السيد سامي خضرا
يستحب الإكثار من التلاوة القرآنية، ومهما كثرت فليست بكثير، ورُوي عن التابعين والصالحين العجب في ذلك، حيث اختلط القرآن بحياتهم اليومية وكلماتهم العادية، فيرجعون إليه ويستشهدون به في كل ساعة وآن. وأقل القليل، جلسة قرآنية يومية، تعبير وفاء وولاء. ورد في الكافي الشريف عن مولانا الصادق عليه السلام:"القرآن عهد اللَّه إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية".
وهناك جملة آداب ومستحبات لتلاوة القرآن الكريم، ومن جملتها الترتيل وتحسين الصوت والتباكي، من الضروري فهمها في زمن دخلت فيه الشبهات حتى أصبحت مبرَّرة ومعتادة! يستحب أكيداً الترتيل، الذي يُساعد على التفكر كما التأمل في كل آية وكلمة، لقوله جلَّ جلاله ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا﴾ (المزمل: 4). وقيل في تعريف الترتيل: حفظ الوقوف، وبيان الحروف. وهذا المعنى رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام. وعلى كل حال، لا بد في الترتيل من التمهُّل والهنيهة، وأن يكون على وضوح، بحيث لو أراد السامع عدَّ الحروف لفعل، كما رُوي في قراءة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. يستحب تحسين الصوت، بل تحزينه، وهو أقرب إلى التأثير في القلب. رُوي عن مولانا ومقتدانا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله:"إنَّ من أحسن الناس صوتاً بالقرآن، الذي إذا سمعتموه يقرأ، حسبتموه يخشى اللَّه".
وكان علي بن الحسين عليه السلام أحسن الناس صوتاً بالقرآن وكان السقاؤون يمرون فيقفون ببابه يسمعون قراءته. وعن مولانا الصادق عليه السلام:"إنَّ القرآن نزل بالحزن، فاقرؤوه بالحزن". يستحب الإكثار من التلاوة في البيوت، ولا يخفى تأثير ذلك على ساكنيه، خاصة النَّشأ الجديد منهم، وفي ذلك بركات لا تُحصى. رُوي عن مولانا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله:"نوِّروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبوراً كما فعلت اليهود والنصارى... فإنَّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، واتَّسع أهله، وأضاء لأهل السماء، كما تضيئ نجومُ السماء لأهل الدنيا".يستحب البكاء أو التباكي المؤدي إلى الخشوع الحقيقي، قال اللَّه سبحانه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ...﴾ (الحديد: 16).
ورُوي عن مولانا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله:"اقرأوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، ليس منا مَنْ لم يتغنَّ بالقرآن". (واضح أنَّ المقصود بالتغني تحسين الصوت الذي لا يصل إلى درجة الغناء المحرم). وفي نص آخر دعوة لقراءة القرآن بألحان العرب وأصواتها مع التحذير من لحون أهل الفسق وأهلِ الكبائر. وعنه صلى الله عليه وآله:"ما من عين فاضت من قراءة القرآن، إلاَّ قرَّت يوم القيامة". ونختم بما قاله صلى الله عليه وآله:"إني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن".