الشيخ علي سويدان العاملي
ساءَلتُ ياطَرَ عن بُعدٍ وعن كثب
ماذا اعتراكِ بذي الأزمان والحقَبِ
قالت وأحشاؤها بالحزن مفعمةٌ
دعني وهمِّي وحزني يا أخا العربِ
إن الرّياض التي قد كُنتَ تعهدُها
صارت يَباباً وماتت كَرمَةُ العنبِ
وجاء قومٌ ذَوُو بطشٍ لهم نَشَبٌ
وصادَروا الحِرش في كَسبٍ وفي سَلَبِ
وقد أشادوا على الأطلالِ ما اقترفوا
وروّعوا الطير من لغطٍ ومن صخبِ
أكُنتَ في سفرٍ إذ جئت تسألني
مُذ أبعدتكَ يد الأطماع والإربِ؟
فقلتُ والحزن والآهات تعصف بي
أضحيتُ مثلَكِ مقطوعاً من النسبِ
فكلُّنا يشتكي جوراً ألمَّ به
ولزَّنا الظلم أسواطاً من اللهب
يا أرضُ إنَّكِ قد أورثتِنِي شَمَمَاً
مثل الجبالِ ارتَقَت في سَهلِكِ الخَصِبِ
غادرتُ تُربَكِ معذوراً بلا مَللِ
ورُحت أقصدُ أقواماً ذَوي حَسَبِ
كانوا سيوفاً على باغٍ وُمغتصبِ
من الكرام ذُرى العَلياءِ دارتُهُم
بالعلم والحِلم لا بالمال والذَّهبِ
هم قمةُ المجدِ في جودٍ وفي أدبٍ
وجدُّهم سيدٌ للعُجم والعربِ
وللكرام دلالاتٌ تُعَرِّفُهم
مثلَ النجوم تُنيرُ الأرض بالشُّهُبِ
إنَّ الأكارمَ لَم تَبخل بنجدَتِها
إن كُنتَ في مَحنة أو كُنتَ في كُرَبِ
إنَّ الرجالَ رجال الحربِ تَشهَدُهم
ويأنفونَ صنوف اللَّهو والطَّرَب