قادراً على التنظير للموضوع العرفاني باعتبار أن العرفان هو نظام في الرؤية للوجود ولمصدر الوجود والحياة.
* ماذا أضاف الإمام قدس سره إلى مسيرة العرفان؟ وما هي مميزات عرفانه؟
اعتبر الإمام قدس سره أنه طالما كان هذا العرفان إسلامياً فيجب أن يأخذ نفس السمة الموجودة في الإسلام. والإسلام لم يكن ديناً لفرد محدد أو خاطب الفرد بعينه دون الجماعة والأمة. لذلك، الإمام الخميني أدخل العرفان إلى سياق الحياة الاجتماعية والروابط بين الناس والنظم سواء كانت في الأسرة أو المجتمع أو بناء الدولة أو السياسة والصراعات. هذا المدخل الذي يمكن أن نسميه بالعرفان السياسي أو الاجتماعي هو المنحى الجديد عند الإمام الخميني قدس سره. إذ الإضافة النوعية هنا هي أن الإمام قد أدخل العرفان إلى مرحلة جديدة، وفي النقاشات التقليدية للعرفان كان الإمام قدس سره صاحب وجهات نظر لكن مدرسة الإمام الفعلية كانت في التحول الذي أحدثه في مسيرة العرفان.
* بماذا يتميز عرفان الإمام عن خط التصوف والمتصوفة؟
التصوف هو حالة زهد في الدنيا وعزلة عن الحياة، مع أخذ إطار أن له مظاهر اجتماعية خاصة، يعني يصبح للمتصوف مثلاً لباس خاص، كيفية خاصة في حلق الذقن، كيفية خاصة للمرأة في الحجاب. عند المتصوفة أذكار جماعية وطرق محددة، عندهم ما يسمونه الانتماء للتكايا. أما العرفان فلم يدخل في هذا لإطار فهو ليس حركات يمكن أن تمارس على الطريقة الصوفية. الإمام الخميني قدس سره لا يقول بزي خاص وحلقات خاصة وعزلة عن الناس، بل يقول العكس: إنه كلما ازداد الإنسان تعلقاً بقلبه وروحه ونفسه بالباري كلما ازداد اندماجاً مع الناس وسير حركتهم وهذا فارق كبير.
* ألا يعتقد المتصوفة بتعذيب الجسد بينما الإمام قدس سره يختلف عنهم في ذلك؟
إن الإمام قدس سره كان يعتبر أن الأصل هو أن نمسك بما قالته الشريعة.
* يقال أن تشكل شخصية الإمام العرفانية وما نتج عنها من إبداع عرفاني قد تم خارج الحوزة والدراسة الحوزوية الممنهجة فما مدى صحة هذا القول؟
هناك وجهة نظر تقول أن العرفان لا علاقة له بالفقه والأصول أو معرفة المعتقدات. أؤكد هنا على مسألة: إن الإمام الخميني قدس سره ينتمي إلى مدرسة كان آية اللّه الشاه آبادي أحد وجوهها البارزة وهو أستاذ الإمام وهذه المدرسة هي مدرسة السيد علي القاضي وهو أيضاً شخصية معروفة وكان يقول بأنه لا يصح لأحد أن يدخل في علم العرفان إلا بعد أن يكون قد قطع أشواطاً في معرفة الفقه... إذاً فعلاقة الفقه بالعرفان وطيدة في نفس المدرسة التي ينتمي إليها الإمام. ولكن الذين يقولون هذا الكلام لا يقولون هذا بالدقة بل يقولون بأن الإمام قدس سره لم يتتلمذ عند أحد وبالتالي فقد عمل على نفسه فقط. بعضهم يتحدث بهذا الكلام ليبرر لنفسه أنه إذا كان الأمر هكذا فأنا قادر على أن أفعل مثل الإمام. ولكن الحقيقة هي أن الإمام كان قد حصّل دراسة واسعة جداً في هذا الإطار ثم إن الفترة التي درس فيها عند أستاذه والتي وصل فيها إلى مراحل كمالية عالية كانت فترة ست سنوات وهي فترة طويلة بالنسبة لإنسان فذّ مثل الإمام.
* هل يشترط الإمام نفسه هذا التدرّج ويشترط أنه لا بد من وجود من يرعى؟
طبعاً يشترط، لا بد أن يكون هناك من يرعى، فإذا كنت مثلاً في باب الفقه بحاجة إلى فقيه ففي باب العرفان والمعرفة أنا أيضاً بحاجة إلى من يدلّني ويصبح التدقيق في هذا الإطار ولكن تبقى زاوية مفتوحة: لو افترضنا أنه لا أستاذ لإنسان ما فهل يمكن له أن يكون عارفاً؟ طبعاً هنا العرفاء متفقون على مسألة وهي قاعدة أنه من قصد العرفان للعرفان لا يصل أبداً. حسناً فماذا يقصد؟ يجب على الإنسان أن يقصد في الأصل اللَّه سبحانه وتعالى ومن كان مقصده هو اللَّه، لا ينظر حينها إلى أين سيصل أي لا ينظر إلى ماذا ستؤول أوضاعه بل يعبد اللَّه تعالى لأنه اللَّه. ويحب الباري لأنه الباري، هنا نسأل هل يمكن للَّه عزَّ وجلَّ أن يمنّ على هؤلاء بجذبة خاصة؟ والجواب هو أن هذا الأمر يصبح عند الباري عز وجلَّ ولا يمكن للبشر أن يحكموا عليه سلباً أو إيجاباً.
* حسناً، هنا ما هي موقعية المرشد أو المربّي في عرفان الإمام؟
أمر مهم، ولكنه ليس كل شيء، أقصد المربي بالمعنى الخاص للكلمة، هو أمر مهم ولكنه ليس كل شيء فالأصل هو المبادرة، مبادرة الإنسان للعلاقة مع اللَّه تعالى، أن يسلم أمره للَّه تعالى وأن لا يدّعي إدّعاءات فيها ذاتية، فبمجرد أن يدعي الإنسان ولو إدّعاء واحداً فيه الكثير من الذاتيات فإنه يسقط في منطق العرفان.
* ما هي مواصفات المربي أو المرشد بالمعنى الخاص؟
أن يكون صاحب دين وصافي النفس وأن لا تكون عنده تلك الإدّعاءات التي يريد من خلالها البروز بين الناس وأن يكون مطبقاً لأحكام الشريعة وكل تلك الأمور التي باتت معروفة.
* يقول الإمام عن المجاهدين والاستشهاديين "هؤلاء هم أهل العرفان الحقيقيون" فكيف ينظر العرفان الخميني إلى مسألة الجهاد؟ وهل يمكن لشاب في الثمانية عشر أو أقل أن يصل إلى ما وصل إليه عارف خلال سنوات وسنوات؟
إذا اعتبرنا أن الأصل في العرفان هو الفناء عن الذات والبقاء باللَّه فما هي الشهادة غير هذا؟ الشهادة هي أن يقدّم الإنسان ذاته من أجل أن تقتل في سبيل اللَّه تعالى حتى يكون حياً عند اللَّه. إذاً، يكون قد حقق المفهوم وبطريقة سريعة جداً ووصل إلى أعلى مراتبه تلك التي تحدث عنها القرآن. فلذلك كان الإمام يقول أحياناً أنه يمكن لهذا الشاب ابن الثمانية عشر الوصول إلى مكان لم يصل إليه ابن الثمانين سنة (في السير والسلوك).
* بالعودة إلى مباحث العرفان، نجد أنها تدور حول محور التوحيد ونجد أن مسائله كلها تنبثق من مفهوم وحدة الوجود كيف رأى الإمام في عرفانه هاتين المسألتين؟
بالنسبة لوحدة الوجود، فإننا إذا فهمنا من وحدة الوجود أن اللَّه والناس هم سواء فهنالك مشكلة. أما إذا فهمنا من وحدة الوجود أن اللَّه هو الأصل والأساس لكل الحياة والوجود، فنعم الإمام الخميني قدس سره من القائلين بهذا المعنى وهو أن كل الوجود هو مظاهر لتجلي الباري سبحانه. بالنسبة للتوحيد فهذه أعمق حالة وهي أن كل الوجود هو مظاهر لوحدانية الباري سبحانه وعندما تصير كل معاني الحياة مأخوذة من أنعم اللَّه ولطائفه فهذا عمق معاني التوحيد.
* مسألة الإنسان الكامل وولايته من المسائل المحورية في العرفان فكيف رأى الإمام في عرفانه هذه المسألة على ضوء كتاب مصباح الهداية؟
طبعاً، الإنسان الكامل هو الإنسان الذي قد وصل من بعد السير والسلوك إلى أمرين: الأمر الأول هو أن يفنى عن ذاته والأمر الثاني أن يكون بقاؤه باللَّه "فني عن ذاته فبقي باللَّه" أي ترك ذاته وبقي باللَّه فيصبح حينها كل تصرّف منه مستمداً من وعي ومستمداً بدوره من اللَّه تعالى. هذا ينطبق عليه اسم الإنسان الكامل. هذا المعنى للإنسان الكامل إذا وصل إلى درجة الولاية على الناس يصبح حينها الدرجة الأكثر ترقّياً وهذا هو الذي نظر إليه الإمام في مصباح الهداية.
* غيّر عرفان الإمام قدس سره مفهوم التخلّي والتحلّي في تهذيب النفس تغييراً جوهرياً فكيف كان ذلك؟ وهل أحدثت هذه النظرة الخمينية الجديدة للمفهوم نقلة نوعية على صعيد السير والسلوك تربوياً؟ هناك ثلاثة مستويات يمكن الحديث عنها مستوى التخلي عن الرذائل ومستوى التحلّي بالفضائل ومستوى التجلّي وذلك عندما تصبح هذه النفس صافية تماماً فتصبح مورداً لانعكاس الفيض الإلهي عليها. هذه الحالة لها طريقان:
1- طريق يعمل له علماء الأخلاق الذين يعتبرون أن التخلّي يكون بترك الأخلاق الفاسدة والتحلّي هو التحلّي بالأخلاق الفاضلة استقبالاً واستعداداً للتجلّي.
2- أما عند خط العرفاء الذين يمثل الإمام الخميني قدس سره أحد رموزهم المهمة، فإنهم يعتبرون أنه لا داعي لهذا التفصيل أي يقولون أنه لا بد للنفس أن تتخلّى عن ذاتها وتتحلى بالفضائل حتى تتجلى فيها النعمة الإلهية لكن هل هناك من داع لهذه المراحل؟ فنياً أي عند الكلام عنها نظرياً نعم ممكن لكن في الأسلوب والممارسة فإنه من الممكن لإنسان ما في ساعة واحدة أن يقلع شجرة الدنيا من نفسه ويفنى في الباري عزَّ وجلَّ ويمكن أن يبقى العمر كله على نفس هذا المنوال. إذاً، الخط الذي تكلّم عنه الإمام هو خط "عدم مرحلة الأمور" وهو خط فيه اتجاه يسمى بالسير والسلوك وليس اتجاه علم الأخلاق.
* كيف يرى الإمام قدس سره مفهوم المحبة عملياً في عرفانه؟ وهل اعتبر حب الدنيا نقيضاً لتلك المحبة؟
موضوع المحبة عند الإمام أو كل العرفاء بالتالي هي النقطة المركزية. والمحبة هي ذلك الذوبان الذي إذا أردنا الحديث عنه بلغة العقل يمكننا الإشارة إليه لكن لا يمكننا ضبطه أو توضيحه، هناك إشارة من البعيد له فقط. على ضوء ذلك فإن سير وسلوك الإنسان الذي يريد أن يكون عارفاً مبنياً على كل مستلزمات الحب للباري سبحانه وبالتالي يصبح الحب دين العشاق أو الطريقة التي يتواصل بها العارف مع ربه سبحانه وتعالى. أما بالنسبة لحب الدنيا، فإذا كان المقصود بالدنيا هو العلاقة بالدنيا فنعم حب الدنيا هو نقيض ذاك الحب أما إذا كان المقصود بالدنيا أنها هي مصلحة البلاد والعباد فهي من نعم اللَّه تعالى وإذا كانت من نعم اللَّه تعالى فالإنسان يحب ما في الدنيا ويتصدى لما في الدنيا لا لذاتها بل بما هي أمر من نعم اللَّه سبحانه، ومن تجلياته.
* كيف ينظر الإمام قدس سره إلى مسألة المشاهدات عند السالك والتي تتأتى من كشف الحجب جراء تهذيب النفس وكذا كيف ينظر إلى مسألة الكرامات؟
إن أقل مسألة تعرّض لها الإمام ولم يتكلم بها هي مسألة الكرامات بالمعنى المتعارف لدينا من الحركات التي تتضمن إعجازاً لحدود سنن الطبيعة ولكنه اعتبر أن الكرامة الكبرى أو صاحب العرفان الحقيقي هو ذاك الذي يستشهد في سبيل اللَّه، هو ذاك الذي يبتلى في سبيل اللَّه، ذاك الذي يضحّي، ذاك الذي يحيي أمراً من أمور آل بيت محمد صلى الله عليه وآله. الآن ماذا نسمي تلك الأولى؟ من الممكن أنها في جزء منها كرامات. هذه الكرامات قد تحصل عند البعض ولكنها ليست مقتصرة على المتديّن. هذه الأفعال نسميها "كرامة" إذا صدرت عن متدين مخلص ولكنها من الممكن أن لا تكون "كرامة" بل تكون عبارة عن أمر فيه شعوذة وسحر نتيجة رياضة روحية معينة (عند غير المتدين).
* والمشاهدات هل هي دليل على صحة السير والسلوك؟
طبعاً دليل ولكن المشاهدات الحقّة أي الشهود الحق، يبقى أن يشاهد أحدهم شيئاً بسبب وسائط أخرى غير عبادة اللَّه تعالى فتكون المسألة من الوسائط الأخرى ولا يكون ما شاهده من المشاهدات الحقة.
* ما هو معيار المشاهدات الحقة عند الإمام؟
لمعرفة صحة المشاهدات معايير منها: أن يكون الطريق سليماً والطريق هو طريق الشريعة نفسها. ثانياً أن تكون نتائج تلك المشاهدات موافقة للحقائق الثابتة في القرآن والسنّة.
* هل يمكن للقيمين اليوم من العلماء الخروج بضوابط وموازين من الشريعة ومن عرفان الإمام نفسه للحكم على أية ظاهرة اجتماعية أو فلسفة أو عرفان وبالتالي يمكن بذلك تجنب إقفال باب المعارف العرفانية، التي لا تتم المعرفة إلا بها، في وجه ملايين العطاشى؟
نعم، ولكننا إلى الآن لا نرى عملياً هذه الضوابط والموازين للحكم وبالتالي فكأن هناك إقفالاً غير متعمد لباب المعارف العرفانية!! نعم وأمر البحث فيها سهل فكل ما لم يكن في القرآن وفي سيرة النبي والمعصوم وكل ما لم يكن في الفقه والشريعة، كل ما لم يكن في الأخلاقيات المرسومة فهو خلاف الدين. المشكلة أننا نترك الأصل ونفتش عن المسائل المعقّدة. ينقل لنا سماحة السيد حسن نصر اللَّه هنا نقلاً عن السيد القائد والمصدر المباشر هو السيد القاضي وأساتذة الإمام أنه بعد كل هذا العمر من السير والسلوك تبين لهم أن الحفاظ على مواقيت الصلاة بدقة والتوجه في الصلاة بقلب سليم يوصل الإنسان إلى القرب من اللَّه تعالى في حين أنه من الممكن أن لا توصله عشرون سنة من العمل بالسير والسلوك.
* كيف نقرأ قول الإمام في شعره "قل للمتمسك بالعقل أن يكفّ عن الكلام لأن كلامه ليس صادراً عن الوله وسكرة العشق" على ضوء الجدل القائم بين الفلاسفة والعرفاء وكيف ترجم الإمام هذا القول في عرفانه؟
لا يمكن للعقل الحديث عن الباري إلا بالإشارة والإشارة تكون من مكان بعيد أما الوله والعشق فالمقصود بهما أن الإنسان يعيش مع من يحب لذلك فإن اللغة الفعلية هي لغة الوله والعشق والحقيقة الفعلية هي حقيقة الوله والعشق عند المحبوب الذي هو اللَّه. يعني يمكن أن نقول أن الأساس هو لغة الروح؟ نعم الأصل هو القلب والروح
_ هل قال الإمام في شعره ما لم يقله في أي مكان آخر فكان شعره هو التجلي الأوضح لتلك الشخصية العرفانية العملاقة؟
لا أعتقد أن الإمام كان له وجهان في الفهم العرفاني بل كان له وجه واحد يستخدم نفسه إلا أن حالة الوجد العالية جداً تبرز في الشعر واللغة الرمزية الموجودة فيه. وهو قد أدى هذه المعاني باللغة الشعرية المتضمنة لكثير من الرموز الخاصة أما المضامين فكانت سهلة المنال، وكانت في كتاباته وفي فعله كما في شعره.
_ إلى أي مدى تجدون من الضروري تبسيط العرفان الخميني وكتابته بشكل معاصر وتقديمه في الإعلام وسواه؟
أنا مع فكرة أخرى، وهي أن لا نتكلم عن العرفان كعرفان بل أن نعالج موضوعاتنا بطريقة روح العرفان الصافية، روح العرفان المحمدي الأصيل المبني على نهج الإمام، نعالج مثلاً مواضيع الأخلاقيات ضمن هذه الروحية، نعالج مشاكلنا الاجتماعية ضمن هذه الروحية، مشاكلنا الأسرية والتربوية ضمن هذه الروحية، إذا ما قمنا بذلك يمكن لهذا الأمر أن يكون أفضل من الكلام من مسألة قريبة إلى الشعر لأن الحديث اليوم عن العرفان بات كالكلام عن صورة جميلة تكتب حولها القصائد. فإذا ما كان العرفان هو الحياة، فلنرَ مفاصل الحياة ونعالجها بروحية الباحث العرفاني وساعتئذ ندخل نسمات هذا العرفان إلى هذه المفاهيم والمواضيع والمعالجات بطريقة أخرى. إن مسألة معرفة المصطلح ليست على هذه الأهمية كما يعبر الإمام نفسه.